محمد علي محسن
محمد علي محسن

دجاج الخير صوراء ..

أشك أنَّ أيًا من الوزراء ، أو المحافظين ، أو القادة العسكريين النافذين لهم أذان يسمعون بها أصوات صاخبة غاضبة - وما أكثرها - ؛ فكيف لهم سمع أنين الصامتين ؟ . 

 

أقول لا أحد من هؤلاء يمكنه سماع صرخات النَّاس ، فجميعهم - إلَّا من رحم ربي - منشغل في تنمية الذات ، بالنسبة لهم موسم حصاد دائب ، خريف وبلا توقف أو انقطاع . 

حالهم يشبه الدُّب القطبي الذي غادر مخبأة الثلجي تحت وطأة جوعه ، إلى أسفل شلال ماء ، وحالنا مثل أسراب سمك السَلَمون الباحثة لها عن موطن آمن تضع فيه بيضها .

 

ففي وقت تتفافز فيه هذه الأسماك فرحًا بانعتاقها ، بعد هجرة جماعية وسباحة ضد التيار ؛ يقودها حظها البائس إلى بين براثن دُب ضخم وجائع ، يصطادها بالخبط واللطم والدعس ، ولا يكتفي بشبعه حد التُّخمة ، إذ لا يغادر إلَّا وقد تزود بكمية كافية من الدهون تكفيه لمواجهة الشتاء القارس .

 

وعندنا في الريف يقال أنَّ دجاج الخير صوراء ، ففي موسم الحصاد تجد الدجاج شبعانه متخمة من فرط ما توافر لها من البذور والأعشاب ، لذلك لا يتعب أهل الريف أنفسهم في مناداتها أسوة بالايام الخوالي .

 

ففي معظم أيام السنة يكفي أن تقول : ' كيت .. كيت " ؛ فتأتيك دجاجك ودجاج الجيران والقرية مجتمعة ، أمَّا في أوقات الخير ، فإنَّهن يتطارشن عن الإجابة ، لذا الإنسان العاقل لا يرهق ذاته وصوته ، يدرك جليًا انَّه ما من دجاجة واحدة تصغي له ، فجميعهنَّ يعشنَّ في بحبوحة ونعيم .

 

حال دجاجة الخير الصوراء ينطبق تمامًا مع حال المسؤولين في هذه البلاد ، فلا يسمعون ، ولا يلتفتون ، ولا يبالون بمعاناة من حولهم . المهم أنَّ أمورهم طيبة ، ومرتباتهم مجزية ، بالدولار ، أو الدرهم أو الريال السعودي .

مآساتنا لا تختلف عن مأساة سمك السلمون الشارد من فتك القرش إلى براثن وفم الدَّب القطبي ...

 

محمد علي محسن