"العدوان على غزة": الإعلام الغربي يتحول إلى أداة حرب صهيونية

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، الذي أدى إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين؛ اتخذت وسائل الإعلام الغربية موقفًا "متحيزًا"، ومتبنيا لرواية الاحتلال الإسرائيلي، وتجاهلت الفظائع الانسانية التي ارتكبها في حق المدنيين الفلسطينيين، وكان آخرها مجزرة المستشفى المعمداني التي دفع ثمنها مئات الأطفال في جريمة حرب نكراء.

 

وتعمدت وسائل الإعلام الغربية إلى نشر روايات وتقارير منقوصة، ومقاطع فيديو مفبركة، وتغطيات إخبارية غابت عنها الحقيقة والمهنية والحيادية. وقد أدى هذا الأداء الإعلامي المتحيز إلى فقدان هذه الوسائل مصداقيتها أمام الرأي العام.

 

اخترقت وسائل الإعلام الغربية أبسط قواعد وأخلاقيات العمل الصحفي في أثناء تغطيتها للعمليات العسكرية الجارية حاليا في قطاع غزة، حيث عمدت إلى تصوير الجانب الإسرائيلي كضحية لعملية "طوفان الأقصى"، من دون الالتفات كثيرا أمام الرد الإسرائيلي الشرس واستشهاد ما يقارب 3400 شخص حتى الآن، عدا عن آلاف الجرحى والمفقودين تحت الركام.

 

وقد وضعت حرب غزة وسائل الإعلام الغربي على المقصلة، سقطات مهنية متتالية أفقدت تلك المنصات الإعلامية التي كانت تدرس أخلاقيات الصحافة، إلا أنها تجردت من أخلاقها ومهنيتها وحياديتها وأصبحت منبرا لجرائم الحرب والكراهية.

موجة تحريض واسعة تضمنت كمّاً هائلاً من الادعاءات والأخبار الزائفة، التي تبنتها وسائل الإعلام الغربية ونشرتها دون التحقق من صحته وعملت على ترويج الخطاب ذاته، منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السادس من أكتوبر الحالي.

وتجردت الرواية الإعلامية الغربية أبطالها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، والشبكة الأميركية "سي إن إن"، وشبكة "إيه بي سي نيوز".

 في تغطيتها للحرب من أبسط أخلاقيات الصحافة من خلال استضافة مقابلات منحازة للاحتلال الصهيوني تبرر جرائم الحرب التي يشنها على القطاع وفي أحيان أخرى يتلاعب مقدمو هذه الأخبار بالألفاظ وتأطير الأحداث، فضلا عن أن تلك الوسائل تزخر بالروايات الكاذبة إما كلها أو نصفها.

وعزز هذا التحيز الإعلامي الواضح المساند للرواية الصهيونية موقف زعماء وقادة الدول الموالية لدولة الاحتلال الذين استندوا بخطاباتهم الرسمية إلى تلك الأخبار الزائفة والروايات الكاذبة وجعلها حقيقة لا يصدقها إلا هم وأتباعهم.

 

قناة "فوكس نيوز" الأميركية، لم تكتف بالانحياز إلى الجانب الإسرائيلي على حساب معاناة المدنيين الفلسطينيين، لكنها جلبت من ينتقدون سياسة المنصات الإعلامية المحايدة، ففي تاريخ 12 أكتوبر الحالي، استضافت مايكل ألين، مساعد الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، لينتقد سياسة وكالات الأنباء العالمية التي تلوم إسرائيل وليس "حماس" عما يحدث في قطاع غزة، حتى أنه دعا صراحة إلى الضغط على وسائل الإعلام لتغيير ذلك. وفق ما نشره موقع سبوتنيك.

كشفت حرب غزة النقاب عن أكذوبة الإعلام الغربي المهني في حين سحبت مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما تويتر ولينكد إن البساط من تحت وسائل الإعلام التقليدي الغربي وكانت صاحبة الكلمة الاقوى والدليل الدامغ الذي نقل الحقائق إلى العالم أجمع بالصوت والصورة وكان له الدور الأكبر في تغيير الصورة لدى الكثيرين في دول العالم الغربي.

الواقع الحقيقي الذي نقلته هذه المنصات وتفنيدها للحقائق أجبر وسائل إعلام غربية عريقة للاعتذار على الهواء مباشرة لعدم تحريها الدقة في نقل الأخبار بل تعدى ذلك إلى اعتذار رسمي قدمه البيت البيض بعد خطاب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، مؤكداً المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس لم يطّلع على أي تقارير تؤكد وقوع تلك الجرائم الشنيعة بحق الأطفال. وإنما استندت إلى تقارير إخبارية وادعاءات من قبل الحكومة الإسرائيلية.

بدوره يشير الزميل رئيس تحرير صحيفة Jordan news الانجليزية أسامة الشريف أن الإعلام الغربي ووكالات الانباء والصحف الأجنبية لم تكن يوما محايدة عندما يتعلق الأمر بالعدوان على فلسطين إلا أن هذه المرة الأمر كان واضحا والفضيحة كانت مدوية.

