أدّت جائحة كورونا، إلى تراجع اهتمام الناس بالحفلات أو التجمع في المطاعم والمقاهي، وبدلا من ذلك، اتجه معظمهم إلى ارتداء الملابس الرياضية وممارسة التمرينات في المنازل أو في الحدائق العامة، ونشر البعض منهم مقاطع فيديو وصورا لهم على منصات التواصل الاجتماعي، وهم يمارسون أنشطتهم الرياضية المفضلة.
وارتفع عدد ممارسي التمارين الرياضية الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير خلال الإجراءات التي اتخذتها الحكومات للحدّ من تفشي الوباء كإغلاق الصالات الرياضية والقيود ومنع وجود الجماهير في الأحداث الرياضية.
وبالنسبة إلى الكثيرين، تساعد ممارسة التمارين على التغلب على الشعور بالملل والقلق وتوفر إحساسا بالراحة النفسية والاسترخاء في الحياة اليومية المرتبطة بالجائحة.
ويبدو أن استخدام برامج التمارين الحية والافتراضية، أصبحت منفذا متناميا للمستهلكين الذين يشترون معدات التمارين لاستعمالها في المنازل.
واستغلت العلامات التجارية الكبرى للملابس الرياضية هذه الظروف، للوصول إلى قاعدة كبيرة من الجماهير المولعة بالأنشطة الرياضية، وفي الوقت ذاته الترويج أكثر للملابس الرياضية التقنية.
التقنيات الذكية شهدت الملابس والتقنيات الرياضية الذكية نموا متسارعا في جميع أنحاء العالم، في ظل التطورات السريعة للأجهزة الإلكترونية وتقنيات النانو متناهية الصغر، وکذلك ارتفاع الطلب عليها، نظرا لما تتمتع به من خصائص وظيفية متعددة تساعد في الوصول إلى أفضل أداء أثناء ممارسة التمارين.
ومثلت الشبكات الاجتماعية الرقمية حتى قبل ظهور جائحة كورونا، قوة تحفيز كبيرة لاهتمام الناس المتزايد باللياقة البدنية لتحسين صحتهم، ما أدى أيضا إلى ظهور شبكات من المستهلكين على استعداد للاستثمار في تطبيقات اللياقة البدنية والمعدات والملابس.
وتغذّي تطبيقات اللياقة البدنية الشعور بالانتماء إلى هذه المجتمعات الرقمية، إذ بات الناس مستعدين وبشكل تلقائي إلى زيادة إنفاقهم على المعدات والملابس الرياضية عالية الجودة.
الشبكات الرقمية مثلت قوة تحفيز كبيرة لاهتمام الناس المتزايد باللياقة البدنية لتحسين صحتهم
ويستخدم أكثر من 74 مليون رياضي في جميع أنحاء العالم تطبيق “سترافا”، وهو شكبة اجتماعية جديدة للرياضيين الذين يمارسون الأنشطة الرياضية في الهواء الطلق، مثل الجري وركوب الدراجات، ويعدّ الجانب الاجتماعي لهذا التطبيق الحافز الذي يجذب مليوني مستخدم كل شهر، كما يقول مدير التسويق الدولي سيمون كليما، إذ يحب المستخدمون متابعة أصدقائهم وينشرون أنشطتهم المنزلية التي يرفقونها بتنويهات أو تعليقات.
وقال كليما “كما ازداد نشاط العلامات التجارية للملابس الرياضية بشكل كبير على تطبيق «سترافا»، ما أدّى عادةً إلى إنشاء نوع من التحدي، وهو الإحساس بأن النشاط هو أفضل جزء من يوم مرهق وممل لدى معظم الناس في الوقت الحالي، وإذا استطاعت العلامات التجارية أن تستغل مثل هذه اللحظات، فهذا أمر جيّد حقا”.
وتمتلك العلامة التجارية للملابس الرياضية الفاخرة “لولو ليمون” أحد أكبر الأندية على تطبيق “سترافا”، حيث يضم أكثر من 100 ألف عضو. وشارك في التحدي الخاص بالعلامة التجارية الذي يحمل اسم “موف آند ستاي كونيكتد”، أكثر من 300 ألف شخص يتابعون تدريباتهم معا في مجتمع “سترافا”، كما ذكرت نيكي نيوبورغر، كبيرة المسؤولين في “لولو ليمون”.
