لطالما اعتبر الروس "الجنرال الأبيض" حليفهم الموثوق به. ومر هتلر بهذه التجربة غير السارة عندما غزا الاتحاد السوفيتي في العام 1941، غير آخذٍ في الاعتبار تراجع نابليون عبر السهول الواسعة الخالية من الأشجار والمغطاة بالثلوج في العام 1812.
وبحسب صحيفة "ذا تليغراف" البريطانية، "في كلتا الحملتين لم يكن الشتاء سوى مجرد عامل واحد. أولئك الذين يعتقدون أن درجات الحرارة المنخفضة في أوكرانيا ستلعب لصالح روسيا الآن مخطئون من الأساس. لسبب واحد، الأوكرانيون ليسوا ألمانًا أو فرنسيين.هم تماماً كالروس، اعتادوا على الثلج والجليد ودرجات الحرارة المنخفضة.
إنهم يعرفون كيف يعيشون ويتعايشون مع هذه الظروف، تماماً كما فعل الفنلنديون عندما قام ستالين بغزو البلاد في عام 1939 وتم التغلب عليه من قبل جيش أصغر بكثير. أولئك الذين قاتلوا في ظروف مناخية صعبة يعرفون أن الحرب في الشتاء تدور حول محاربة البرد بقدر ما تدور حول تفادي القذائف والرصاص. على الرغم من تأقلم كلا الجانبين مع هذه الظروف في هذه الحرب، إلا أن الطقس البارد سيؤثر عليهما بشدة حيث ستؤدي الإصابات الناتجة عن تجمد الجلد إلى الإصابة بالشلل أو الوفاة".
وتابعت الصحيفة، "في مثل هذه الظروف، يكون التدريب في غاية الأهمية، حيث يتم تعليم الجنود الاهتمام ببعضهم البعض لاكتشاف العلامات المبكرة للتدهور. فالقوات الأوكرانية مدربة بشكل أفضل وأكثر انضباطًا من القوات الروسية وبالتالي فهي أكثر قدرة على التأقلم. القوات الأوكرانية مجهزة في الغالب بشكل جيد، وغالبًا ما يتم إرسال الإمدادات من قبل الحلفاء.
أما الروس فليسوا مجهزين بالقدر عينه، خاصة في ظل التقارير التي تفيد بأن الجنود الذين تم حشدهم حديثًا اضطروا إلى العثور على المعاطف والقبعات وأكياس النوم الخاصة بهم لتعويض المخزونات التي اختفت في السوق السوداء لملء جيوب الضباط المسؤولين عن توفير هذه الامدادات".
وأضافت الصحيفة، "في كل الحروب وفي كل الفصول، المعنويات هي أهم عامل في المعركة، خاصة في الشتاء. تتمتع أوكرانيا في هذه الحالة بموقع القوة. تم إرسال الجنود الروس للقتال في أرض أجنبية، والكثير منهم ليس لديهم أدنى فكرة عن السبب والبعض الآخر يشعر بالاستياء الشديد من ذلك. من ناحية أخرى، يقاتل الأوكرانيون من أجل حياتهم وعائلاتهم ووطنهم.
لقد عانوا بشدة في القتال حتى الآن لكن معنوياتهم ارتفعت بعد أشهر من النجاح. إن الإرادة للقتال وتقديم أقصى ما لديك ، حتى في مثل هذه الظروف الرهيبة، هي التي تصنع الفرق بين الصمود أو الاستسلام، أو حتى الهروب. انسحب جنرالات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خيرسون هذا الشهر لأنهم لم يتمكنوا من توفير إمدادات كافية لقواتهم.
وهنا يكمن الاختلاف المهم الآخر بين الوقت الحاضر وبين الحروب عندما يأتي فصل الشتاء ليكون حليفاً لروسيا: هذه عملية هجومية روسية وليست دفاعية. لقد أتى الاستهداف الأوكراني لخطوط الإمداد الروسية في كافة الأنحاء بثماره، وسيحقق أرباحًا أكبر هذا الشتاء حيث أصبحت الخدمات اللوجستية أكثر توتراً، مع تعطل المعدات وارتفاع الطلب على الوقود والغذاء".
وبحسب الصحيفة، "هذا، مع ذلك، بعيد كل البعد عن التحدي من جانب واحد. كما وأدت الضربات الصاروخية الروسية المكثفة على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة إلى تعطيل الخدمات اللوجستية العسكرية بما في ذلك إعاقة حركة الإمدادات القتالية والقوات والمركبات المدرعة. وفي الوقت نفسه، ستتعرض سلاسل التوريد لضغط أكبر على كلا الجانبين حيث تخوض الجيوش حرب الشتاء بينما تركز في الوقت نفسه المخزونات والقوات لتجدد القتال على نطاق واسع عندما يهدأ الطقس. تحتاج روسيا إلى استراحة من القتال لتدريب القوات وتجهيزها ودفعها إلى منطقة المعركة.
وتحتاج أوكرانيا أيضًا إلى وقت لتنشيط وإعادة إمداد الجيش الذي تعرض، على الرغم من نجاحاته، إلى الانهيار الشديد خلال تسعة أشهر من القتال. يجب أن نتذكر أن بوتين كان يأمل في استغلال الشتاء لتقويض الدعم الأوروبي لعدوه، وقطع إمدادات الطاقة لرفع الأسعار وإجبار السكان المرتعشين للضغط على السياسيين للتخلي عن أوكرانيا".
وختمت الصحيفة، "يبدو الوضع أقل خطورة مما كان عليه قبل بضعة أشهر فقط مع تكيف السوق وتراكم احتياطيات الغاز وانخفاض الأسعار الآن. ومع ذلك، لا يزال الإرهاق من الحرب في الغرب مصدر قلق يجب على القادة العمل للتغلب عليه بينما تدخل أوكرانيا ما توقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيكون "أسوأ شتاء" في تاريخها كدولة مستقلة".