ماذا يفعل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتين غريفيث في اليمن؟

محليات
قبل 3 سنوات I الأخبار I محليات

منذ بداية المأساة اليمنية التي تعيد إلى الأذهان تغريبة بني هلال ومبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن يأتي وآخر يذهب. مبعوث يأتي فيبدأ في استطلاع المواقف والأوضاع على الأرض وطبيعة العمل الذي سيوكل إليه. فيجد أن دائرة عمله لا تخص الأمم المتحدة وإنما الدول التي تدفع وتمول. ويبحث عن مستويات الرقابة ومواصفاتها في مجتمع اللادولة المفتوح على كل الاحتمالات فيجدها معدومة بسبب طبيعة الحرب الدائرة. ويتعرف عن كثب على نفسية اليمنيين. فيكتشف سلميتهم وتواضعهم مع ضيوفهم. ويتفاجأ في نهاية المطاف أنه لا يوجد فيهم صاحب قرار. بعد أن قيدوا أنفسهم بالخارج. وسلموا رقابهم لدول تعبث بهم. وتتحالف فيما بينها لإبقاء النزاع بين اليمنيين مستمرا يخدم مصالحهم ويحافظ على استمرار تدخلهم في اليمن واستمرار بيع السلاح إلى هذه المنطقة الملتهبة.   أرواح الأبرياء   فيغرق بعد ذلك في محيطات أوحال أزمة اليمن عندما يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين المنتفعين هم أنفسهم الذين حاصروا كل من سبقه. وترضى عنهم دول التحالف. وهي من يرشحهم للعمل معه أصلا. فلا يجد بينهم صاحب قرار يرشده. أو يصارحه، أو يواجهه. وبصريح العبارة فإن الميزانية الضخمة المخصصة له وللعاملين معه تجعله يغلق فمه أمام الدافعين من صانعي الأزمة اليمنية. وتشجعه على القيام بتضليل المجتمع الدولي. ومن ثم السكوت والنوم باطمئنان. ويصبح دوره مجرد شاهد زور لا يرى ولا يسمع. وهو الدور المتفق عليه معهم قبل تعيينه مع فريق عمله. ويبقى على هذا الحال حتى انتهاء مدة عمله. بينما تستمر الحرب في البلاد في التصاعد حاصدة آلاف الأرواح. ومن لا تقتله الحرب يموت من الجوع أو المرض. بانتظار وصول ممثل جديد. الحرب مستمرة تحصد أرواح الأبرياء وقد تدوم سنوات وسنوات أخرى من الحرب! المهم في كل ذلك هو أن تتحقق مصالح الدول ذات المصلحة الحقيقية من هذه الحرب حتى نهايتها! وفي الواقع أنه أصبح اليوم لا يسمع ولا يرى ما يدور في اليمن. وابتعد عن الدبلوماسية التي من المفروض أن تدفعه إلى الجلوس مع اليمنيين لتبادل الآراء وفتح باب الحوار حول أوضاع ومستقبل بلدهم. فأصبح يتجاهل أصوات اليمنيين الذين يحاولون توضيح الصورة له. ويستخف بآرائهم التي لا تصل إلا إلى مكتب أحد صغار موظفي مساعديه. ولا يفتأ يذكرهم أن عليهم أولا الحصول على تزكية التحالف من أجل التواصل معه. أو حتى لمجرد إرسال رسائلهم إليه. ويقوم موظفوه بتحديد مجموعة من الأسئلة لكي يجيب عليها اليمنيون بنعم أو بلا. ومن ثم يقدمها للعالم ضمن تقاريره حول الوضع في اليمن! إن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، الذي أصبحت صلاحياته ومخصصاته وما ينعم به من عز يضاهي ما يتمتع به رجل دولة. وتفوق مصروفاته مصروفات بعض أمراء الدول النفطية. وكلما انتهت الميزانيات المرصودة له. ولمنظماته المهاجرة معه في عمان، مثله مثل الشرعية المهاجرة في الرياض منذ خمس سنوات. تم استدعاء مؤتمرات المانحين باسم اليمن للإيفاء بمتطلبات واحتياجات والتزامات مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة حتى أصبحت هذه المؤتمرات تجرح مشاعر وكرامة اليمنيين… ويحدث كل ذلك في الوقت الذي يعرف فيه جيدا أنه يخدع العالم كله. وأنه في قرارة نفسه متأكد من فشله الذريع. الذي يشعره إلى حد ما بالقلق ليس لكونه فشل في مهمته بل من أجل التساؤلات المحرجة التي تنتظره لاحقا للإجابة عنها أمام المجتمع الدولي. وفيما لو أعيدت كتابة تاريخ هذه المرحلة ودوره كمبعوث فيها! فهذا الموظف الكبير في الأساس هو رجل متقاعد. تاريخه محدود ولا مستقبل ينتظره. إلا رضاء البلاط البريطاني عنه يوما ما إذا ما قررت بريطانيا تكريمه لخدماته الجليلة التي قدمها لها في اليمن.   مبادرات هزيلة   فبعد كل هذا الاستخفاف بالعالم وبعقول اليمنيين الذين يعرفون تمام المعرفة ما يدور على أرض وطنهم بالتفاصيل المملة يقوم هذا المبعوث بتقديم مبادرات هزيلة لتحقيق السلام في اليمن. وللتهرب من استحقاقات هذه الحرب أمام اليمنيين. وبعد الصمت المريب الذي يمارسه تجاه ما يحصل من انتهاكات عسكرية ولحقوق الإنسان وكرامته في اليمن. وبعد تمدد واستقواء جميع الأطراف المسلحة التي ظل التحالف يضخمها ويقويها ضد اليمنيين خلال سنوات الحرب. بدأ الغمز واللمز يتزايد عند كثير من الأطراف الدولية حول طبيعة عمله. وبدأ الكلام ينتشر على صفحات المواقع الإخبارية عما فعل ويفعل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن وحقيقة دوره. وبدأت الصورة تتضح أكثر وأكثر وخصوصا بعد الكشف مؤخرا عن مقدار ميزانيته المهولة. فهو بالإضافة إلى أنه رجل عديم الحيلة بفعل الظروف المحيطة به أو بفعل التزامه أمام التحالف بالصمت فانه قد مكّن دول التحالف عمدا من الالتفاف على الشرعية التي اخترعتها وأوجدتها في وقت سابق لتتاجر بها. ثم عادت لخنقها بيديها. كما أنه ساعد الحلفاء على استخدام الشرعية استخداما سيئا لقتل الشعب اليمني. وتجريده من كل مقومات الحياة والتي أبسطها التوقف عن التلاعب بلقمة عيش الإنسان اليمني وذلك بإلزام أطراف الحرب بتسليم الرواتب التي يمنعونها عن مستحقيها منذ أربع سنوات كي يزداد المجتمع اليمني فقرا وجوعا. هذا بالإضافة إلى ما قدمته الشرعية مجبرة من تنازلات سيادية لأطراف خارجية وداخلية. وما مارسته من انتهاكات على مواطنيها. حتى أصبحت عاجزة فاشلة إلى أبعد الحدود وهو أحد أسباب استمرار هذه الحرب الظالمة. إن فشل مهمة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في تقديم مبادرة حقيقية لإنهاء الحرب. وفشله في إيقاف سلاح التجويع ضد اليمنيين الذي يعتبر جريمة حرب. قد أفرز واقعا مريرا. وشجع التحالف على القيام بممارسات خطيرة على المجتمع اليمني. من أبرزها شيوع المناطقية والطائفية وتضخم استثمارات الحرب وتقديم تجار الحرب في المشهد السياسي كمنقذين لليمن، وتشجيع الحروب بين القوى المختلفة غير المبررة تحت غطاء حرب استعادة الشرعية. وتعظيم الولاءات للخارج. حتى صار في اليمن جيوش تنخر البلاد وتدمر إمكانات البلاد والعباد وشاع الفساد والسلب والنهب للآمنين. وهي أمور لم يعد بإمكان أحد إيقافها. ولم يعد للمواطنين قدرة على مواجهتها وتحمل نتائجها! كتبت : الدكتورة وهيبة غالب فارع وزيرة يمنية سابقة