صقر الهدياني
صقر الهدياني

ليس هناك أسى يفوق أسى "الأزارق" وهي تشيّع كل يوم شبابها الأفذاذ

ليس هناك أسى يفوق أسى "الأزارق" وهي تشيّع كل يوم شبابها الأفذاذ دون ضجيج إعلامي، لا أعلم لِمَ الناس هنا في غواية طويلة عن عظمة "الأزارق"، المديّريّة الأكثر شهادة في سبيل الله.

لكم أن تتخيّلوا تفاهة المسلسلات الرمضانية التي تشغلنا، بينما ينشغل آلاف الفحول المقاتلين في جبهة الضالع الأكثر ولعًا بالحريّة والكرامة. هذا ومثله الكثير في الصفوف الأولى لا يجدون حبة تمر يفطرون بها وقت الإفطار، ولا ملابس تقي أجسادهم برد الليل، ولا كسرة رغيف يتسحرون بها، ولا أريكة تحت شجرة وارفة تظللها ليستريح أحدهم عليها حين ينهكه الجوع أو التعب!.

يرحل هذا الغلام اليافع منشغلًا بحراستنا من الأوغاد، يرحل دون أن يرى أمه منذ مدة، وهاقد أتعباها الصوم والشوق معًا وهي تنتظر عودته لتشعر بروحانية رمضان. والله كم يؤلمني رحيل هؤلاء الفقراء في ظروفٍ قاسية دون أن نشعر بهم، ننشغل بالترهات والحماقات في غفلة مرعبة دون أن نشعر بفضلهم في حمايتنا، ونظل ننشغل بعباءة الممثلة الفلانية، وشخوص الممثل الفلاني في ترفٍ لئيم!.

يقضي أخوتنا في الضالع حياة مليئة بالشقاء والدم، تغدو الأمهات نوافير من الدموع الحزينة، يصير الأباء كهوفًا خاوية من الفقد، والأخوات يعشن لحظات مرعبة ساعة الموت، لكننا هُنا نُلعن، ويسبّونا بأساليب عنصرية وحقودة، يقذفونا باتهاماتٍ ظالمة بسبب نفرين، بينما آلاف الفقراء على حدود الضالع يترجّلون فارسًا فارسًا نحو الله!. وإنَّ ألم الشتيمة الهوجاء يُعادل أضعافًا آلام توديع هؤلاء القرويون المساكين، لكن من يقنع قطيع الطيش أننا خير قرية تقاتلٍ تحت وطأة الجوع والعوز، من يقنع الناقمين أن لولانا لكانت البلاد كلها في يد من نخشى سطوته الكارثية!.

وداعًا أيها البطل، العزاء لضمائرنا النائمة عن أمجادك أنت ورفاقك، واللعنة على من يشوّه الضالع على حساب دماء أمثال هذا البطل، واللعنة مرتين وثلاثة ومائة وألف على كل من يتربّص الضالع العظيمة في زلةٍ دنيئة من بعض فاسديها.