يمنيون من الجبهات إلى الشاشات... صوت المونديال يعلو على صوت المعركة!

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

تنتشر في أحياء مدينة عدن اليمنية عشرات الشاشات الخاصة لعرض مباريات كأس العالم التي تقام في قطر. فعلى جنبات شارع التسعين يتجمع المواطنون لمتابعة هذه المباريات في كل أيام منافسات البطولة التي صارت في منتصفها.

 

يحمل نصر هادي بندقيته أمام إحدى شاشات العرض التي تملأ شارع التسعين في مدينة المنصورة، ويتابع المباريات قائلاً لـ"النهار العربي": "أشاهد كل مباراة أنا وزملائي قبل أن نتوجه إلى جبهة الساحل الغربي".

 

وأضاف: "أخذت إجازة من المعسكر في الساحل الغربي عشرة أيام فقط لكي أتفرغ لمتابعة أحداث هذه البطولة التي ننتظرها كل أربعة أعوام لتلمّ شمل العالم في بوتقة واحدة وأرض واحدة، وهي اليوم أرض عربية". ويتابع: "بطولة كأس العالم هي المتنفس الوحيد بالنسبة إليّ، فمن خلاله أرى العالم في مكان واحد ويشعرني بعودة الأرض واستقرار الأوضاع لنكون مثل غيرنا مشاركين ومشاهدين من مدرجات الملاعب لا شاشات العرض في هذه الشوارع".

 

 

وختم هادي: "أنا لاعب كرة قدم سابق في نادي الند الرياضي. انسحبت من اللعب بسبب الحرب وانشغالي في جبهات القتال لاستعادة الشرعية التي سلبتها الميليشيات الحوثية بانقلابها على الحكم".

 

وتتوزع في عدن أكثر من 150 شاشة بين كبيرة ومتوسطة لعرض مباريات بطولة كأس العالم هذا العام، وقد نُصبت بين الأحياء الشعبية والشوارع الرئيسية وأمام المحال التجارية.

 

وتميزت بطولة كأس العالم هذا العام في عدن بتفاعل كبير من القطاع الخاص ورجال الأعمال في دعم وتركيب شاشات لعرض المباريات، خلافاً للأعوام السابقة التي لم يكن يتوافر خلالها إلا عدد قليل من شاشات العرض.

 

"أنا مع المنتخب المغربي الشقيق، المنتخب الوحيد الذي أتعاطف معه رغم تشجيعي لكرة القدم الأرجنتينية، لكنني في هذا الموسم أرى نفسي ملزماً بتشجيع المنتخب المغربي"... هكذا قال المشجع اليمني نجيب حسين الذي يقضي أكثر من نصف يومه أمام شاشة العرض في نهاية تقاطع شارع التسعين.

 

ويضيف لـ"النهار العربي"، وهو يتابع المباراة مع رفاقه: "نحن كعرب يجب أن نقف مع منتخباتنا العربية مهما كان، ففي لحظات تشجيع أي منتخب عربي أرى أن كرة القدم هي الوحيدة التي جمعت قلوبنا بعيداً من الحروب والسياسة التي أهلكتنا".

 

ويختم: "أقضي يومياتي في متابعة مباريات كأس العالم. عايشت الكثير من الأمور التي لم أتخيلها حين تجد قربك أمام الشاشة جنود مدججون بالسلاح عائدون من جبهات القتال فقط لمتابعة مباراة معينة قبل العودة الى مواقعهم".

 

 

ومع استمرار الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة إلا أن كرة القدم استطاعت جمع قلوب وأفئدة اليمنيين كغيرهم في بلدان العالم، رغم أن التفرغ لمتابعة أحداث بطولة المونديال مكلفة بالنسبة لكثيرين منهم، إذ تصل تكلفة جهاز "بي إن سبورت" مع باقة كأس العالم في عدن الى 370 دولاراً.

 

تكافل مجتمعي

ويرى الصحافي شكري حسين أن "بطولة كأس العالم أوجدت مساحة من السعادة والفرح لغالبية اليمنيين الذين عصفت بحياتهم حرب ضروس منذ أكثر من 8 أعوام، إذ وجدوا في متابعة المباريات ملاذاً للهروب من جحيم الحرب وأخبار القتل والاقتتال، وقد ساهم في ذلك تفاعل رجال المال والأعمال وبعض الجهات الحكومية حيث عملوا معاً لتسهيل مشاهدة المباريات".

 

وذكر أن أجواء مباريات كأس العالم "عادة ما تشهد احتفالات في معظم المدن اليمنية بالذات الكبيرة منها كصنعاء وعدن وتعز والمكلا وسيئون والحديدة وإب وعتق وأبين ومأرب، وينغمس الجميع في موجات فرح دفعت حتى الأطفال والنساء للمتابعة والمشاهدة؛ وتشجيع المنتخبات كل حسب ميوله؛ الأمر الذي أضفى أجواء جمالية لم نعشها منذ سنوات بسبب الحرب، وأدخلت السرور والطمأنينة لدى غالبية الأسر".

 

ووزعت وزارة الشباب والرياضة اليمنية 160 جهاز "بي أن سبورت" لمتابعة مباريات كأس العالم في عدد من مديريات المحافظات النائية التي لا تصل إليها شاشات العرض العامة.

 

ونصب المجلس الانتقالي الجنوبي 18 شاشة عرض عملاقة في عدن، وزعت على ملاعب المدينة والمرافق العامة بدعم من نائب رئيس مجلس القيادة اللواء عيدروس الزبيدي.

الكلمات الدالة