نستذكر الكثير من الشواهد الدامغة التي برهنت مكانة عدن في قلوب أبنائها ومحبيها، وعظمة أبنائها، وعظمة التضحيات والمبادئ والرسائل التي انطلقت ناطقةً بالفدائية الوطنية، لتسطر بداية استعادة الدولة المبعثرة.
عاشت هذه المدينة أيامًا عصيبة صعبة على كل المستويات، وكانت تركيبة النظام المعيشي للناس مشتتة وغير مألوفة، فكل المرافق والمؤسسات عُطِّلت بفعل حرب فُرِضت على حين غفلة، وأفرزت وضعًا فوضويًا وضعنا أمام مسئولية تاريخية لحمل راية الدولة والذود عن كل الوطن في وجه ترسانة عسكرية مدججة وأفكار مؤدلجة.
وأمام تلك الفوضى العارمة كان لابد من ترتيب الصفوف وتوحيد الجهود ولملمة الشمل، وتجييش القدرات والإمكانيات نحو هدف واحد وهو إفشال المخططات التدميرية واقتلاع التمرد وخوض معركة متعددة الاتجاهات عسكريًا وسياسيًا وإنسانيًا.
ما قمنا به نحن ومجموعة من الأبطال المخلصين كان من ضروب الإعجاز، فقد أُخليت المدينة من كل مظاهر الدولة، ولم يبقَ لنا إلا الانطلاق من حبنا الغامر للوطن، تحدينا الظروف، واتحدنا لنحقق انتصارًا كنَّا نراه قريبًا رغم استحالته، وهو ما تم حقيقةً رغم الجراحات والآلام التي دفعناها ثمنُا لأجل الوطن.
حاز كثير من المخلصين شرف التضحية، والاستشهاد في معارك المقاومة والتحرير، وكانت تضحياتهم لله، بكل إقدام وبسالة، كنا نخوض المعارك العسكرية، ومعارك إدارة المحافظة وتوحيد صفوفها وترتيب معيشة الناس والتنسيق مع التحالف العربي، كلها جهود كانت حينها تحمل مشروعا واحدا، مشروع الحفاظ على وطن الجميع وعدم السماح بحاكمية الطيف الواحد.
في يومنا هذا، ونحن نستذكر تلك الأيام، نترحم على شهدائنا الأبطال الذين جاهدوا لله حق جهاده، وولوا مقبلين لا مدبرين، فنالت الأرض شرف دمائهم الزاكية النقية، وعلى رأس شهدائنا الأبطال أخواني رفقاء قيادة معركة التحرير اللواء احمد سيف اليافعي والشهيد البطل جعفر محمد سعد، وشيخ الشهداء علي ناصر هادي، والشهيد البطل احمد سيف اليافعي والشهيد البطل عبدالله الصبيحي وعدد من الأبطال امثال الزنداني والعمودي وبارويس وراوي والحسني سامح .
ختامًا، سنظل جنودًا للوطن، وسنفتح قلوبنا قبل أيادينا لكل محب وحريص لبناء الدولة المدنية المنشودة، التي تحوي الجميع تحت مظلة التعمير والبناء والتنمية، لن نتوانى في خدمة وطننا وأهلنا ، سنكون يدًا تبني وأخرى تصون وتحمي.
