قضية الإصطفاء وقضية أحقية الولاية في قريش أو آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من القضايا التي شغلت اليمنيين منذ إرهاصات ثورة سبتمبر ومابعدها وعلى الأخص بعد سيطرة الحوثي كقطب أوحد في الانقلاب الذي حصل عام 2014م وبناء أدبياته وممارساته وفق هاتين القضيتين ..

تم كتابة الكثير وتفرغ لنسف هذه الفكرة علماء ومفكرون وخاض فيها إعلاميون وكتاب، وتعددت الأساليب والطرق لتفنيد هذه النظرية الدخيلة على الإسلام والتي تناقض أسسه التي قام عليها في المساواة بين الناس وعدم التمايز بينهم الا بالتقوى دون وجود أحكام خاصة وحقوق مميزة لأي أحد ..

الأكثرون من آل البيت أو لنقل من الأسر الهاشمية في اليمن وغير اليمن ممن لايحصلون على أي امتيازات ويعيشون مثل بقية الناس لا يهمهم الا قيام دولة تحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم وتوفر لهم الخدمات الأساسية وتكفل لهم حقهم في النقد والمشاركة في السلطة عبر الوسائل المتاحة، ولذلك شهدنا في قائمة الثوار اليمنيين على الحكم الإمامي عدد من الضباط الأحرار والمدنيين من هذه الأسر الكريمة ..

مع طرق هذه المسألة وبسبب الظروف التي عاشتها اليمن قديماً وحالياً أتيح لليمنيين نقاش هذه المسألة دون حواجز أو تهيب من نقد التراث فصار لدى اليمنيين رؤية أوضح من غيرهم وتقعيد وتأصيل شرعي وتاريخي واجتماعي لا يتوفر عند غيرهم، وربما يتيح ذلك لليمنيين أن يتصدروا إعادة مراجعة هذه النظريات والمسائل التي كان تأصيلها ومنطلقها عند أهل السنة قبل الشيعة، ولعلهم ينقلون فكرة نقد هذه المسائل لبقية الدول العربية والإسلامية التي لم يكن لديهم مايحرك طرحها عندهم ..

ولكن في نفس الوقت يعاب على اليمنيين وقوعهم في الفوضوية والتطاول على التخصص والخوض من قبل من لا أهلية لهم في المسائل العلمية، ويضاف لذلك تأثر البعض بقضايا المجتمع وموروث المظالم التي جرتها هذه النظريات وممارسات الأئمة الظالمة التي أوجدت حساسيات مذهبية مناطقية قد تغالي أو تفرط في نقد هذه المسألة لتوصلها لكونها قضية مع عرقية بذاتها بل ومع شخوص من خيار الصدر الأول في الأمة ! وهذا لعمري من العجب أن تنتقد نظرية كونها قائمة على عنصرية فتقع في عنصرية أخرى مماثله ..!! 

أتمنى أن ينضبط نقد هذه المسائل بضابط النقد العلمي الفكري البعيد عن العنصرية والنعرات التي تزيد الجسد اليمني الوطني المثخن وهناً، ولكي تنطلق من اليمن دعوة لمراجعات فكرية في هذه المسائل بشكل مقبول يظهرها بشكل علمي معرفي لامجرد ردات فعل نزقة لسلوك طائفي مليشاوي غاصب للسلطة في اليمن ..