التغييرات الأخيرة

شبح "الفتنة" يطيح بالحلقة القريبة من العاهل الأردني

تقارير وحوارات
قبل 3 سنوات I الأخبار I تقارير وحوارات

أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الخميس، تغييرات هامة طالت الحلقة الضيقة المحيطة به، وسط ترجيحات أن تكر سبحة التغييرات مواقع ومراكز أخرى قد تشمل الحكومة في الأسابيع القليلة المقبلة.

وصدرت إرادة ملكية بتعيين جعفر حسان (من مواليد 1968)، مديرا لمكتب الملك، وذلك للمرة الثانية حيث سبق وأن تقلد هذا المنصب ما بين 2014 و2018. والمدير الجديد للملك ذي خلفية اقتصادية، ويملك شبكة علاقات وصفت بالمهمة بحكم تجربته في السلك الدبلوماسي، كما أنه انتقل بين عدة مواقع في الحكومة والديوان الملكي في السنوات الأخيرة، وآخرها توليه منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية في عهد حكومة عمر الرزاز.

وترافق تعيين جعفر حسان مع صدور إرادة ملكية بقبول استقالة كلا من هيفاء تركي حديثة الخريشا من منصب مستشارة الملك للسياسات، وكمال قاسم الناصر من منصب مستشار الملك، وزينة زيد رشاد طوقان من منصب مستشارة للشؤون الاقتصادية في الديوان الملكي.

وجاءت التغييرات في مكتب العاهل الأردني والديوان الملكي بعد عودة الملك عبدالله الثاني الأربعاء من زيارة إلى بروكسل التقى خلالها أمين عام حلف شمال الأطلسي ورئيس المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية.

ورغم محاولة الإيحاء بأن التغييرات المعلنة ليس لها ارتباط أو علاقة بمخطط “الفتنة” الذي أعلن عن وأده الشهر الماضي، من خلال تعيين جعفر حسان مديرا لمكتب الملك وهو الرجل الذي كان عمل لسنوات تحت إمرة مستشار الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، المعتقل حاليا بسبب اتهامات له بلعب دور رئيسي في المخطط، لكن لا يبدو أن هذه المحاولة نجحت.

صدرت إرادة ملكية بتعيين جعفر حسان مديرا لمكتب الملك وذلك للمرة الثانية حيث سبق وأن تقلد هذا المنصب ما بين 2014 و2018

وتقول أوساط سياسية أردنية إن هذه التغييرات كانت منتظرة بعد الأحداث التي ضجت بها المملكة في أبريل، والتي كان أحد أبطالها ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، الذي اتهم إلى جانب عوض الله وعدد من الشخصيات العشائرية بالتورط في “المخطط”، الذي كان يستهدف استقرار المملكة، بحسب المسؤولين الأردنيين.

وكانت تلك الاتهامات أثارت ضجة كبيرة في الداخل الأردني كما في الخارج، وسلطت الضوء على التحديات التي تواجه المملكة لاسيما على الصعيد الاقتصادي الذي بات يلقي بعبئه على الوضع الاجتماعي داخل المملكة، ويهدد بأزمة ثقة في الحكم.

ودق ما حدث ناقوس خطر بالنسبة لصناع القرار، وتقول الأوساط إن التغييرات الأخيرة ماهي إلا بداية لإعادة ترتيب البيت الداخلي الذي قد يشمل حكومة بشر الخصاونة قريبا في ظل انتقادات تلاحق أداءها، وازدادت حدة تلك الانتقادات الشهر الماضي خصوصا من العشائر التي استنكرت طريقة تعاطي بعض الوزراء مع الأزمة التي وقعت.

كما ليس من المستبعد، وفق الأوساط، أن تطال التحويرات مراكز أمنية عليا في الدولة.

وتترافق هذه التغييرات مع بداية الترويج لحوار وطني يستهدف إجراء إصلاحات سياسية تتعلق أساسا بقانوني الأحزاب والانتخابات، ولا يعرف بعد كنه هذا الحوار، والطرف الذي سيتولى إدارته، في ظل دعوات تطالب الملك بضرورة أن يتولى الأمر في غياب الثقة في الحكومة.

ولم يعد الإصلاح السياسي مطلبا حزبيا فقط بل وشعبيا، حيث إن شرائح واسعة من المجتمع الأردني وفي مقدمتها العشائر ترى بأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار على ذات النموذج الحالي، الذي بلغ منتهاه.

ويستشهد المطالبون بالتغيير والإصلاح السياسي في المملكة بحال مجلس النواب الذي تحول إلى صدى صوت للسلطة التنفيذية يصادق على كل ما تطرحه من مشاريع، وبالهيكل الإعلامي التائه وهو ما برهنت عليه الأحداث الماضية، حيث اتجه الأردنيون إلى الإعلام الأجنبي لاستقاء المعلومة ومعرفة ما يدور، فضلا عن المشهد السياسي المتصحر، نتيجة عملية استهداف ممنهجة للقوى الحزبية التي باتت خارج التغطية وهو ما ترجم في الحضور الباهت للأحزاب في البرلمان الحالي.

ويرى هؤلاء أن السير في خيار الإصلاحات السياسية لم يعد ترفا، أو خطوة يمكن تأجيل البت فيها، وهو ما باتت تدركه بدورها الدوائر العليا، على الرغم من أن هناك بعض قوى الشد العكسي تحاول تمييع أي إصلاحات خشية على نفوذها، ووضعها.

بداية الترويج لحوار وطني يستهدف إجراء إصلاحات سياسية تتعلق أساسا بقانوني الأحزاب والانتخابات

وتشير الأوساط إلى أن الانطلاقة الفعلية للحوار الوطني بشأن الإصلاحات من المرجح أن تجري بعد الانتهاء من التغييرات المنتظرة وخصوصا في الحكومة، مرجحة أن يشمل التغيير موقف رئيس الوزراء.

وسبق وأن أعلن العاهل الأرني الملك عبدالله الثاني في يناير الماضي ضرورة النظر في القوانين المنظمة للحياة السياسية. وصرح الملك عبدالله في مقابلة صحافية، أنه انطلاقا من حرصه على “تعزيز المشاركة السياسية، وزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان، لابد من النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية”.

وقال “هدفنا منذ سنوات طويلة، الوصول إلى حياة حزبية برامجية راسخة، تمثل فكر الأردنيين وانتماءاتهم.. وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم، عبر إيصال صوتهم وممثليهم إلى قبة البرلمان”.