د.عارف عبد. الكلدي
د.عارف عبد. الكلدي

خواطر يمنية من مقابلة الأمير محمد بن سلمان

تابع اليمنيون باهتمام بالغ مقابلة القناة السعودية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمناسبة الذكرى الخمسية لرؤية 2030م الخاصة بتطوير دولة المملكة العربية السعودية.

 

ربما كانوا هم وبقية الخليجيين بعد السعوديين في درجة الاهتمام بهذه المقابلة، وذلك لاشتراك الجميع في سُكنى جزيرة العرب، وشعورهم الطبعي أن أي تغيير في أرض الجزيرة لابد وأن يطال الجميع، لاسيما وأن كثيرا من اليمنيين كانوا ولازال الكثير منهم يعملون في سوق العمل السعودية. 

 

نعبر كيمنيين عن سعادة بالغة أن نرى دولة إسلامية عربية جارة شريكة لنا في جزيرة العرب تطمح لتكون دولة كبرى تنافس الأقطاب العظمى. 

 

 ونعبر عن سعادة مضاعفة بتباشير التقارب السعودي التركي، وننظر إليه في سياق تعزيز التعاون الإسلامي داخل مجموعة العشرين، وهو الأمر الذي ينعكس علينا مباشرة في الدول المتأخرة التي تعاني من سيطرة القوى الاستعمارية الإمبريالية. 

 

المذيع الذي يبدو أن وراءه مؤسسة مختصة برؤية 2030 طرح في المقابلة كل ما يتعلق بالمناسبة،  وبالطبع كان موضوع اليمن أحد الموضوعات المطروحة. 

 

طَرْحُ موضوع اليمن في سياق رؤية 2030م فيه دلالة واضحة على أن تسوية العلاقة مع اليمن ضرورة بالغة للمملكة،  وإنها إن لم تحل هذا الملف بالعدالة والمصلحة المشتركة فإن اليمن سيكون الجرح الغائر الذي ستنزف منه تلك الرؤية. 

 

ليس من شك -والسعودية  تضع هذه الخطط الطموحة-  أن هناك قوى كبرى منافسة تحاول عرقلتها وإفشالها وستتخذ من الوضع غير المنطقي وغير الطبيعي في العلاقة بين سكان جزيرة العرب ولا سيما في الجزء الجنوبي الغربي منها (اليمن) قاعدتها لتنفيذ مهام العرقلة والإفشال. 

 

وليس من شك أيضا - بعيدا عن التدخلات الخارجية المنافسة- أنه لا يمكن أن تنمو دولة نموا حقيقيا وأختها الصغيرة التي تمتد حدودها معها في مساحة شاسعة والتي هي شريكتها في الأرض والعرق والدين واللغة تزداد تخلفا، ولا سيما إن كان من أسباب تخلفها تدخل شقيقتها الكبرى. 

 

كان الأمير موفقا في الإجابة باستخدام المنهج التاريخي، إذ بيّن أن هذا الملف قديم ومزمن ومتجدد منذ ثلاثينيات القرن العشرين، أي منذ أن كان الملك عبدالعزيز يحاول توحيد جزيرة العرب في دولة واحدة، وقد ذكر أنه بعد كل محطة من محطات التوتر ينتهي الطرفان إلى تسوية من نوع ما. 

 

السعودية حاليا تنتقل نقله نوعية كبيرة، وهي بحاجة ماسة إلى أن تنتقل في ملف العلاقة مع اليمن نقلة حقيقية استراتيجية عادلة تتناسب مع طموح المملكة لتكون دولة تنافس الأقطاب الكبرى. 

 

لا يمكن أن يسوَّى هذا الملف بالظلم، وكل التسويات القديمة كان فيها إجحاف بحق اليمن واليمنيين وجمهوريتهم، وهو الذي جعل الجروح تنكأ بين الحين والآخر. 

 

 كرأي عام يمني يشعر بالمسؤولية نطالب وبقوة بتأسيس شراكة بين الدولتين من نوع جديد، نتشارك فيها في الطموح على أساس ان تكون أرض جزيرة العرب كلها مشتركة في التنمية المستدامة. 

 

للأسف الشديد نشعر أن الكثير من أعضاء حكومتنا ومساعديهم ونواب شعبنا المنتخبين في انتخابات حصلت في وقت الاستبداد والفساد، والذين يعيشون في عاصمة الانقلاب وفي الرياض وعواصم العالم ليسوا على قدر المسؤولية، وأن اهتمامهم بذواتهم الشخصية أهم عندهم من الوطن وهموم الشعب. 

 

من منبر الرأي العام نخاطب القائمين على الشرعية اليمنية في السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية وفي الأحزاب ومكونات المجتمع بأن يكونوا على قدر المسؤولية،  وأن يكونوا من الشجاعة والحكمة في مخاطبة المملكة على قدر وطنهم الكبير. 

 

ونخاطب صناع القرار في المملكة السعودية وعلى رأسهم جلالة الملك وولي عهده الطموح إلى أن الشعب اليمني غير مقتنع بأداء ممثليه في الرياض. 

 

ومع هذا فإننا نرفض رفضا قاطعا إعادة البرمجة إلى ثلاثينيات القرن العشرين وإعادة كيانات كهنوتية وهزيلة كانت ترضع من الاستعمار قد أثبت التاريخ فشلها وضررها. 

 

ستون عاما من عمر الثورة والجمهورية خلقت أجيالا تتقدم نحو العصر ولا ترجع إلى الفشل، ووعيها يزداد يوما بعد يوم، ولا سيما في العشر السنوات الأخيرة التي عصفت أذهانهم، وأيقظتهم من غفلة عميقة.

 

نسأل الله الازهار والتنمية المستدامة لجزيرة العرب، ونتمنى للمملكة النجاح العظيم والاستقرار الدائم، ومن الاستقرار بالطبع شراكة عادلة مستقرة مع دول شبه الجزيرة العربية وعلى رأسها اليمن، تحت ظل الإسلام الذي هو العنوان الأسمى لجزيرة العرب.