كتب/خالد الزعتري:
لاشكّ أنّ المناظر التي تتمّ مشاهدتها في العاصمة اليمنيّة المؤقّتة “عدن” وهي تغرق، وإعلان الحكومة اليمنيّة، مدينة عدن مدينة منكوبة، يطرح ضرورة البحث عن الأسباب التي قادت هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الاقتصاديّة لليمن إلى هذا الوضع المأساوي، وهي التي كانت تاريخيّاً ذات ثقل اقتصادي. حيث تعتبر مصفاة البترول في عدن من أوائل المصافي التي أُنشِئت في المنطقة، وتمّ تشغيلها عام 1954. المحافظات
وتاريخياً، كانت عدن مركزاً تجارياً رئيساً للتجارة في شبه الجزيرة العربية، إنّ ميناء عدن المرفأ الرئيسي للنقل في المنطقة، جميعها تقود إلى الفساد الذي ينخر الأنظمة اليمنية، الذي قاد المدينة، التي تحتلّ مكانة اقتصادية حديثاً وتاريخياً، إلى هذا الوضع التي تعيشه حالياً من غياب للنهضة والتنمية الحقيقة.
بجانب الفساد الذي ينخر الأنظمة اليمنيّة، نظام الرئيس علي عبدالله صالح، والشرعيّة اليمنيّة حالياً، نجد أنّ هناك أسباب أخرى أكثر أهميّة قادت عدن إلى هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه من غياب للنهضة والتنمية الحقيقية، وهي السياسات التي أرسى قواعدها علي عبدالله صالح وهي النظرة أو العقلية الشمالية التي تسيطر على النظام اليمني، والتي تحاول أن تنظر إلى المحافظات الجنوبيّة وبخاصة عدن من منطلق العمل على تجفيف ونهب موارد هذه المحافظات، وبالتالي فإنّ الأطماع تجاه ثروات الجنوبيين، هي المسيطرة على العقليّة الشماليّة وعلى طريقة إدارة هذه العقلية الشماليّة للدولة اليمنيّة.
وبالتالي فإنّ علي عبد الله صالح لم يؤسّس نظام قائم على احترام الوحدة اليمنيّة والنظر إلى جميع المحافظات اليمنية من منطلق نظرة موحدة، وإنّما أسّس نظام قائم على الانحيازيّة للشماليين، قائم على تجفيف المحافظات الجنوبيّة من مواردها وعدم توظيف هذه الموارد في خدمة تطوير وتنمية اليمن لاسيما المحافظات الجنوبية.
وأما في عهد الحكومة الشرعيّة اليمنيّة الحاليّة، نجد أنّ محاولات الإخوان للسيطرة على الحكومة وتسييرها لمصلحتهم قائمة على محاولة استنساخ السياسات القديمة التي أرسى قواعدها علي عبدالله صالح وهو ما يفسره كيفية تعاطي حزب الإصلاح الإخواني على الأرض الذي يحاول أن يجعل قضيّته الرئيسة هو الحشد باتّجاه المحافظات الجنوبيّة ومحاولة الاعتداء على عدن بدلاً من أن تكون البوصلة نحو تحرير المحافظات الشماليّة.
ما تعيشه عدن من حالة من سوء التنمية، وغياب التطوير والنهضة الحقيقية وكافة المحافظات الجنوبية خليط مابين سياسات قديمة وحاليّة، قائمة على التهميش والإقصاء لأبناء الجنوب العربي أرسى قواعدها نظام علي عبدالله صالح، وما بين محاولة استيراد هذه السياسات من قبل حزب الإصلاح الإخواني والقوى الإخوانيّة النافذة داخل الشرعيّة، ما يعني أنّ أزمة غياب النهضة في عدن والمحافظات الجنوبيّة والتي لا تتوقّف عند الغرق بسبب الأمطار وسوء البنية التحتية، وإنّما تتخطّاها إلى الخدمات بالانقطاع المتكرّر للكهرباء، السبب الرئيس خلف ذلك هو العقليّة السياسيّة الشماليّة التي يتغلغل ويتجذّر فيها الحقد والكراهية وأيضاً الطمع تجاه موارد المحافظات الجنوبية. المحافظات
إنّ ما تعيشه عدن من حالة من سوء التنمية، وغياب التطوير والنهضة الحقيقية وكافة المحافظات الجنوبية، هو ثمن الوحدة الغير متكافئة، فبينما تتمتّع المحافظات الجنوبية بموارد هائلة، وإمكانيّات اقتصاديّة هائلة، نجد أنّ العقليّة السياسيّة الشماليّة تفتقد لأدنى مقوّمات الإدارة الجيّدة التي تعرف كيف تعمل على توظيف هذه الموارد في الاتجاه الصحيح وفق مايخدم النهضة والتنمية للمحافظات الجنوبيّة.
يمكن القول، إنّ الفساد والإرهاب الحوثي هما وجهان لعملة واحدة جميعهم يعبث باليمن وبموارده ومستقبله، لايمكن تحقيق تقدّم في طريق مواجهة الإرهاب الحوثي والمشروع الفارسي في اليمن، ما لم يتوافق مع ذلك عمليّة تطهير واسعة تجتثّ الفساد الذي ينخر الشرعيّة اليمنيّة، ويعمل على تحسين أداء دورها تنمويّاً وعسكريّاً، لأنّ الفساد الذي ينخر الشرعيّة اليمنيّة لا يتوقّف على سوء إدارة الموارد اليمنية وسوء إدارة وتطوير المحافظات المحرّرة وإنّما يتخطّاها إلى الجيش اليمني. المحافظات
وانعكس ذلك سلباً على طريقة تعاطي القوّات اليمنية في أرض المعركة والمواجهة مع الإرهاب الحوثي، وهو ما قاد إلى خلق حالة من الفشل لدى القوّات اليمنيّة، وليس أدلّ على ذلك من تراجع الشرعيّة اليمنيّة في “جبهة نهم والجوف”، وهو الأمر الذي عزاه الكثيرون بجانب الفشل في إدارة المعارك إلى “الفساد”، ولعلّ وجود آلاف الأسماء الوهميّة في صفوف الجيش الوطني اليمني يعكس مدى تفشّي الفساد والعبث بالموارد داخل الجيش.