تعاني بلاد ما بين النهرين، من الإرهاب المائي الإيراني الذي يهدد حياة أبنائها وزراعاتها، ضمن مخطط للسيطرة على العراق وموارده وإبقائه ضمن نطاق الهيمنة الإيرانية.
أزمة مكتومة
ويشكل موضوع المياه أزمة مكتومة في العلاقات بين طهران وبغداد، إذ تعاني الأخيرة من فقر مائي شديد زاد من أزماتها المتراكمة، والتي يتهم العراقيون جارهم الفارسي بالوقوف وراء معظمها، وقد حذر مهدي الحمداني، وزير الموارد المائية العراقي من أن انخفاضًا كبيرًا في الإيرادات المائية تعانيه البلاد بسبب قطع إيران كميات كبيرة من التدفقات.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن تصرفات طهران تسببت في انخفاض غير مسبوق بالإمدادات المائية، أما تركيا فالإيرادات المائية تأتي على وفق معدلاتها. وأكد الوزير أن بلاده أصبحت تتصرف بحذر مع استخدام المياه الجوفية، قائلًا: «الوزارة لا تمنح أية استثمارات للمياه الجوفية إلا بعد تحديد الجهة المستثمرة؛ فإذا كانت شركات أجنبية تستثمر في زراعة المحاصيل العلفية فهذا يعني أنها ستستنزف المياه الجوفية ولا يمكن الموافقة على ذلك، كون هذا الأمر هو حق الأجيال المقبلة».
إشراك أطراف دولية والشهر الماضي دعا العراق إلى إشراك أطراف دولية للحماية من مخطط الفقر المائي الذي تخطط له طهران، ويواجه العراق تناقصًا متسارعًا في موارده المائية، فخلال العقود الثلاثة الأخيرة خسر ما يوازي نصف معدل المياه التي كان يستقبلها قبل ذلك.
وفي السنوات العشر الأخيرة خسر نحو 80 بالمائة من المياه المتدفقة إليه من إيران بعد قطعها نحو 35 رافدًا رئيسيًّا وفقًا للجنة الزراعة والمياه النيابية العراقية، كما أن طهران بصدد بناء سدود جديدة على الروافد القليلة المتبقية.
ومنذ إقدام طهران على تحويل مسار رافدي «الوند» و«الكارون»، لحقت أضرار كبيرة بالمساحات الزراعية الواسعة في محافظات البصرة وواسط وديالى في العراق.
وتعاظمت أزمة المياه، خلال السنوات الأخيرة جراء قيام الجانب الإيراني بإنشاء مشاريع وسدود على أنهار وروافد مشتركة مع العراق.
وتتوقع المؤشرات المائية العالمية، وأبرزها «مؤشر الاجهاد المائي»، أن العراق سيكون أرضًا بلا أنهار بحدود 2040، ولن يصل النهران العظيمان الى المصب النهائي في البحر، وأنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدًا في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.
ضغط إيراني جدير بالذكر أنه في عام 2011 أقرت الحكومة الإيرانية مشروعًا لبناء 152 سدًا، لسرقة المياه الداخلة إلى العراق، فيما حكومة بغداد، وعلى الرغم من التجاوزات المائية الإيرانية وتسببها في حصار مائي خانق على الأراضي الأساسية والمواسم الزراعية، لم تشتكِ من السلوك الإيراني، وفقًا للاتفاقيات الدولية التي تنظم التدفق المائي بين البلدين.
وتضغط طهران على حكومات بغداد للرضوخ لتجاوزاتها، والسكوت على سرقة المياه، مستغلة تغلغل أذرعها في هذا البلد العربي وسيطرتها على عشرات الآلاف من قواته المسلحة المعروفة باسم الحشد الشعبي، والتي تتبع الحرس الثوري الإيراني المدرج على لوائح الإرهاب، رغم أنها تتلقى رواتبها من الحكومة العراقية ويحمل أفرادها جنسية العراق.