كان المطعم في بلدة سان فيليه الإيطالية في وقت الظهيرة يعج بزبائن غير مرتدين كمامات وجه، وكل طاولاته محجوزة للمعلمين وطلاب المراحل المتوسطة الذين يحتفلون بالتخرج.
الحياة هنا قريبة من الطبيعية وارتداء الكمامات أمر نادر رؤيته، ورغم كل ذلك لم تسجل البلدة أي إصابة إيجابية بفيروس كورونا المستجد.
تقع هذه البلدة الجبلية على بعد أربع ساعات إلى الجنوب من روما. وتعلق إليزابيتا تشيكا (37 عاما) عضوة بمجلس البلدة على المشهد وهي تجلس على طاولة قريبة “إنه أمر طبيعي تقريبا”، فيما يقول العمدة دوناتو سبيردوتو الذي كان في المطعم أيضا في تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” إن “كل الذين يعيشون هنا محليون، نعرف بعضنا جميعا”.
وبسبب العزلة الجغرافية والاحتياطات الأولية والحظ الجيد أيضا، لم تشهد سان فيليه أي منحنى في الإصابة بالفيروس حتى الآن.
ويدرك المسؤولون المحليون أن خلو البلدة من الفيروس لا يعني انتهاء الخطر، فإصابة شخص واحد قد تفتح بابا للوباء. ويقول سبيردوتو “خوفنا من هؤلاء الذين يأتون من خارج البلدة”.
وتروج سان فيليه لنفسها على أنها وجهة سياحية خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث يأتي الزوار إليها في الصيف بأعداد كبيرة، لدرجة يتضاعف فيها عدد السكان بشكل مؤقت، حيث يتجول السياح في وسط البلدة لمشاهدة معالمها وغاباتها وشلالاتها.
وشهدت البلدة على مدار القرن ونصف الماضي الماضيين انخفاضا في أعداد سكانها 2800 نسمة وهو ربع ما كان موجودا قبل هذا الوقت. فغادر معظم الشباب إلى كلياتهم أو الوظائف، ويعودون فقط لزيارة والديهم المسنين.
أما المنطقة الأكبر، باسيليكاتا، والتي من ضمنها مدينة سان فيليه، لم تسجل إلا 401 حالة إصابة وحالتين إصابة فقط الشهر الماضي، ووفاة 27 شخصا.
ومع وجود إصابات حول البلدة، كان السكان قلقين لكن الإغلاق في عموم البلاد أنقذ البلدة لعدم دخول غرباء من خارجها.
اتخذت البلدة احتياطات بكل طريقة ممكنة، فحظرت دخول الناس إلى الصيدليات، وأكدت توصيل الوصفات الطبية إلى المنازل، كما أجرت اختبارات الفيروس للمتطوعين والشرطة وجامعي القمامة ولأي شخص له اتصال بآخرين.
وكان الإغلاق الوطني قد أوقف معظم الحركة وحافظ على جنوب البلاد من الكارثة التي شهدها الشمال.
لكن مع تخفيف إيطاليا القيود التي كانت مفروضة على السفر بين المناطق في البلاد في الثالث من يونيو الجاري، كما أنها مفتوجة حاليا أمام المسافرين عبر أوروبا، فإن بعض سكان سان فيليه الذين نشأوا وترعرعوا فيها لديهم الفرصة الآن للعودة لزيارة والديهم بعد شهور من الإغلاق، وهو ما يسبب قلقا لدى بعض السكان.
ولا تلزم التعليمات الوافدين إلى البلدة إبلاغ السلطات المحلية مسبقا، ما يضع المدنية تحت اختبار خلال الفترة المقبلة.
والأحد الماضي وبالتحديد في العاشرة صباحا، توقفت أول حافلة سياحية في البلدة بعد عودة الفتح في البلاد جالبة مجموعة من 23 شخصا من جميع أنحاء جنوب إيطاليا. وكان معظمهم يرتدون أقنعة وكمامات وجه.