تمضي كومضات محمَّلة بالفخر والاعتزاز، يُسرد شريط الأحداث كلما حلَّت على الوطن ذكرى يوم من أيام الوطن العظيمة، ذكرى التحرير وتطهير عاصمتنا العظيمة عدن من وصايات السلالية وشعارات الملالية التي يأنفها اليمنيون جميعًا وتنفضها الأرض الجمهورية القائمة على كلمة الشعب المتعدد المشارب، والطامح لوطن تسوده روح النماء، والإزدهار.
بزغت شمس التطهير والتحرر من السلالة لتقشع الظلام وتنشر النور، ومرَّت بمنعطفات وتحديات تاريخية، إذ انتُزعت السلطة وسقطت في مستنقع الفوضوية على أيدي ميليشيات سلالية هوجاء مراهقة الفكر السياسي، ومشحونة بالمعتقد الحربي والاستبدادي، لتندفع بأيدولوجيا خربة ورجعية لإسقاط الدولة واحتلال الأرض،وبدعم إيراني توسعي أراد لليمن أن تسقط كاملة بيد أدواتهم العابثة، ولكن قرار الشعب كان أكبر وأعظم من طموحات أدوات إيران.
قاوم الوطن بكل أطيافه تلك الميليشيات العدائية، وكانت الحرب الخيار الوحيد للحفاظ على اليمن بأيدي أبنائه وسحب البساط من تحت المخططات الإيرانية المتمثلة في جماعة الحوثي، فكانت عدن المدينة التي تقود مسيرة القرار الوطني والاقليمي، وتتحرر من عباءة الإمامية بأيدي رجالها من أفراد المقاومة الشعبية الجنوبية ، وبمساندة مباركة من الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
لقد كان موقفنا واضحا منذ الوهلة الأولى حين أعلنا بيان السلطة المحلية في عدن ورفضنا بشدة إنقلاب صنعاء، ووقفنا مع الشرعية الدستورية المنتخبة، ومؤسسات الدولة في عدن حتى تأسيس مجلس قيادة المقاومة في عدن برفقة عدد من القادة الذي كان همهم التصدي للعدوان الغاشم وحفظ المصالح الضرورية وحماية الممتلكات العامة والخاصة والتنسيق مع التحالف العربي في العمليات على الأرض، حتى تحقيق الهدف المشترك بإسقاط القوى الانقلابية المعتدية.
يمثل يوم التحرير علامة فارقة في التاريخ اليمني الحديث والمنطقة عموما، فقد مثل نقطة تحول فارقة في التعامل مع المخططات الإيرانية التوسعية في المنطقة، ومنارًا بارزًا يوجه المسار الوطني وبارقة أمل تعيد لليمنيين حلمهم في وطن لا يتكلم بصوت الإمام الأوحد أو يخضع لنفوذ الفكر الأهوج، المليء بالدماء والقمع وثلاثية الجهل والجوع والمرض.
الدور المحوري الذي تصدرته الحبيبة عدن في أشد الظروف وأحنكها، يجعلها متصدرة المشهد لبناء مستقبل اليمن الجديد، وترميم الصدع الذي أصاب الجميع، وهو ما تثبته هذه المدينة الأيقونية مرة أخرى في احتضان الدولة، ومد جسور السلام بين الجميع، ليتخلص الوطن من العدو المشترك، وتبدأ مرحلة السلام والبناء.
من عدن أنطلقت شرارة المقاومة، وقدم أبناءها تضحيات جسيمة، ويجب ان تنال هذة المدينة دورها الريادي الذي هو واجب ومسؤولية مشتركة، يقع تحقيقها على قيادة المجلس الرئاسي والحكومة، لتستعيد دورها كمدينة للسلام والمحبة والحرية وكعاصمة للتحرير ونموذج للتنمية والاستقرار.
إننا إذ نحتفل بذكرى النصر،نتطلع لنصر أشمل، بتغليب المصالح الوطنية على الاعتبارات الفئوية، وبدء سجل يكتبه اليمنيون دون استثناء، تاركين الصراع المهلك جانبًا، ومرحبين بسلام عادل، يضمن لكل الشعب حقوقا وواجبات متساوية، وفقا للآليات المتفق عليها وطنيا.
حفظ الله بلادنا، ورحم الله شهداءنا الأبطال، وشفى جرحانا البواسل، وفك أسرانا وعلى رأسهم الأبطال وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي ورفيقه اللواء ناصر منصور واللواء فيصل رجب، وكل أسرانا القابعين في معتقلات تلك المليشيات الإجرامية.
نايف صالح البكري وزير الشباب والرياضة 26 / رمضان / 2022