د.عبدالمجيد العمري
د.عبدالمجيد العمري

خطاب الرئيس واتفاق الرياض

انتظر اليمنيون طويلا حتى يرون رئيسهم، ويسمعون خطابه، ، وكان المؤمل أن يسمع ثلاثون مليونا  معالجات مزمنة ، وقرارات مصيرية تغير المشهد على الأرض، لكنه أطل إطلاله باهتة كالمعتاد.

بدخول السنة السادسة ولا زال الوضع يشتد تعقيدا،  فوضع الطفل اليمني هو الأسوأ عالميا، ونسبة الفقر هي الأكثر، ومؤشرات التنمية والتعليم والصحة مخيفة ومفزعة.

وأنت ترى هادي يلقي خطابه، وبين يديه علي محسن، وبن دغر، وسلطان البركاني والطبقة المحيطة به نفس الوجوه التي كانت في صنعاء منذ ثلاثين عاما، تدرك أن لا جديد، فالحكمة غائبة عن هؤلاء لثلاثين عاما خلت، وهم من أوصل اليمن إلى حافة الإنهيار( فما في النار للظمأن ماء) 

عاث الحوثي في الأرض فسادا، وتملك رقاب الناس بالحديد والنار، وغير عقائد الناس وثقافتهم، وبات يهدد الجزيرة العربية برمتها، واستغاثت الحرائر بالشرفاء، أن يحرروهم من هذا الضيم.

للقضاء على الحوثي، وتحرير رقاب الناس من الظلم والبغي والذل، نحتاج أدوات جديدة، ومعادلات مختلفة، تبدأ من الرياض، وتنتهي في صنعاء. يخطأ التحالف حين يتعمدون تغييب هادي عن المشهد، ظنا منهم أن يمسكوا بزمام الأمور، والأمور بلا أدوات على الأرض ستظل بلا زمام، فاليمن أرض قفراء لا يعرف تضاريسها الا أهلها.

ما يريده اليمنيون من الرئيس هادي بالخصوص أن يدرك أولا واقع اليمن، وأن يخرج من قوقعته، وأن يرتفع فوق كل الخصماء، وأن يعلم أن العالم ليس هو فندق الرياض، وأن يتعاطى مع القضايا بمسؤلية.

 يوقن كثير من اليمنيين أن هادي لم يعد موجودا، وأن ظهوره فقط لاستكمال العمل من الطبقة المحيطة به، كما يدرك الكثير أن حرب الحوثي عمليا أنتهت، وأن الوصول إلى صنعاء لم يعد ممكنا، وأن العالم يبحث عن مخرج وهندسة حل بديل لأهداف التحالف العربي، بحسب كثير من المعطيات على الأرض.

فكرة الأقاليم واليمن الكبير، ورفع العلم في جبال مران، يظل كلاما مستهلكا لا قيمة له ولا ميزان، لأن المعطيات على الأرض مختلفة تماما، فالشرعية هي الحلقة الأضعف، والأكثر تنازلا واستسلاما على مدى ست سنوات.

يؤمل الجنوبيون أن يقتنص هادي الفرصة ليتفاهم مع المجلس الإنتقالي وتطلعاته بعتبارهم الطرف الأقوى على الأرض والشريك الصادق في حرب الحوثي، يؤملون أن يرسم حلا سياسيا يحفظ دم أبناء الجنوب ويوقف نزيف الحرب. 

  يدرك الكثير أن قدرات هادي الإدارية والشخصية ضعيفة، ويحمله الكثير المسؤلية التاريخية عما وصل إليه الحال، ولان الحساب والعقاب غير متاح وغير ممكن، فمن يحاكم من؟ ومن يحاسب من؟ ومن هنا سيظل المشهد مفتوحا على مصراعية، ونزيف الدم، والقهر والبؤس مستمر.