لأول مرة .. الامارات تبدأ حملة تجنيد جديدة من غير مواطنيها

عربي ودولي
قبل سنة 1 I الأخبار I عربي ودولي

لم تعهد دولة الإمارات مظاهر العسكرة في مجتمعها، قبل اندلاع ثورات الربيع العربي في 2011، والتي كانت علامة فارقة في تطورات المشهد العسكري الإماراتي على جميع الأصعدة.

كان من أبرز تلك المظاهر فرض التجنيد الإلزامي في العام 2014، على الذكور من سن 18 حتى 30 عاما لمدة عامين للحاصلين على مؤهل أقل من الثانوية، وتسعة أشهر للحاصلين على الثانوية فما أعلى، فضلا عن فتح باب التجنيد غير الإلزامي للإناث، حيث بلغت مدة خدمتهن 9 أشهر.

ومُددت الخدمة لأول مرة في عام 2016 لتصبح سنة كاملة للذكور والإناث. ثم في عام 2018 مُددت فترة تجنيد حملة المؤهلات للمرة الثانية إلى 16 شهرا، ومن دونهم إلى ثلاث سنوات.

إلا أن الجديد، فتح وزارة الدفاع الاماراتية باب التوظيف للانخراط في السلك العسكري لفئات جديدة بالمجتمع من أبناء المواطنات والوافدين الذين ولدوا في الدولة، حتى دون مقدمات بسن قوانين لقبولهم بالانضمام للتجنيد الاختياري أو الإلزامي.

وهذه المرة الأولى التي تُقدم عليها دولة الامارات بالتجنيد العلني لغير مواطنيها، دون حتى الرجوع إلى المجلس الوطني الاتحادي، أو جس نبض المجتمع من خلال المجالس القانونية، التي تشرف عليها وزارة الداخلية، ما يفتح باب التكهنات حول مستقبل القوات المسلحة .

وحددت الوزارة، في إعلانها المفاجئ - الذي يكمل أسبوعه الثاني، ومازال متصدرا على موقعها الرسمي ومُثبتا على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي - الشروط للمتقدم ومنها: أن لا يقل عمره عن 18 سنة ولا يزيد عن 28 سنة، أن يكون من "أبناء المواطنات أو مواليد الدولة"، وأن يكون حاصلاً على مؤهل لا يقل عن الصف الثاني عشر، وأن يكون حسن السيرة والسلوك ومقيماً في إحدى إمارات الدولة.

 

القوات المسلحة الاماراتية في ارقام  يبلغ عدد الموظفين في القوات المسلحة 65 ألف موظف: 33 ألف أفراد القوات البرية، و4 آلاف قوات جوية، و3 آلاف قوات بحرية، و12 ألفا شبه عسكرية، و13 ألفا قوات احتياط، والبقية إدارات أخرى إضافة للموظفين المدنيين.

فيما تُعد ميزانية وزارة الدفاع، ثاني أضخم ميزانية دفاع عربية ورقم 13 عالميا بنحو 26 مليار دولار سنويا.

قانونية التجنيد

وعلى الرغم من أن التجنيد الالزامي مُقر بأغلب دول العالم، إلا أن الحكومة حرصت عند فرضه، على إبراز قانونية خطوتها، وذلك من خلال تفعيل المادة 43 من الدستور والتي تنص على أن (أداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون).

 

مدى مشروعية تجنيد غير الإماراتيين؟

تحتكم خدمة الأفراد بالقوات المسلحة إلى قانون (7) سنة 2004 الذي يشير في مادته الثانية إلى أن الخاضعين للقانون هم مواطنو الدولة الذين لم يتم تعيينهم أفراداً في القوات المسلحة، كما ويؤكد في مادته الرابعة أن من شروط التجنيد "أن يكون من مواطني دولة الإمارات".

لكن هناك القرار رقم 33 لسنة 2005 بشأن نظام استخدام المدنيين غير المواطنين في القوات المسلحة، والقانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2004 بشأن خدمة الضباط في القوات المسلحة الذي يشير في مادته الخامسة إلى أنه "يجوز تعيين ضباط (وليس مجندين) من غير مواطني الدولة وذلك طبقا للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من نائب القائد الاعلى".

وحدد القانون نظامين لغير المواطنين، سواء كانوا أبناء مواطنات أو عرباً أو أجانب غربيين.

