مع انتهاء النصف الاول من العام الحالي 23 دخل الاقتصاد اليمني في ازمة اقتصادية عميقة غير مسبوقة حيث تراجع الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 50% مع نهاية عام 22 حسب بيانات البنك الدولي ؛ وتوقف صادرات النفط اعتبارا من اكتوبر 22 الناتج عن ظروف قاهرة ترتب على تهديد سلطة صنعاء بضرب ناقلات النفط وشروعها في ذلك فعليا. والذي جاء من وجهة النظر الواقعية لمعاقبة عامة السكان وخاصة الواقعين تحت سلطة حكومة الشرعية لانها ادت الى خلق وضع انساني حاد يعاني منه السواد الاعظم من السكان اما السياسين فلن يتاثروا بمثل هذه الاعمال العنيفة غير القانونية .
ياتي ذلك في ضوء انسداد آفاق الحوار والحلول السياسية بعد ان كانت بعض الخطوات قد توجت بفتح الاستيراد عبر ميناء الحديدة بشكل كامل والاتفاق على معاودة استئناف :
طيران اليمنية وبدء عملها فعليا من مطار صنعاء الدولي الى وجهات اخرى حيث لم تعد محصورة رحلات اليمنية الى الاردن بل يتوقع استئتافها الى مصر والهند ايضا ؛ جاء ذلك بالتوافق مع اطلاق عدد كبير من الاسرى من الجانبين. لكن على الرغم ان فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء وبشكل كامل وغير مشروط وتبادل الافراج عن عدد كبير من الاسرى هذه التفاهات التي انهت الأوضاع الانسانية التي كانت تطالب بها صنعاء كان ينبغي البناء عليه لتنفيذ ما اتفق بشانه من اجل خلق شروط وظروف واجواء مناسبة للدخول في حوار سياسي ينهي معاناة المواطنين لكن المفارقة ان الوضع الانساني على اثر توقف صادرات النفط انتقل بشكل حاد الى مناطق سيطرةحكومة الشرعية.
هذه التطورات السياسية والاقتصادية السلبية وغيرها انعكست على تزايد الاختلال في ميزان المدفوعات الذي يصل نسبة العجز فيه : نحو 75% يحدث ذلك بالتوازي مع ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة بنفس النسبة تقريبا .
واستطرادا من الطبيعي ان تتراجع اسعار الصرف وعودة التضخم الزاحف متاثرا بالعوامل الاقتصادية والسياسية القائمة ويكون معه التركيز المبالغ فيه او توجيه اللوم على السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف لن يكون كافيا لمعالجة الوضع ..لان محور الارتكاز هو في معالجة الاختلالات في الموزنة العامة للدولة وميزان المدفوعات وخاصة في الميزان التجاري الشق الاهم فيه المعبر عن العلاقة :
بين الصادرات -والواردات . والخلاصة فإن المسؤولية للوصول الى انفراج للازمة تنصب على الدور الذي يجب ان ينهض به السياسين لان الاقتصاديين تقريبا استنفذوا دورهم .
ومدخل المعالجة هو المدخل السياسي بدءا من انها الظرف القاهر على صادرات النفط ؛وانتها بطلب المساعدات الخارجية العاجلة من الاشقاء والمؤسسات الدولية . بشرط ان يترافق ذلك مع إجراء اصلاحات اقتصادية حقيقية تضع حد لمداخل الفساد وتسرب الموارد . مالم فكل المؤشرات الاقتصادية والانسانية تبين ان البلد تنزلق الى مرحلة خطيرة من المجاعة الحقيقية لم نعرفها من قبل . فالوديعة السعودية المشروط استخدامها والمراهنة على استقرار سعر الصرف لن تحل المشكلة في ظل الازمة الاقتصادية العميقة والوضع الراهن للموارد.
د.يوسف سعيد احمد