من بين الدبلوماسيين المخضرمين ومستشاري الأمن القومي الذين اجتمعوا لإجراء محادثات رفيعة المستوى في السعودية، بين الولايات المتحدة وروسيا، أمس، كان كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي.
فقد برز اسم دميترييف المصرفي السابق الذي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد ، وعمل في ماكينزي آند كو وغولدمان ساكس، كوسيط بين الكرملين والبيت الأبيض، في وقت تسعى فيه موسكو إلى مجاراة واشنطن في إبرام الصفقات.
ويشتهر دميترييف بولائه المطلق للرئيس فلاديمير بوتين، الذي تربطه به علاقات عائلية وتجارية وثيقة.
كما يحتل مكانة فريدة في هيكل السلطة الروسية إذ يمارس نفوذا ماليا ودبلوماسيا وسياسيا.
لكنه لم يمتهن العمل في أجهزة الأمن الروسية، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
صانع صفقات
فيما أوضح مراقبو الكرملين أن تلك الخلفية التي يتمتع بها الرجل، ، إلى جانب قدرته على إبرام الصفقات والعلاقات السابقة مع حلفاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جعلته عضوا رئيسيا في الوفد الروسي.
وفي قصر الدرعية في العاصمة السعودية الرياض، سار دميترييف يوم الثلاثاء الفائت، خلف وزير الخارجية سيرغي لافروف والسفير الروسي السابق لدى الولايات المتحدة يوري أوشاكوف، أحد كبار مساعدي بوتين.
أما عن اختيار هذه الشخصية ضمن الوفد الروسي فلفت أندريه كوليسنيكوف، وهو محلل سياسي مقيم في موسكو إلى أن "هذا هو زمن صناع الصفقات".
مخلص لبوتين
إلى ذلك، يتسم هذا الرجل مثل العديد من المصرفيين الاستثماريين الذين ضمهم بوتين إلى حلقته، بالبراغماتية الشديدة والقدرة على الحديث من منظور التبادلات والصفقات.
كما أنه مخلص تماما لسيد الكرملين، فعلاقاته مع بوتين عميقة. حتى أن زوجته صديقة مقربة لابنة الرئيس الروسي الصغرى، كاترينا تيخونوفا، وتعمل معها في مجال الأعمال.
فيما احتل الرجل بالفعل مكانة بارزة كوسيط في تعاملات أقل رسمية تتعلق بصديق ترامب الشخصي ومبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، الذي حضر أيضاً المحادثات في الرياض.
وعندما أفرجت موسكو الأسبوع الماضي عن مدرس المدرسة الأميركي المسجون، مارك فوغل، في تبادل للسجناء، قال ويتكوف، الذي سافر إلى روسيا لإعادته إلى وطنه، للصحافيين إن "رجلا نبيلا من روسيا" يدعى كيريل كان مؤثرا في عملية التبادل.
ولد في كييف
وولد دميترييف البالغ من العمر 49 عاماً في كييف في ما كان يُعرف آنذاك بالاتحاد السوفيتي وصقل لغته الإنجليزية كطالب تبادل في المدرسة الثانوية في الولايات المتحدة.
ثم حصل على درجة البكالوريوس من جامعة ستانفورد وماجستير إدارة الأعمال من جامعة هارفارد.
حياته المهنية
وبدأت حياته المهنية في "غولدمان ساكس وماكينزي"، ثم ترأس لاحقا عددا من صناديق الأسهم الخاصة الكبيرة، وشارك في معاملات مع شركات دولية في روسيا.
في حين قدمت الفوضى التي أعقبت الاتحاد السوفيتي في موسكو فرصا، وعمل هناك لصالح صندوق الاستثمار الأميركي الروسي، الذي أنشأته الحكومة الأميركية، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، للاستثمار في الاقتصاد الروسي الناشئ.
كما عمل دميترييف لاحقا كمدير صندوق لصندوق الثروة السيادية الروسي، صندوق الاستثمار المباشر الروسي.
عقوبات أميركية
وبعد أيام من شن روسيا غزوها الكامل على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على دميترييف وصندوق الاستثمار المباشر الروسي.
فيما بررت وزارة الخزانة حينها قرارها قائلة إن "بوتين ودائرته الداخلية من المقربين اعتمدوا منذ فترة طويلة على صندوق الاستثمار المباشر الروسي ودميترييف لجمع الأموال في الخارج، بما في ذلك في الولايات المتحدة".
كذلك كان دميترييف رائداً في التسويق الدولي للقاح سبوتنيك V، وهو لقاح كوفيد-19 الروسي.
يذكر أنه منذ الأيام الأولى لرئاسة دونالد ترامب الأولى، سعى الكرملين، بنجاح متفاوت، إلى استخدام دميترييف كمبعوث يشعر مساعدو ترامب بالارتياح معه.
وقبيل محادثات الدرعية قال دميترييف إن إدارة ترامب "مستعدة للاستماع إلى موقف روسيا، ومستعدة لفهمه، وهنا يبدأ الحوار".
كما كشف أن الشركات الأميركية خسرت 300 مليار دولار بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، من دون الخوض في التفاصيل، ودعا الشركات الأميركية للاستثمار في مشاريع النفط والغاز في القطب الشمالي.