ليس هناك اليوم من عدو للأسرة واستقرارها وتماسكها مثل التلفون المحمول الذي أصبح في متناول الصغير قبل الكبير يتسابقون على اقتناء اخر الإصدارات بعد ان أصبح جزء من شخصيتهم بل ان بعضهم اختزل حياته في هذا الجهاز وأصبح شغله الشاغل. هذا التلفون الذي أرهق الاسرة من الناحية الاقتصادية فكل فرد من افراد الاسرة بحاجة الى ما يسدد به فواتير استهلاك النت والاتصالات حتى أصبحت فاتورة الاستهلاك مقدمة على العديد من الاحتياجات الضرورية وتفوق كلفة المعيشة الشهرية للأسرة وقد يهون ذلك إذا ما تأملنا ما احدثه من تردي في مستوى العلاقات الاجتماعية وما تسبب من تراجع مستوى الاخلاق والقيم بفعل الاستخدام المفتوح والسيئ فتفشت ظاهر المضايقات والاتصالات دون ضابط مما عكر صفو الاسرة وأضعف الروابط الاجتماعية فهناك حالة من القطيعة اللامعهودة بين افراد الاسرة بعد ان اقتصر الجميع على جعل التلفون أساس كل تواصل فلم يعد هناك اليوم أي لقاءات او أحاديث مباشرة بين الاسر بل داخل البيت الواحد فالزوج قد يملي طلباته على زوجته عبر الواتس مع انهم في غرفة واحدة الكل مشغول بهذا الهاتف في عالم افتراضي الأولاد مشغولون بالألعاب والحلقات المحملة على الهواتف والاباء والامهات على مواقع التواصل الاجتماعي فلم يعد لهم أي لقاءات الا على عجالة بما في ذلك اجتماعهم على وجبات الاكل فالكل يكتفي بلقيمات متقطعة فهناك شعور انه لا داعي للاجتماع حتى على موائد الاكل وان حصل فكل واحد عينه على الهاتف لقد انعدمت النقاشات بين الاسر لم تعد هناك للمناسبات أي أهمية كما كان سابقا الفرح بقدوم مولود جديد او إقامة حفل عرس او لقاءات عيدية فلم يعد للصداقات أي معنى فالكل فضل البقاء في المنزل مع الهاتف انعدمت الرغبة بالخروج من المنزل او تكوين صداقات وعلاقات على أسس أخلاقية اننا اليوم بحاجة الى وقفة جادة مع الهاتف الذي تسبب في احداث شرخ كبير في العلاقات الاسرية ولن اتحدث عن حالات الطلاق والخلع التي تسبب بها ذلك التلفون اننا بحاجة الى إعادة النظر في ترتيب اوقاتنا وعلاقاتنا من جديد بعيدا عن حكاية التواصل بالهاتف نحن بحاجة الى احياء النقاشات واللقاءات المباشرة الى تبادل الزيارات والاستماع الى بعض والتخلي عن الهاتف الا فيما هو ضروري.