ارتفعت حدة المواجهات بين مسلحي الحوثي الانقلابي والجيش الوطني اليمني في يناير 2021، إذ توظف القوات اليمنية جميع طاقاتها من أجل السيطرة على محافظة مأرب وتحريرها من قبضة الحوثيين، الأمر الذي نجم عنه تكبد الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران خسائر فادحة في العتاد والأرواح، فضلًا عن وقوع انقسامات بين قيادات الحوثي حول كيفية التقليل من خسائرها بأقصي قدر ممكن واستعادة مأرب.
خطة الشامي وصراع حوثي
وفي ظل الصراع الدائر بين قيادات الحوثي حول مستجدات الوضع في جبهات مأرب، أعلنت مصادر قريبة من الانقلابيين، أن «عبد الملك الحوثي» طالب من قياداته وضع خطة مناسبة من أجل مواجهة خسائرهم في مأرب، ولذلك قدم القيادي الحوثي «يحيى الشامي» عريضة تضمنت بنود خطة، يتم بموجبها الانفتاح على السعودية والامارات، وتخفيف الولاء لإيران مرحليًّا.
ووفقًا لوسائل إعلام يمنية، فإن الخطة التي وضعها «الشامي» تعد بمثابة تكتيك حوثي جديد للتخفيف من آثار انكسار مأرب، والتعامل بمرونة مع المجتمع الدولي، ولكن بعدما يحقق الحوثيين، ما يريدونه، سيرجعون كما كانوا مدنيين بالولاء الكامل للنظام الإيراني الداعم الأول لهم.
أكاذيب متواصلة
وتجدر الإشارة، الى أنه قبل الإعلان عن تلك الخطة المزعومة، كان القيادي الحوثي البارز «محمد علي الحوثي» اعترف في مقابلة له مع وكالة سبوتنيك الروسية مطلع مارس 2021، عن هزيمة ميليشياته في مأرب أمام صمود قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بل وأعلن القيادي الحوثي أن جماعته على استعداد لإبرام مفاوضات في روسيا مع دول التحالف العربي لإنهاء الحرب في اليمن.
وتفاعل الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مع إعلان القيادي الحوثي، واعتبروا أن حديثه هذه المرة عن مفاوضات يعد بمثابة هدنة كي يرتبوا صفوفهم مرة أخرى من أجل دخول مدينة مأرب، وللتغطية على فشلهم في المعركة الدائرة مع الجيش الوطني اليمني، فضلا عن عدم الكشف عن الانقسامات والمعارك الداخلية الواقعة بين قيادات الانقلابي جراء تقديم كل منهم رؤية مختلفة حول مواجهات مأرب التي أفضت في نهاية الأمر لخسائر جمة.
ومن جهة، رأي عدد من المحللين السياسيين أن ما قاله القيادي الحوثي يعد إقرارا بهزيمة ميليشياته في معركة مأرب التي لم تنجم عن تحقيق أية مكاسب لهم بل العكس تكبدوا خسائر فادحة من أجل الدخول إلى مأرب، وما يريدوه الحوثي في التوقيت الحالي إعادة ترتيب صفوف قياداته والدفع بهم مرة أخرى؛ لأن الميليشيا المدعومة من إيران لن تتخلى بسهولة عن مأرب التي تحتوي على كمية هائلة من النفط والثروات الأخرى.
ضغط إيراني
وحول دلالة تلك الانقسامات ومصير معركة مأرب، قال محمود الطاهر الباحث المتخصص في الشأن اليمني، إن هناك انقسامات حادة داخل صفوف الميليشيا الحوثية الموالية لإيران، نتيجة لعجزها عن تحقيق تقدم في محافظة مأرب التاريخية والاستراتيجية، إضافة إلى أنها تحولت لمقبرة الحوثيين، واستنزافًا لقواتهم التي هلك هناك آلاف من عناصر الجماعة الإرهابية.
وأشار «الطاهر» في تصريح خاص لـ«المرجع» أنه هذا الخلاف يعود إلى ضغط الحاكم العسكري الإيراني في اليمن، حسن إيرلو الذي يضغط بشدة على الميليشيا لمواصلة المعركة، على اعتبار أن احتلال مأرب، سيمكنهم من احتلال شبوة والبحر العربي، والوصول إلى البحري العربي يعني التحام الحوثيين بإيران، وفقًا لوعود إيرلو للحوثيين.
ولفت المحلل السياسي اليمني أن حسن إيرلو وعد الحوثيين بحكم دول الخليج العربي، في حال وصولهم إلى البحر العربي، وهو ما فتح شهية الميليشيا، ودفعت بتعزيزات ضخمة إلى مأرب، هلكوا غالبيتهم في رمال صحراء مأرب، وبسبب ذلك تفجرت الخلافات، وهناك أحاديث تشير إلى وجود انشقاقات وخلافات مع أيرلو.
وأضاف أن الحوثيين لن يستطيعوا السيطرة على مأرب مهما كانت قوتهم، ولن يقبل العالم بذلك، ولا التحالف العربي، باعتبار مأرب خط أحمر، لكن للحقيقة أن الميليشيا استولت على 10 مديريات في المحافظة من أصل 14 مديرية، وهذا يشكل قليل كبير للحكومة اليمنية، وهو ما جعلها تطلق عمليات عسكرية في الشمالي الغربي والجنوبي الغربي للبلاد بهدف تخفيف الضغط على مأرب من قبل الميليشيا.