وقالت نيوبورغر “يتوق العالم إلى اتباع طرق جديدة للبقاء على اتصال دائم مع الأشخاص المهمين بالنسبة إليهم، مثل أصدقائهم وزملائهم في العمل، وشبكة علاقاتهم الاجتماعية. كما أدّى ذلك إلى زيادة رغبة المستهلكين في الوصول إلى المنتج والمحتويات الرياضية الرقمية بطريقة سهلة وبديهية”.
وأشار كليما إلى أن ما يجعل مجتمعات اللياقة البدنية متميزة هو التواصل المباشر والطويل الأمد، فعندما يقوم شخص ما بالمشاركة في تحدّ على “سترافا” على سبيل المثال فإن ذلك لا يعني مجرد المشاركة لفترة زمنية محدودة ثم ينتهي الأمر، بل قد يستمر التحدي لشهر، وهو شعور مجز ويحقق الرضا النفسي في النهاية.
شبكات اللياقة
مع استمرار الجائحة، أصبح الناس يتطلعون أكثر من أي وقت مضى إلى التواصل المتبادل أو إيجاد مجتمعات لياقة بدنية موثوق بها والاستفادة بالنصائح والمعلومات الرياضية منها، وبهذا ازداد نمو شبكات اللياقة البدنية الرقمية الشديدة التفاعل على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي.
وتمثل مواظبة المرء على ممارسة الرياضة من الأمور الصعبة، حتى في ظل وجود النية الحسنة للقيام بذلك، وخاصة إذا ما عزم البعض من الناس على خوض التجربة بمفردهم، ومن دون وجود دعم من أفراد الأسرة أو أصدقاء يدعمونهم ويشجعونهم على المضيّ قُدما في ممارسة التمارين لأجل تخفيض وزنهم وتحسين صحتهم.
وشددت الكثير من الأبحاث على أهمية وجود شبكة من العلاقات التي لها نفس الأهداف من ممارسة التمارين الرياضية وما لها من دور محفز على المواظبة على نمط الحياة الصحي، ويسمى هذا السلوك بالتعلم الاجتماعي من خلال الملاحظة والمحاكاة، حيث يخلق نوعا من التنافس أو التحفيز الذي يجعل الأشخاص أكثر التزاما بممارسة الرياضة.
المحفزات الخارجية تعدّ مجتمعات اللياقة البدنية الرقمية اليوم عنصرا رئيسيا في خلق نوع من المحفزات الخارجية المساعدة على ممارسة الرياضة، وخلق شبكات اجتماعية تشترك في نفس الهدف وتعمل سوية من أجل الوصول إليه والمحافظة عليه.
ونمت قاعدة المشتركين في منصة اللياقة البدنية المنزلية “فيت” بنسبة 700 في المئة خلال العام الماضي.
74 مليون رياضي يستخدمون تطبيق "سترافا"، وهو شكبة اجتماعية للرياضيين الذين يمارسون أنشطتهم في الهواء الطلق
وأنشأ تطبيق “فيت” فصول لياقة بدنية افتراضية عبر تطبيق للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة سكاي كيو، ويتم تحميل التطبيق على الإكسسوارات الرياضية الالكترونية القابلة للارتداء، ويمكنه مراقبة معدل ضربات القلب وتمكين المستخدمين من التنافس والانضمام إلى الفصول مع الأصدقاء.
يقول المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “فيت” دانيال شيلارد “الملابس هي الجزء الأكبر والمهم في مجال اللياقة البدنية الرقمية. نقوم بجمع التعليقات بعد كل فصل دراسي. وغالبا ما يسأل الناس ما الذي يرتديه المدرب”.
وأضاف “نهتم بما يرتديه المدربون لدينا حتى يتمكن المستخدمون من شراء هذه الملابس داخل التطبيق”.
وسبق أن أشارت راشيل ميلتزر وارين، أخصائية التغذية في نيويورك إلى أن التواصل بين الأشخاص الذين يتشاركون في نفس الأهداف على المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، يفضي إلى جعل الكثيرين يعملون بجِدّ للبقاء دائما على المسار الصحيح، مشددة على أن القصص الشخصية أكدت أن التكنولوجيا، وخصوصا الشبكات الاجتماعية الرقمية يمكن أن تكون عاملا مساعدا على تحقيق أوزان صحية، كما أن الكثير من الدراسات أظهرت تمكّن نسبة كبيرة من الأشخاص من تخفيف الأوزان بفضل المنشورات التي تهدف إلى الحثّ على ممارسة الرياضة واتباع أنظمة غذائية صحية.