وسع التنافس على ملكية الأراضي في العاصمة اليمنية صنعاء من قاعدة الصراع بين أجنحة ميليشيات الحوثي، مع تولي الجناح الذي يقوده محمد الحوثي مهمة مصادرة وإعادة تمليك مساحات كبيرة من الأراضي وانتزاعها من آخرين بحجة أنها أراضٍ تتبع الأوقاف أو أنها كانت مملوكة للدولة، وسط اتهامات لقيادة الميليشيات بتصفية مَن يعارضون فسادها وإدارتها للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
عبد السلام الكبسي، وهو أستاذ جامعي وكان من أبرز الذين عملوا مع الميليشيات عند اقتحامها صنعاء، وما بعد ذلك، خرج غاضباً من قيام ما يسمى الهيئة العدلية التي ابتدعها القيادي محمد علي الحوثي بمصادرة مساحات من الأراضي كانت بحوزته وأسرته.
وخاطب الكبسي قيادة الميليشيات قائلاً: ليعلم هؤلاء «أن اليمن لا يمكن أن يكون خمينياً ولا إمامياً، وأي محاولة من هذا القبيل، فاشلة». وأضاف: «ما رأينا في عهدهم خيراً، فمنذ 2015 حتى اليوم، وسلطات الأوقاف تحاول الاستيلاء على أملاكنا الخاصة. ملصاصة (لصوصية) عيني عينك».
الأمر كذلك لدى القاضي عبد الوهاب قطران الذي كان من أبرز المؤيدين لميليشيات الحوثي، حيث وصف انقلابهم بأنه «ثورة يسارية» قبل أن ينقلب إلى واحد من أشد منتقديهم، حيث علّق على اعتقال الممثلة انتصار الحمادي منذ ثلاثة أشهر بتهم ملفقة، وقال: «ثقتي ببراءة الممثلة هي كما كنت أثق بالأمس القريب، أي قبل ستة أشهر، ببراءة إخواني وأولاد عمي، عندما اقتحم مغول العصر (يقصد الحوثيين) بشرطتهم النسائية بيوتنا في منطقة همدان، من دون أوامر قضائية، ومن ثم حاولوا جاهدين، بشتى السبل، تلفيق التهم لهم، ولجأوا للتعذيب، فأثبتنا كذبهم وبلطجتهم». وأضاف: «لن ينصفوا أي مواطن أو مواطنة بطشوا به وانتهكوا حقوقه الآدمية ولفقوا له التهم الكيدية الكاذبة». وقال: «نحكم بشريعة الغاب شرعة الغلبة والقهر والجور والطغيان الفرعوني»، بحسب تعبيره.
ومنذ اشتداد الصراع بين أجنحة الميليشيات على الأموال والنفوذ، أزيح محمد علي الحوثي من المنافسة السياسية واستُحدثت له هيئة سمّوها الهيئة العدلية، مع أنه لا يوجد لها أي أساس دستوري أو قانوني، ومُنح عبرها صلاحيات السيطرة على المحاكم والنيابات ومجلس القضاء.
واتخذت هذه الهيئة قرارات ببطلان ملكية مساحات من الأراضي في صنعاء، وأوقف تحرير عقود البيع والشراء إلى ما بعد مراجعة وضع تلك الأراضي التي قال إنها تتبع الأوقاف، أو أنها من ممتلكات الدولة بما فيها المرتفعات الجبلية المحيطة بصنعاء والهضاب الواقعة في أطرافها، التي كانت قد صرفت كمدن سكنية لمنتسبي وحدات من الجيش أو الموظفين الحكوميين».