في الوقت الذي أصبح فيه أولياء الأمور أكثر وعيا بأهمية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة وأثره الكبير على أطفالهم والمجتمع ككل، فلنتوقف قليلا ونفكر في الأساسيات المرتبطة بكيفية دعم نمو أطفالنا منذ سنيهم المبكرة عن طريق التحفيز، والتواصل، والأهم اللعب، بهذه العبارات بدأ مكرم بو خير، مدير الاتصال في دبي العطاء حديثه عن الآلية التي يجب أن نتبعها حتى نعيد الطفولة إلى أطفالنا. وتابع:
الطفولة المبكرة: وضع الأسس للمستقبل
تشكل السنوات الأولى من حياة الطفل الأساس لنموه في المستقبل بأكمله. ويكون تطور الدماغ هو الأسرع أثناء السنوات الأولى من حياة الطفل ويرتبط مباشرة بنموه البدني. ويشكل دماغ الطفل أكثر من مليون رابطة جديدة كل ثانية، وهي وتيرة لا تتكرر مرة أخرى خلال حياته، كما يتكون أكثر من 80% من الدماغ في عمر 3 سنوات. ومثلما نزود أطفالنا بالغذاء الملائم كي ينموا، فإنهم يحتاجون إلينا أيضا للمشاركة في الرعاية وتحفيز التفاعل. ومن خلال القيام بذلك منذ أيامهم المبكرة، فإننا نؤسس لنموهم السليم ونساعدهم على تحقيق إمكانياتهم بالكامل.
ويعد التواصل أحد الطرق المهمة لدعم نمو أطفالنا. وتعتبر اللغة جزءا أساسيا من نمو الطفل. يبدأ الأطفال في الاستماع قبل ولادتهم، إذ يبدأون بسماع الأصوات في الأسبوع 18 من الحمل، وبالاستجابة للضوضاء أو الأصوات في الأسبوعين 25 و26، ويمكنهم حتى التعرف على صوت أمهم في الربع الثالث. ويستغرق الأطفال عاما على الأقل قبل أن يبدؤوا بالكلام، ولكن تعرضهم لأصوات الأب والأم والبيئة المحيطة بهم يمكنهم من فهم تركيبة اللغات في مرحلة مبكرة. وعندما نستجيب لحديث الأطفال غير المفهوم والتمتمة، خاصة في السنوات الأولى، نشجعهم على التواصل الثنائي ونسمح لهم بتطوير قدرتهم على الاستماع والتواصل والتعبير عن المشاعر وفهمها. ولهذا السبب، يجب علينا أن نتحدث مع أطفالنا الصغار بطريقة بسيطة ولكن واضحة، وذلك باستخدام جمل مركبة بشكل كامل ومفردات غنية، وبالتأكيد تفادي التبسيط المبالغ به لأحاديثنا معهم.
التعلم من خلال اللعب: الأسلوب المفضل لدماغنا
يمكننا أيضا أن ندعم نمو أطفالنا الصغار من خلال الاعتراف بالدور المهم للعب في حياتهم والذي غالبا ما يتم الاستهانة به. وقد قالت الكاتبة الأمريكية ديان أكيرمان: "اللعب هو الطريقة المفضلة لدماغنا للتعلم". وحين نفكر بتعلم أطفالنا الصغار، عادة ما نتخيل مقاعد دراسة، وألواحا بيضاء وتمارين. ومع ذلك فإن الحقيقة هي أن الطلاب في مرحلة التعليم المبكر وكذلك طلاب المدارس يتعلمون – وأحيانا يتعلمون بشكل أفضل – من خلال ممارسة ألعاب مثل "الغميضة"، وتأليف القصص وحتى "التسبب بالفوضى" بطلاء الألوان. لذلك علينا أن نعمل في المنزل كما في المدرسة من أجل ضمان تشجيع الأطفال على اللعب والتعرض لكل جوانب الحياة التعليمية للعب.
ومن الناحية المثالية، يجب أن تحتوي البيئة التعليمية للأطفال على مجموعة متنوعة من مساحات اللعب، وذلك من أجل تحفيز قدراتهم المتنوعة. على سبيل المثال، توفر مساحات اللعب الخارجية للأطفال الفرصة لكي يقوموا بأنشطة جسدية ويصلوا بقدراتهم البدنية لأقصى حدودها، فيما تتيح لهم مساحات اللعب القائمة على الخيال إطلاق العنان لإبداعهم وفضولهم، ما يساعد على تطوير مخيلة الأطفال ويصقل قدرتهم على تصور الحلول. وتكتسب الألعاب البدنية أهمية خاصة، حيث تعتبر اللياقة البدنية اليوم بذات أهمية اللياقة الذهنية لنموهم. ونحن كأولياء أمور بحاجة إلى تعزيز مهارات أبنائنا الحركية من خلال المشاركة معهم في أنشطة بدنية مثل التسلق، والجري، وركوب الدراجات، والسباحة، وحتى ترتيب ونقل مختلف الأغراض في المنزل. لذلك، حين نجد أطفالنا يلهون داخل الوحل، أو يتسلقون الأشجار، أو يطاردون بعضهم البعض، علينا أن نتأكد أن هذه الأمور تعد دليلا على النمو الصحي.
وفي الختام أكد قائلا: وأخيرا وليس آخرا، يعتبر السماح لأطفالنا بالشعور بالملل طريقة مهمة أخرى لدعم نموهم. فنحن كأولياء أمور نستجيب عادة لشكوى أبنائنا بخصوص الشعور بالملل، ونلجأ للسماح لهم باستخدام وسائل الترفيه الرقمية مثل فيديوهات "اليوتيوب" وألعاب "الآي باد". لكن علينا أن نتذكر دائما أن الشعور بالملل والوحدة من حين إلى آخر ينمي الوعي والتأمل، ويشجع على روح الاستقلالية والوعي بالذات، كما يمنح أطفالنا فرصة استغلال وقتهم للتعرف على أنفسهم والبيئة المحيطة بهم، لذلك دعوهم يشعرون بالملل أحيانا ويتدبرون أمرهم بأنفسهم!
الأطفال هم مستقبلنا. فلنقضِ وقتا ممتعا معهم، ونتحدث إليهم، ونلعب معهم، وندعهم يكتشفون بيئتهم، وبالتالي يصبحون مواطنين لطفاء، وكرماء ومسؤولين يحتاجهم العالم.