النظام الأول: "نظام الإعارة أو الانتداب"، وهؤلاء هم أفراد القوات العسكرية الأجنبية الذين تتم إعارتهم للقوات الإماراتية لتوفير الخبرة والتجربة والقيادة.

ويظل هؤلاء خاضعين لقواعد وأنظمة بلدهم الأصلي، على الرغم من أنهم يخضعون لإدارة وتمويل إماراتي، ويعملون تحت إشراف قائد فريق إماراتي ضمن سلسلة القيادة.

الاتفاقية تغطى بين الجهة الرسمية الإماراتية والحكومة الأخرى، وتتضمن عادة بنداً يحظر على الدولة المضيفة نشرهم خارج حدودها إلا باتفاق مسبق مع هذه الحكومة.

النظام الثاني: "العقود"، وهم المغتربون الذين تركوا الخدمة في بلدانهم، ومعظمهم من الضباط العسكريين وضباط الصف.

وقد يتم توظيفهم إما عبر الموارد البشرية في وزارة الدفاع، أو عبر شركات تجنيد قوى عاملة. وتكون مدة العقد بين سنة إلى ثلاث سنوات يتم تجديدها بناء على موافقة الطرفين. ويخضعون للعقود المبرمة معهم.

 

لأول مرة تدعو وزارة الدفاع أفراداً من غير المواطنين للتوظيف في السلك العسكري- الصورة لمواطنين في أحد مراكز التدريب التابعة للقوات المسلحة - يناير 2020

أما في ما يخص الإعارة فهنالك نوعان:

النوع الأول، للأفراد الذين يمتلكون خبرة، ويقومون بموجب العقد بتنفيذ متطلبات معينة للجيش الإماراتي، ويرتدون الزي الرسمي للوحدات العسكرية الإماراتية التي يعملون بها بدلاً من الزي الرسمي لبلدانهم. ومدة العقد سنتان يتم تجديدها بناء على موافقة الطرفين.

النوع الثاني، للأفراد المرتبطين بالتدريب الدائم أو الفريق الاستشاري، ويتحركون في فرق يتكونون عادة من ضباط يقدمون المشورة وضباط الصف الذين يتدربون في الغالب.

فماذا عن حملة التجنيد الجديدة؟

هنالك أسباب وعوامل عدة بشأن إقدام الحكومة على فتح باب التجنيد لأبناء المواطنات والمقيمين على أراضيها، يُصعب تكهنها على وجه الدقة، في ظل غياب كامل للتصريحات الرسمية، وحجب كامل للمعلومات الأمنية، واقتصارها على بعض تسريبات الصحافة الأجنبية، والتي تتلخص على النحو التالي:

أ‌)   التهديدات الأمنية التي تواجه الدولة، سواء من ناحية إيران أو التوترات بالمنطقة، والحاجة لتجهيز قوة كبيرة بما يكفي للدفاع عن الدولة.

ب)  تراجع نسبة إقبال المواطنين على الانخراط بالقوات المسلحة.

ج‌)  زيادة العمليات العسكرية الخارجية والحاجة لتعويض حجم النقص الحاصل.

د‌)  التحسب لأي تقليص لحجم القواعد العسكرية الأجنبية بالدولة.

هـ)  كسب أكبر ولاءات للدولة في ظل تراجع التوازن السكاني بصورة كبيرة لصالح الأجانب.

ي)  تزويد سفارات الدولة، وقواعدها العسكرية الخارجية، ومكاتبها التجارية، بخبرات عسكرية مدربة.

هل تواءم تجنيد غير الإماراتيين مع استراتيجية الإمارات الدفاعية؟

لا توجد نسخة منشورة لرؤية أو استراتيجية دفاعية لدولة الإمارات. لكن في مايو 2015، حدد الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة بمنصبه العسكري حينها، ثلاثة عناصر في رؤيته الاستراتيجية:

1) الكوادر البشرية: فمن دون "كادر بشري مدرب وقادر على استخدام السلاح بكفاءة؛ لن تكون لأي مُعدة عسكرية أهمية".

2) العتاد: تحديث المعدات العسكرية، ومواكبة التقدم الحاصل في برامج التسلح.

3) الابتكار والتدريب: من خلال الابتكار في أساليب التسلح والتجديد في التدريب وصقل المهارات القتالية.