بعد ساعتين أو ثلاث من خروجي من مطعم مزدحم، شعرت ببداية تعب، وأحسست بحاجة العودة فورا إلى مسكني، والاحتماء به من تعب داهمني، ثم سريعا تلاحقت أخرى، من سخونة خفيفة في ليل اليوم الأول، وألم خفيف في الحلق في صباح أول يوم، ذهبت السخونة في يومها الأول، وبقي ألم الحلق ليومين، يختفي مساء ويعود صباحا، وإن كانت الأعراض لدي بسيطة وغير متعبة، فهي لدى آخرين وخاصة كبار السن شديدة حد الوفاة.
كان هذا الحال الصحي مفاجئا بالنسبة لي، كوني لم أعهد تعرضي لمثله طوال سنوات مضت، مما كان دافعا للتوجه إلى إجراء فحص، ليتبين لي سببه. وجاءت نتيجة الفحص إيجابية.
ما نلحظه أن كورونا تعاود انتشارها من جديد في دول عدة وفي المملكة، هذا أمر تعكسه الأرقام المتزايدة عالميا يوما بعد آخر، وإحصائيات حالات الإصابة في المملكة كذلك تتضاعف بشكل يومي، وهو أمر يحتاج إلى الشعور بمسؤولية من قبل السكان، فأخطر ما في الجائحة أننا سلمنا ضمنيا بانتهائها، أو بعدم احتمال إصابتنا بها بعد أخذنا جرعة اللقاح الكاملة، وقللنا الاحترازات، وأهملنا الالتزام بقواعد السلامة.
دول كثيرة أعادت فرض القيود، ونحن هنا لا نريد العودة إلى إجراءات تقييد الحركة، ورغم تضاعف الحالات كل يوم عن سابقه، إلا أن المخاطر والمخاوف ليست كبداية انتشار الفيروس، فأجسادنا معززة كثيرا بجرعات اللقاح السابقة، وهي وإن كانت غير كافية للتحصين الكامل ضد الإصابة، إلا أن لها دور في تقليل حدة الأعراض، وتقليل انتشار الفيروس، وحتى تقليل أيام الإصابة.
أعتقد أن من أسباب زيادة الحالات المصابة، هو حرية خروج المشتبه في إصابتهم خلال فترة ما بعد الفحص إلى ما قبل استلام النتيجة، والتي قد تمتد إلى يومين وربما ثلاثة أيام، وتعاملهم خلالها على أنهم سالمين، وبعد خروج النتيجة وظهور إصابتهم، لربما نقلوا العدوى للكثير في السيارة والمطعم والمتجر والشارع ومكان العمل.
نحن ملزمون بفعل ما يأتي من جهات الاختصاص، من باب المسؤولية لحماية أنفسنا أولا، وحماية المجتمع، قد لا تعود الدولة إلى اتخاذ كامل الإجراءات، إلا أن حتى بعضها يمثل تعطّل لمصالح كثيرة، فلا الأسر ترغب في عودة التعليم عن بعد، لما له من إشغال لهم عن وظائف أخرى، ناهيك عن عدم جدواه للمراحل الدراسية الدنيا، ولا التاجر يرغب في تعطّل تجارته، ولا أحد يرغب في العودة إلى البقاء بين جدران أربعة ليل نهار، بذلت الحكومة الكثير طوال أعوام الجائحة التي دخلت عامها الثالث، وتعطلت مصالح خاصة كثيرة، ولا يجب أن نكون سببا في تكرار ما حصل بتقصيرنا وعدم الاهتمام والالتزام بإجراءات السلامة.
سيأتي اليوم الذي نتعايش فيه مع الفيروس، كتعايشنا مع الإنفلونزا العادية، لكن هذا اليوم ليس الآن، قد يمر الفيروس مستقبلا بتحورات تحد من طرق العدوى فيه، وتقلل تأثير الإصابة به، ناهيك عن تعزيز مناعة الجسم بجرعات اللقاح المتراكمة، وإلا أن يحين هذا اليوم سيظل التعامل مع الفيروس على ذات المستوى من المسوؤلية والإجراءات المتخذة، ولو في حدها الأدنى بشكل فردي ومجتمعي وعلى مستوى الحكومات وأجهزتها المختصة.. وحفظ الله الجميع.