منذ ما يزيد على قرن وربع من الزمان وبعد أن عقدت الحركة الصهيونية مؤتمرها الأول في مدينة بازل السويسرية في أغسطس 1897م بقيادة الصهيوني المجري تيودور هرتزل وبعد أن أقروا قيام دولة لهم على الأرض الفلسطينية سعوا في البداية لتشكيل لوبيات ضغط في مراكز صنع القرار في الدول الكبرى في ذلك الوقت بكل الوسائل المتاحة وما أكثر المتاحات لديهم ومن أهمها المال وهو عصب الحياة ومراكز نفوذ سياسي تخترق معظم الدوائر وتصيغ القرارات في الدول المؤثرة ثم المنظمات الدولية من عصبة الأمم الى هيئة الأمم وما تفرع عنها، بالإضافة الى خطة عمل مزمنة لتنفيذ كل ما يتفقوا عليه في مؤتمراتهم وما احتوته بنود بروتوكولات خبثائهم وما استلهموه من تلمودهم وتوراتهم المحرّفة،
وأكثر ما ركزوا عل الاعلام بوجه الخصوص نظراً لتأثيره المباشر على الشعوب فامتلكوا ناصيته وتحكموا في مفاصله، ولم يعرفهم حق المعرفة سوى الزعيم الألماني أدولف هتلر الذي قال: (انا اعرفهم حق المعرفة، اقتلوا صغارهم وكبارهم ولا ترحموهم مهما تباكوا واقتلوهم في كل مكان، لا أريد نسل اليهود في هذه الأرض، هذا النسل خرج ليدمر البشرية، لا يريدون التعايش معكم، وينظرون لكم كعبيد، وعليكم قتلهم قبل أن يقتلونكم، فليمت أعداء البشرية)
وهكذا فعلوا في فلسطين بعد هجراتهم المتتالية برعاية بريطانية وبعد وعد بلفور المشؤوم وقيام دولتهم فتهجير شعب بأكمله من دياره بعد مذابح وحشية في معظم الأرض الفلسطينية ولتنفيذ خططهم اعتمد الصهاينة على إنشاء العصابات الإرهابية المسلحة، وأشهر هذه العصابات: شتيرن والأرجون والهاجاناه، وهي التي كونت فيما بعد ما يعرف بجيش الدفاع الإسرائيلي،
وتحققت لهم دولتهم اللقيطة بتواطؤ عالمي وضعف عربي وأمام شعب أعزل لم يكن لديه ابسط أدوات المقاومة، وتوالت الاعترافات بها بدأً من الاتحاد السوفييتي وتبنتهم أمريكا بالكامل جملة وتفصيلاً وخاصة أن اللوبي الصهيوني هو من يدير السياسة الامريكية المتعجرفة خاصةً القيادات المسيحية المتصهينة للتوافق مع اساطيرهم في كتبهم المحرفة،
وعلى مدار خمسة وسبعون عاما ظلت الدعاية الصهيونية بأعلامها وكتابها ومراكز ابحاثها تبث سمومها في أوساط الشعوب الغربية أوروبا وامريكا على وجه التحديد تبرر للجرائم الصهيونية وتصف اهل فلسطين والعرب والمسلمين عامة بأنهم مجرد إرهابيين يحاولون التخلص من شعب الله المختار بزعمهم وصنعوا كثير من الأحداث لتتوافق مع أكاذيبهم ومنها الهولوكوست، ولهذا وجدوا تعاطفاً من شعوب تلك البلدان التي انساقت مع سياسات حكوماتهم المبرمجة أصلاً وفق الاختراقات الصهيونية، ولم ترى جرائم إسرائيل اليومية التي تحصد المئات والالاف من أبناء فلسطين وإن رأتها فهي تبرر لهم فعل ذلك،
حتى جاءت الحرب الأخيرة فكانت صحوة الضمير العالمي في كل مكان فلم تعد تنطلي عليهم الأكاذيب الصهيونية ولا الاعلام المضلل والمخادع في شيء فخرجت الجماهير في عموم العالم من كافة الأطياف تهتف بالحرية لفلسطين وترفع العلم الفلسطيني وتندد بإسرائيل وتطالب بوقف القصف الصهيوني المدمر على غزة الذي حصد أرواح الالاف من النساء والأطفال ناهيك عن عشرات آلاف من الجرحى،
ورأينا لأول مرة الكثير من المثقفين والسياسيين الغربيين يظهرون على القنوات وعلى كافة وسائل التواصل وهم يتحدثون بكل شفافية وانصاف ويدحضون أكاذيب الصهاينة جملة وتفصيلاً،
وراينا الكثير من الرجال والنساء والشباب والفتيات في مقاطع التواصل الاجتماعي وهم يتحدثون وبنبرة تعاطف مع غزة وشعبها المحاصر وكانوا يتحدثون عن صبر هذا الشعب الذي يتعرض للقصف المدمر بالقنابل والصواريخ التي لا تبقي على أحد وكيف بهم وهم يحملون أشلاء أطفالهم واخوانهم واخواتهم وزوجاتهم ويحمدون الله على ما اصابهم ويعلنون التشبث بأرضهم ولن يتركوها ولو أفنوا جميعاً، ما هذه الإرادة وما هذه العزيمة وما هذا الصبر الذي لم يسبق لهم أن يروه وكيف لطفل تجرى له عملية جراحية وليس لدى الطبيب مخدر واذا بالطفل يصدح صوته بتلاوة آيات من القرآن الكريم تنسيه آلام العملية الجراحي،
فيقول كثير منهم أننا بدأنا نبحث عن الحقيقة فاشترينا المصحف الشريف لقراءته وتدبر آياته ومنهم من أعلن اسلامه ونطق بالشهادتين وقد أجهش بالبكاء لأنه وجد طريق الحق بعد أن شرح الله صدره للإسلام دين الحق، فكم هي كرامات غزة ورجالها المؤمنون الصادقون الذين كان سبباً في صحوة الضمير التي رأينا.