ويلفت إلى أن تبني الإعلام الغربي التقليدي بث الرواية الإسرائيلية وحدها وجعلها هي السائدة وإبقاء الرواية العربية مهمشة، الأمر الذي رجح الرواية الإسرائيلية وجعلها مصدقة.

ويبين الشريف أن منصات التواصل الاجتماعي هذه المرة هي من وضعت الإعلام الغربي الرسمي الذي تبنى بث الرواية الإسرائيلية في مأزق حقيقي، لاسيما وأنه قام بتعرية تلك الأخبار الزائفة والإدعاءات التي تناقلتها وسائل إعلام رسمية وبثتها محطات تلفزيونية كبيرة دون أن تتحرى الدقة والمصداقية، كما غابت عنها الرواية المتوازنة.

 

ويؤكد الشريف الدور الكبير الذي قام به الناشطون على تويتر وإنستغرام في كشف الأخبار الزائفة والمضللة وإجبار وسائل الإعلام التقليدية على الاعتذار والتراجع، الأمر الذي يعتبره الشريف سقطة مهنية كبيرة تسجل في تاريخ تلك المؤسسات وتزعزع ثقة الجمهور بصحة أخبارها وقد تعدى الأمر إلى مطالبات مواطنين تلك الدول بإقالة المذيعين والمراسلين أيضا.

من جهة أخرى، إن الحملة الدفاعية التي تبناها ناشطون من الأجانب واليهود استطاعت أن تحقق توازنا وإن كان بطيئا وغير حقيقي بالصورة الكافية بحسب الشريف، إلا أنهم أجبروا الإعلام الرسمي على الاستماع لهم والانصياع للحقيقة رغم تواطؤ الكثير من هذه المؤسسات بتبني الرواية الإسرائيلية.

 ويقول الشريف، "لعب فيسبوك دورا سيئا في هذا العدوان من خلال حظر وإغلاق أي رواية تتعارض مع إسرائيل وإخفاء صورة المؤيد لفلسطين". ويضيف، الصوت الإنساني الذي صدح على منصات التواصل الاجتماعي لاسيما تويتر استطاع أن يواجه هذا الطوفان الإعلامي التقليدي الزائف وأن يعلو الصوت الإنساني والحق الفلسطيني الذي كشف الحقائق وفند الروايات. ويوضح الشريف أنه وبرغم استمرارية بعض قنوات الإعلام الغربي بتحييد الحقيقة، إلا أن الموقف الشعبي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية المؤيد للموقف الإنساني والمؤمن بحق الفلسطيني المحتل من الاحتلال الإسرائيلي، ظاهر. هذه السقطات المهنية للإعلام الغربي بحسب الشريف والازدواجية في مواقف رؤساء الدول وتأييد ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من جرائم حرب في غزة ينتهك كافة معايير حقوق الإنسان وسيكون لها أثرها السياسي على المدى البعيد وفق الشريف.

اليوم الرواية الإسرائيلية ليست في أفضل أحوالها يقول الشريف، لاسيما وأن وسائل الإعلام الغربي التقليدي بعد أن فقدت مصداقيتها أصبحت اليوم تبحث عن الرواية الفلسطينية لمحاولة تحقيق التوزان وكلما استمر هذا العدوان لعدة أيام تتكشف الحقائق ويجبر حتى الإعلام التقليدي على نقل الحقيقة.

وأشار مرصد الإعلام "أكيد" في تقرير نشره في السادس عشر من اكتوبر عدم التزام وسائل إعلام أميركية وأوروبية بمعايير التَّغطيات الصّحفية النبيلة والمهنيّة في أحداث قطاع غزة وغلافه، والتي بدأت اعتبارًا من يوم السَّابع من شهر تشرين الأول 2023، ونقلت رواية قطع رؤوس 440 طفلًا إسرائيليًا دون تحقُّق أو بحث عن الواقع الذي نقلته مصادر أحادية، ونقلت تغطيات مليئة بالتَّضليل والتَّزييف وخداع جمهور المتلقين.

الرواية التي تصدَّت لها وسائل إعلام عربية ومحلية، وبدأت البحث والتَّنقيب عن أصلها، واستطاعت الوصول إلى الحقيقة وتغيير الرواية واعتذار عدد ممن روجوها عن ذلك، تبنتّها وسائل إعلام غربية ومسؤولون كبار، وحملت تغطية غير مهنيّة وبعيدة عن التَّوازن لتصل النتيجة إلى كراهية ملأت قلب أحد الأشخاص الأميركيّين يبلغ من العمر 70 عامًا ضدَّ طرف آخر، فقام بقتل طفل فلسطيني اسمه وديع الفيومي يبلغ من العمر ست سنوات، له عائلة ممتدّة بين قطاع غزَّة والضّفة الغربية. الطفل تلقى 26 طعنة في جسده، سبقتها محاولة خنق والدته وطعنها، وعبارات تطرّف وكراهية ضدَّ الفلسطينيين والمسلمين.

* الغد الأردنية