محمد بن زايد الكلدي
محمد بن زايد الكلدي

تخبط السياسة السعودية

سياسة السعودية دائما ما تخسر الجميع،  من يتابع سياستها خلال ثلاثة عقود مضت، لم تعمل لها حليف سياسي يمكن إن ينوب عنها وعن سياستها ومصالحها أقل تقدير

_  في لبنان كانت السعودية حاضرة وبقوة وهي من رعت إتفاق الطائف عام 89م بعد حرب استمرت15 عاما، ومن بنود الإتفاق الحساسة سحب الأسلحة من جميع الطوائف باستثناء "حزب الله"! باعتباره حركة مقاومة في وجه الإحتلال الإسرائيلي،  هنا كانت البداية فكيف كانت نهاية هذا البلد الفقير الممزق الذي هو في طريقه مجددا إلى العودة للحرب الأهلية، السؤال ماذا تبقى للسعودية في لبنان؟ لا شيء يذكر حتى حزب المستقبل الذي ظل حليفا باعتباره سنيا يقوده عائلة الملياردير الحريري، فأين موقعه من الخارطة السياسة اللبنانية، ؟ يكاد يتلاشى وينتهي وذلك بعد ابتعاد المملكة عنه.!

_ولو جئنا إلى العراق العظيم، من الذي حرض وجمع دول العالم لإسقاط صدام غير المملكة العربية السعودية،! وبعد سقوط صدام والقضاء على حزب البعث الإشتراكي، سيطرت فرق الشيعة المتشددة على البلاد بطولها وعرضها، ولم يبق للسعودية إلا علم يرفرف على سفارتها،  تحميها مجنزرات الحشد الشيعي!، وحتى المقاومة السنية التي برزت في العراق بعيدا عن القاعدة وأخواتها، وخاصة هيئة كبار علماء السنة في العراق بقيادة حارث الضاري،  تم محاربتها ومحاصرتها والتحذير منها من السعودية، فأين هو العراق اليوم؟!!  أصبح ولاية ومحافظة من محافظات إيران. 

_بعد ذلك جاء الربيع العربي وكالعادة بدلا أن تقوم السعودية بالمصالحة مع شعوب المنطقة، والتأقلم مع الواقع الجديد، عملت على إشعال الفتنة في كل البلدان، ودعمت العسكر والإنقلابات وتحت حجج واهية وهو احتواء المد الإخواني،  والذي أصلا خرجت كل قياداته وترعرعت في بلاط حكام السعودية، وماذا حدث بعد ذلك سقطت سوريا بيد إيران الشيعية لتلحق بالعراق ولبنان، ودخلت تركيا بقوة بعد إن رأت المنطقة العربية يتم تقسيمها فسال لعابها، ووجدتها فرصة سانحة لاستعادة ولو جزء من أمجادها،  فأخذت شمال سوريا وتوغلت شمال العراق بعمق عشرين كيلو، وتوسعت باتجاه الخليج، وصولا إلى العاصمة الليبية طرابلس. 

_ولو نظرنا إلى الحالة اليمنية لم تختلف سياسة السعودية في الملف اليمني عن باقي الدول، وقفت ضد الحراك الشعبي الجنوبي، والذي يعتبر عميد الثورات العربية والسباق في مقاومة الظلم والإستبداد في المنطقة العربية، ثم جاءت ثورة الشباب في صنعاء ، فوقفت المملكة ضد تطلعات الشعب اليمني، وبدلا من دعم المسار السياسي الجديد، عملت على إعادة وترميم نظام عفاش المتهالك، وقدمت مبادرة عرفت باسم مبادرة الخليج، وجعلتها مرجعية للحل في اليمن، ولكن لم تمض أشهر معدودة إذا بصنعاء تحت سيطرة الحوثي المدعوم من إيران، لتنظم اليمن وخاصة الشمال إلى محور إيران وتكون صنعاء العاصمة الرابعة تدين بالولاء لإيران.   _بعد ذلك جاءت عاصفة الحزم والتي كانت بارقة أمل، وجذوة نور يستضيء بها الإنسان العربي المنهك والمثقل بالهموم والأحزان ، بعد ظلام دامس خيم سماء المنطقة العربية برمتها.  ولكن وبكل أسف خابت الظنون وتغيرت اللعبة، وانحرفت عاصف الحزم عن أهدافها، لتتحول إلى عاصفة تدميرية لكل شي في اليمن، فلا شرعية استعادتها، ولا حوثي قضت عليه، ولا جنوب محرر حافظت عليه، بل أشعلت فيه الحرائق بكل بقعة، حتى محافظة المهرة التي ظلت بعيدة عن سياسة اليمن منذ زمن بعيد،  طالتها يد السعودية وقسمت المحافظة بين قبائل موالية لعمان، وأخرى موالية لها، وفي العاصمة عدن أول محافظة يتم تحريرها، ما زالت تبحث عن شربة ماء وعن دبة بترول، وتعيش المحافظة أسوأ مرحلة في تأريخها.

هل يدرك الساسة في المملكة العربية السعودية هذه الأخطاء القاتلة وتصحيحها؟،. فماذا تبقى لها في اليمن؟ الشمال أمره قد حسم وانتهى زمان، والجنوب المحرر اشعلوا فيه حروب خطيرة، وهذا ليس في صالحهم، والدول الأخرى تراقب الوضع اليمني وقد تتدخل في الوقت المناسب،  فتصبح السعودية خارج اللعبة تماما، لا شمال ولا جنوب. ______ محمد بن زايد الكلدي