يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، القاهرة منتصف الشهر الجاري، في توقيت تتجه فيه الأنظار صوب الملف الفلسطيني، والملف الليبي، الأمر الذي يحمل تساؤلات بشأن ما يترتب على هذه الزيارة.
وتأتي زيارة الرئيس التركي للقاهرة، بعد طي صفحة توتر مع مصر استمرت قرابة 10 سنوات، وتبلور بعض المواقف المتطابقة والمتقاربة في العديد من الملفات، المتباينة في بعضها، كما هو الحال بالنسبة للقضية الليبية والتواجد التركي في سوريا.
وفي يوليو/ تموز 2023، أعلنت جمهورية مصر العربية وجمهورية تركيا، رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء.
بشأن أهمية الزيارة، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن "الحديث عن زيارة للرئيس التركي للقاهرة، معلن منذ فترة، ما يؤكد الإعداد الجيد لها"، مضيفا أن "الزيارة تشير إلى أن العلاقات وصلت إلى مستويات مرضية، على المستويات السياسية والاقتصادية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الزيارة تفتح الباب أمام الاستثمارات التركية في مصر، كما يمكنها أن تزيد التبادلات التجارية بين البلدين".
ووفقا لمساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن "الزيارة تتناول الملف الفلسطيني، خاصة في ظل تطابق المواقف التركية والمصرية بشأن عدم تصفية القضية الفلسطينية".
كما تتناول الزيارة الملف الليبي، خاصة بعد زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، منذ أيام، حيث يتم التباحث حول عملية سحب المرتزقة من ليبيا، وهو الموقف الذي يحتاج إلى تقارب في الرؤى بشأن تشكيل حكومة للإشراف على الانتخابات، بحسب قول حسن.
وأشار إلى أن الوجود التركي في الأراضي السورية هو وضع غير مقبول بالنسبة لمصر، إذ يعد احتلالا لجزء من الأراضي السورية، تحت مظلة مواجهة الأكراد.
ولفت إلى أن التوافق بين تركيا ومصر بشأن الملف الفلسطيني، يمكنه أن يسهم في وصول المساعدات وإعادة الإعمار.
وشدد على أن مفتاح الحل في غزة هو في يد الجانب الأمريكي، الذي أصبح شريكا في الحرب، إذ باتت مطالبة (أمريكا) بتقديم ضمانات لـ"حماس" ما بعد وقف الحرب في غزة.
ويرى حسن أن "تركيا قد يكون لها تأثير على حماس وحركة الجهاد بشأن عملية التسوية الحالية، من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني من المذبحة التي ترتكبها إسرائيل".
في الإطار، قال المحلل السياسي التركي جيواد غوك، إن "الزيارة تمثل أهمية في إطار تطبيع العلاقات".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "جميع الأطراف في تركيا ترحب بالزيارة بما فيها المعارضة، التي تشجع ضرورة تطبيع العلاقات بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه بين البلدين"، لافتا إلى أن "المشاورات قد لا تتطرق إلى الملف الليبي، في مقابل التركيز على الملف الفلسطيني".
ويرى أن "المباحثات ستركز بشكل كبير على عملية إدخال المساعدات، وآليات وقف إطلاق النار وتعزيز دور مصر بشأن ما يحدث في غزة، خاصة في ظل تطابق المواقف من القضية".
ولفت إلى أن "الجانب الاقتصادي حاضر على مستوى الزيارة، لكن الجانب السياسي يحل في المقام الأول بالنسبة لتركيا والتطورات الحاصلة في المنطقة".
وارتفع التبادل التجاري بين مصر وتركيا، ليصل إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 14%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وفق بيانات سابقة، يعمل في مصر أكثر من 200 شركة ومصنع تركي، وشركات مصرية مساهمة باستثمارات تركية تتعدى 2.5 مليار دولار.
وفي عام 2021، انطلقت المباحثات بين كبار مسؤولي وزارتي خارجية مصر وتركيا، قبل أن تتوصل إلى توافق كبير أدى إلى إعادة السفراء إلى البلدين، في يوليو/ تموز 2023.