بينهم عرب.. هكذا تعمل أخطر شبكات تهريب البشر!

اختيار المحرر
قبل 4 سنوات I الأخبار I اختيار المحرر

كشف تحقيق مثير خبايا أكبر شبكات تهريب البشر على مستوى العالم، التي تستهدف امريكا وكندا بالدرجة الأولى.

 

موقع "occrp"، المختص بنشر تحقيقات حول عصابات الجريمة المنظمة وشبكات التهريب، كشف عن تفاصيل مثيرة حول هذه الشبكات، التي تتخذ من أمريكا اللاتينية مقرا لاستقبال الراغبين بالدخول بطريقة غير قانونية إلى الولايات المتحدة أو كندا. وبحسب التحقيق الذي أمضى فريق البحث 9 شهور في جمع معلوماته، فإن مسؤولين وقادة في الشرطة، وفي سفارات عدة دول، متورطون بشكل مباشر في عمليات تهريب البشر.

وكشف التحقيق أن موريتانيا واحدة من الدول التي يتكرر دخول المهاجرين منها إلى الولايات المتحدة وكندا عبر دول أمريكا الجنوبية (اللاتينية).

ومنذ العام 2017، أظهرت بيانات المنافذ الحدودية في دول لاتينية، أن نحو 740 موريتانيا وصلوا إلى عدة دول، قبيل توجههم تهريبا إلى الولايات المتحدة. وعلى الرغم من قبض سلطات المكسيك والولايات المتحدة وكوستاريكا على مجموعات من المهاجرين الأفارقة والآسيويين خلال السنوات الماضية، إلا أن تجارة تهريب البشر لا تزال في أوج ازدهارها.

صومالي بالبرازيل

عبد الفتاح حسين أحمد، صومالي يقيم منذ نحو عقدين في البرازيل، تبيّن بعد القبض عليه قبل نحو عام، أنه ممن يديرون أخطر شبكات تهريب البشر من أفريقيا إلى الولايات المتحدة، مرروا بأمريكا اللاتينية. كان أحمد يزوّر جوازات سفر، وتأشيرات دخول للبرازيل، وإصدار أختام للقنصليات البرازيلية في السعودية، وجنوب أفريقيا، ودول أفريقية أخرى، ثم يرسلها عبر طرود سريّة لتلك الدول، لتصبح عملية الدخول إلى أكبر بلدان أمريكا الجنوبية نظامية. أحد العاملين رفقة أحمد، ممن قبض عليهم أيضا، هو الجزائري عبد السلام مارتاني، الملقب بـ"مراد"، وكانت مهمته الاعتناء بالقادمين من آسيا وأفريقيا، إلى حين مجيء موعد تهريبهم لأمريكا وكندا. ومن ضمن قادة شبكات التهريب الضخمة، البنغلاديشي سيف الله المأمون، وهو مسؤول بشكل مباشر عن تهريب مجموعات كبيرة من بلده، والهند، وباكستان، ونيبال، إلى البيرو، كمحطة مؤقتة قبل مواصلة الرحلة نحو الولايات المتحدة. والمأمون اعتقل في البرازيل العام الماضي، وهو من أبرز المطلوبين للولايات المتحدة التي وجّهت له 8 تهم حول التهريب، وورد اسمه في تقرير مفصل لوزارة العدل الأمريكية. وعمل المأمون على إنشاء شركات وهمية، وفتح حسابات بنكية بهويات مزورة، كما جنّد لصالحه موظفا في القنصلية الإكوادورية بساوباولو؛ لطباعة طوابع مزورة على جوازات السفر، إضافة إلى تعاونه مع محام ومسؤولين برازيليين تم القبض عليهم. ثروة ضخمة

