صحيفة لندنية : اليمنيون يدفعون ثمن صراع بلا نهاية

محليات
قبل ساعتين I الأخبار I محليات

- بعد عقد من الحرب:خطوط القتال ثابتة والإنهاك يتعمّق

- اليمنيون يدفعون ثمن صراع بلا نهاية

- الجمود العسكري أصبح انعكاسًا لجمود سياسي أشد خطورة

- اليمنيون أسرى خطوط تماس لا تتحرك ومشروع وطني غائب

- اليمن يدخل مرحلة "السكون العنيف" ولا سلام في الأفق

 

 قالت صحيفة "العرب" اللندنية إن اليمن بعد أكثر من عشر سنوات على اندلاع الحرب تبدو وكأنها دخلت مرحلة السكون العنيف، حيث لا غالب ولا مغلوب، ولا سلام يلوح في الأفق. فخطوط القتال بين أطراف الصراع بقيت على حالها تقريباً، بينما يزداد الإنهاك الإنساني والاجتماعي والاقتصادي يومًا بعد آخر.

 

 

وأضاف تقرير للصحيفة: "في هذا البلد المنهك، باتت الحرب جزءاً من الحياة اليومية، تتحرك ببطءٍ قاتلٍ بين جبهات جامدة وأزمات متكررة، بينما يواصل اليمنيون دفع الثمن الأكبر لصراع لم يعد يحمل أي وعود بالنصر أو بالحل.

 

 

ولم ينجح المجلس القيادي الرئاسي، الذي تشكل عام 2022 ليوحّد القوى المناهضة للحوثيين، في تحويل الدعم السعودي والإماراتي إلى إنجاز سياسي أو عسكري ملموس.

 

 

فالحكومة المعترف بها دولياً تفتقر إلى التماسك الداخلي، وتُدار من المنفى أكثر مما تُدار من العاصمة المؤقتة عدن، التي تحولت بدورها إلى ساحة صراع بين فصائل متنافسة".

 

 

 

ومضى التقرير قائلًا: "في الجنوب، تآكلت الثقة في قدرة القيادة السياسية على الحكم، وتضاعف الغضب الشعبي بسبب سوء الخدمات وغلاء المعيشة واستشراء الفساد.

 

 

وأما في الشمال، فيفرض الحوثيون قبضتهم الصارمة على الحياة السياسية والاجتماعية، مستندين إلى تحالفات قبلية وإلى خطاب ديني يبرر استمرار الحرب بوصفها معركة "مقدسة".

 

 

وتبدو خطوط السيطرة وكأنها مرسومة بالحجر؛ لم تتغير بشكل كبير منذ سنوات. مأرب ما زالت مقسمة، والحديدة ما زالت ساحة لتقاسم النفوذ، فيما تستمر المناطق الريفية بين الكرّ والفرّ دون نتائج حاسمة".

 

 

وعن الوضع الاقتصادي، أوضح التقرير: "اقتصاديًا، يعيش اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. أكثر من نصف السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي، فيما يفتقر الملايين إلى مياه نظيفة أو خدمات صحية.

 

 

وجعل الفساد المستشري، والبيروقراطية الفاشلة، وانعدام الحكم الرشيد الدولة غائبة عملياً في معظم أنحاء البلاد.

 

 

وحتى المساعدات الدولية، التي يُفترض أن تخفف من حدة الكارثة، باتت تخضع للمساومات السياسية ولتحكم الأطراف المتصارعة في مسارات توزيعها.

 

 

وفي المقابل، عمّق الحوثيون نموذج حكمهم الخاص في الشمال، مستندين إلى مزيج من الشعارات الدينية والانضباط الأمني الصارم.

 

 

لقد تمكنوا من بناء جهاز سلطوي يتحكم في الموارد والقرارات، ويُحكم السيطرة على المجتمع باسم "الواجب الديني" و"المقاومة". لكن هذا النموذج، رغم استقراره النسبي، يقوم على القمع وتقييد الحريات، ويُبقي البلاد في دائرة مغلقة من التوتر".

 

 

وتطرق التقرير إلى البعد الإقليمي للحرب اليمنية، قائلا: "لا يقتصر الإنهاك على الجبهات الداخلية؛ بل يمتد إلى الإقليم. فاليمن اليوم ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين.

 

 

وأدى انخراط الحوثيين في الهجمات على السفن في البحر الأحمر وعلى إسرائيل منذ حرب غزة عام 2023 إلى استدعاء ردود إسرائيلية وأميركية متكررة، دون أن تغيّر هذه الضربات ميزان القوى الداخلي.

 

 

ومع كل جولة قصف جديدة، يتضح أن لا أحد يملك استراتيجية حقيقية لإنهاء الحرب.

 

 

الضربات الإسرائيلية والأميركية لم تسقط الحوثيين ولم تُضعف قدراتهم بما يكفي، فيما لم يحقق المجلس الرئاسي أي مكاسب سياسية أو ميدانية تُذكر.

 

 

ولم تعد الحرب الجوية، مثلها مثل المعارك البرية، سوى استعراض متبادل للقوة في فراغ سياسي متزايد.

 

 

وفي هذا السياق، تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن فرض مسار سلام فعلي، رغم محاولات المبعوث الأممي هانس جروندبرج إعادة إطلاق مفاوضات على أساس خارطة طريق سعودية – عُمانية.

 

 

وتصطدم المبادرات الأممية بحسابات الأطراف المحلية وبالاشتباك الإقليمي الأوسع. وحتى الحوار الإنساني تعثر مع احتجاز الحوثيين عشرات الموظفين الأمميين في صنعاء، ما كشف عن هشاشة العلاقة بين المنظمة الدولية وسلطات الأمر الواقع.

 

 

وهكذا، وبعد عقد من الحرب، تحوّل الصراع في اليمن من معركة على السلطة إلى صراع على البقاء. كل طرف يتمسك بما يسيطر عليه، فيما يغرق البلد في أزمات متراكمة من الفقر والجوع والفساد والتهجير.

 

 

وأصبح الجمود العسكري انعكاسًا لجمود سياسي أشد خطورة، والإنهاك الجماعي أصبح العامل الوحيد المشترك بين جميع اليمنيين.

 

 

وقد تبدو الهدنة غير المعلنة في بعض الجبهات وكأنها فرصة لبناء سلام، لكنها في الحقيقة انعكاس لحالة إنهاك شامل، حيث لا قدرة على القتال ولا رغبة في التنازل".

 

 

واختتم التقرير بالتأكيد على أن غياب مشروع وطني جامع ووسط دولي قادر على كسر حالة الركود، تبقى اليمن أسيرة خطوط تماس لا تتحرك، وشعب أنهكته حرب لا تنتهي.