سبت الماضي أقيمت في مدينة المكلا حاضرة حضرموت فعالية للمجلس الانتقالي أطلق عليها كالعادة مسمّى المليونية وحتى هذا المسمى اذا امعنا النظر ففيه من التدليس الشيء الكثير فإجمالي سكان حضرموت حسب آخر إحصاء رسمي ربما تجاوزوا المليون الواحد ولنقل قرابة المليونين برجالهم ونسائهم واطفالهم وشبابهم وعجائزهم الأصحاء والمرضى،
والفعالية التي أطلق عليها لقب المليونية معنى ذلك ان نصف سكان حضرموت شاركوا فيها فهل يعقل هذا الأمر ناهيك ان الشارع الذي استضاف هذه الفعالية لا يزيد طوله عن 300متر وعرضه لا يتعدى الاثنا عشر مترا ولنفترض انه 500 متر بزيادة 200فهل سيستوعب هذا العدد الكبير مليون؟! تزيد قليلا او تنقص قليلا لكن الحقيقة إذا افترضنا المساحة الاجمالية 500×12= 6000متر مربع وكل متر مربع يتسع لأربعة اشخاص تحدياً لكورونا وللتباعد الاجتماعي فالهدف أكبر والصحة وانتشار العدوى لا تساوي شيئاً امام الهدف يمرض من يمرض او يموت من يموت فلا مشكلة! فبالتالي يصبح الإجمالي على حسابنا المبالغ فيه 24000 نسمة ولا ندري هل كلهم من حضرموت ام ان فيهم عدد آخر من الوافدين اليها سواء حديثي عهد أم من قادم الأزمان الغابرة الذين هم انفسهم لا يعترفون بحضرميتهم. فالسؤال البديهي الذي يطرح نفسه هل هذا العدد هم من يقررون المصير نيابة عن أكثر من عشرة مليون حضرمي في داخل حضرموت وفي مشارق الأرض ومغاربها؟ رغم ان الأربعة وعشرين ألف في حدها الافتراضي الأعلى واما حقيقة العدد الفعلي من السهولة بمكان معرفته عبر المطاعم التي تم التعاقد معها لتقديم وجبة الغداء لهذه الجموع الثائرة فعندهم الخبر اليقين وكذلك عند سائقي الباصات الناقلين لهم وأما باعة القات فلايمكن الاستدلال بالعدد من خلال حجم مبيعاتهم في ذلك اليوم لإختلاف تخزينة عن تخزينة ومخزّن عن مخزن. على كل حال لن نجادل كثيراً في هذه الجزئية ولن نقف عندها لكن وقفتنا عند نقطة الادعاء بأحقية التمثيل الحصري والوكالة الشرعية بالتفويض، فحضرموت كغيرها من المحافظات الجنوبية والشرقية تعج بالمكونات السياسية والحزبية والكيانات القبلية ومنظمات المجتمع المدني ولها تاريخ عميق في نشؤ الاحزاب والنقابات. وكلٌ له رؤيته وبرنامجه في كافة المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فلماذا يفرضُ فصيل او مكون سياسي رؤيته على الآخرين؟ ويقصي من سواه حتى عن حق التعبير واحترام الراي الآخر وهكذا يتكرر مشهد ماقبل نصف قرن ( انا قومي وبن قومي وكل الشعب قومية ) واذا بالنتيجة صراعات دموية لم تنته آثارها حتى اللحظة، والخوف ان بقينا تسوقنا هذه العقليات الا تنتهي الا نعتبر من احداث الزمان ونترك مساحة للتفكير بروية وخاصة نحن ابناء حضرموت الذين نعيش على ذكرى إرث أجدادنا التاريخي الذي مازال يحمل انطباعات حسنة لدى المؤرخين بنصاعة السلوك الحسن والالفاظ الطيبة الجميلة التي حتى هذه الاخيرة تلاشت لدى الكثير من رواد التواصل. بطبيعة الحال استمتع المشاركون في فعالية السبت وخاصةً القادمون من خارج المكلا باجواء موسم البلدة السياحي وبرودة بحر العرب العجيبة في هذه الأيام ولكنها لم تحقق ما طمِحَ فيه منظموها فكانت الدعوة من الشقيقة المملكة العربية السعودية لممثلين من حضرموت للمشاركة في المفاوضات الجارية وكذلك وفود من المناطق الأخرى. ونتمنى ان يكون هذا مؤشر ايجابي بأن الامور ستسير في الاتجاه الصحيح وليس كما يطمع الحالمون باعادة عجلة التاريخ الى ما قبل نصف قرن من الزمان.. عقلية التفويض يجب ان تنتهي اعمالكم دلت عليكم و الواقع عرّاكم تماما فلما وجدتم الناس بدأت تفيق من احلام وعودكم تريدون تفويضا تقضون به رسميا وبالقانون على من يمكن ان يبدى اعتراضا على ممارساتكم … اعتقد ان الناس اصبحت اكثر وعيا واما الحشد للبسطاء طمعا في وجبة غداء او نقلة بالباص للاستمتاع بموسم البلدة فقد اصبحت مسرحية مملة وقديمة ولن تُجدي نفعا ولو خرج هذا الحشد بمطلب واحد وبالامكان تحقيقه من باب من اجل عين تكرم مدينه. الا وهو فتح مطار الريان لاستطاعوا كسب ثقة الاغلبية الصامت.