بحسب تقديرات البيانات الرسمية لدول أمريكا اللاتينية، وبشهادات متواترة عن المهاجرين، فإن شبكات التهريب في تلك المناطق تحصل على مبلغ يتراوح بين 150-350 مليون دولار سنويا. وبحسب ما ذكر مسؤولون في الشرطة البرازيلية، فإن المأمون الذي كان يقيم في ساو باولو، تقاضى 7600 دولار عن كل شخص يأتي من بنغلاديش للبرازيل، علما أن المبلغ يتضمن توفير هويات أجنبية مزورة، وفي حال أراد الشخص أن يؤمّن له المهرّب البنغلاديشي طريقا نحو الولايات المتحدة، فعليه دفع 7600 دولار إضافية. الثروة التي يجنيها المهربون أغرت مسؤولين في أمريكا اللاتينية للتعاون معهم، ومن بينهم السيناتور الكولومبي فيليكس سالسيدو، الذي حكم عليه في نيسان/ أبريل 2019 بالسجن 62 شهرا بتهمة تهريب المهاجرين، وكشفت التحقيقات عن تورطه بجلب مجموعة من الهنود، ومنحهم هويات مزورة، قبل نقلهم إلى الولايات المتحدة. فيما أقرّ المعهد الوطني المكسيكي للهجرة بتورط مسؤولين لديه في التعاون مع المهربين، إذ تم فصل نحو 500 ضابط في مكافحة الهجرة غير القانونية من عملهم؛ لارتباطهم مع هذه الشبكات.

قصص مروّعة

على الرغم من أن جماعات التهريب تعمل منذ نحو عقدين، ولديها شبكة علاقات واسعة مع مسؤولين في المنافذ الحدودية، وعصابات جريمة منظمة وغيرها، إلا أن مهاجرين وقعوا ضحية حوادث مروّعة. ففي المكسيك على سبيل المثال، اختطفت عصابات مجموعة من المهاجرين، وقامت باغتصاب النساء منهم، وهي حادثة تكررت في غابات الأمازون بـكولومبيا، إضافة إلى تعرض آخرين للسرقة والابتزاز، وإرغامهم على تهريب المخدرات. في مطلع العام الماضي 2019، غرق 21 شخصا، بينهم 10 أطفال، على ساحل البحر الكاريبي بكولومبيا، خلال محاولتهم الوصول إلى بنما، وهي واحدة من عدة دول يمرّ منها المهاجر نحو الولايات المتحدة أو كندا. المهاجر اليمني محمد صلاح علي، قال للشرطة الأمريكية التي اعتقلته في العام 2018 عند دخوله بشكل غير قانوني، إن الشرطة المكسيكية متورطة مع عصابات التهريب والجريمة المنظمة. وبحسب علي، فإن شرطة مدينة رينوسا بولاية تاماوليباس الحدودية مع الولايات المتحدة اعتقلته وأوسعته ضربا وتنكيلا، قبل أن تسلّمه إلى عصابة محليّة، والتي طلبت منه مبلغ 2000 دولار لإيصاله إلى مدينة ماك ألين في ولاية تكساس الأمريكية، ثم 2000 أخرى لنقله إلى هيوستن، و3 آلاف دولار لنقله إلى كندا.

أديس أبابا-ساوباولو

قد يكون غريبا للكثيرين أن مطار العاصمة الإثيوبية يرسل طائرة يومية إلى ساوباولو البرازيلية، التي تعد مقرا لأكبر شبكات تهريب البشر. واللافت أن الكثير من المهاجرين الآسيويين ممن قبض حرس الحدود أو خفر السواحل الأمريكي عليهم وأعادهم لبلدانهم، تبين أنهم سافروا من بنغلاديش والهند إلى أديس أبابا، ومنها إلى البرازيل، إذ لم يذهبوا لساوباولو بشكل مباشر. ينقل التحقيق عن ميلتون جونيور، أحد كبار ضباط الشرطة في ساوباولو، قوله إن شبكات التهريب لا تعمل بشكل فردي أو بدائي، ولديها شبكة علاقات واسعة تمتد إلى قارات أخرى. وتابع بأن شركات صرافة، ورجال أعمال، يتعاونون بشكل مباشر مع شبكات الإتجار بالبشر في ساوباولو، والمرتبطة بأخرى في الولايات المتحدة، ودول أمريكا الوسطى.