لم تشهد الأعمال الكوميدية الخليجية في الموسم الرمضاني الحالي الكثير من المفاجآت، فأغلبها قد اعتمد على المفارقة أو الإفيه الضاحك والقليل منها تبنى كوميديا على الموقف.
ولم تخل هذه الأعمال بالطبع من السقطات والهفوات التي وصلت إلى حد استدراج المواقف بشكل سطحي ومفتعل، كما اتسمت بالتفاوت في المستوى، ومنها أيضا ما أثار الجدل من حوله بعد بداية عرضه مُباشرة.
ومن بين هذه الأعمال يبرز النجم السعودي ناصر القصبي الذي أطل على جمهوره هذا العام عبر مسلسل “ممنوع التجول” للمخرج أوس الشرقي، وهو عبارة عن حلقات منفصلة لكل منها قصة مستقلة عن الأخرى. وكعادته في أعماله السابقة لا يفوّت القصبي فرصة تناول العديد من التقاليد والسلوكيات الاجتماعية بالنقد الساخر. والجديد هنا أن حلقات المسلسل جميعها مستوحاة من فترة العزل التي فرضها وباء كورونا، إذ تتّخذ من أجواء الحظر منطلقا لسياقها الفكاهي.
وكعادة القصبي تحوّل عمله مع عرض حلقته الثانية إلى مادة للسجال على وسائل التواصل الاجتماعي. أما سبب هذا السجال فكان واحدا من المشاهد التي تضمنتها الحلقة، وفيه يلجأ القصبي مع إخوته إلى وضع جثة والدهم المتوفى في ثلاجة البيت، حتى تمرّ أيام الحظر ويستطيعوا إقامة عزاء يليق به.
وما إن عُرضت الحلقة حتى انتشر المقطع بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية مع تعليقات مستهجنة لهذا الفعل، إذ اعتبر البعض أنه يتعرّض بسخرية غير لائقة لجلال الموت، كما يشي أيضا بعدم الاحترام للآباء، حتى أن عضوة مجلس الشورى السعودي كوثر الأربش عبّرت عبر صفحتها عن غضبها مهاجمةً القصبي ومسلسله ومعتبرة أنه يقدّم نموذجا غير لائق للمجتمع السعودي.
ولم يقتصر السجال حول الأعمال الدرامية على المحتوى الدرامي بل تخطاه إلى تتر العمل نفسه، فبعيدا عن مسلسل ناصر القصبي حظي المسلسل الكوميدي الكويتي “شليوي ناش” بهجوم مشابه بعد أن تسبّب خطأ غير مقصود في إغفال وضع أسماء أبطاله البارزين على تتر العمل، وبينهم أسماء لامعة مثل عبدالله السدحان وعبدالإمام عبدالله ويعقوب عبدالله.
وبعيدا عن هذا الخطأ غير المقصود نجح المسلسل خلال حلقاته الأولى في جذب انتباه الجمهور الخليجي لما يتضمنه من مفارقات كوميدية تتولّد من صميم المعاناة والآلام بين شخصيتيه الرئيسيتين: “شليويح” حارس المدرسة الفقير و”ناشي” سائق الشاحنة البسيط اللذان جمعتهما صداقة استثنائية في حقبة السبعينات من القرن الماضي.
ولم يخل الموسم الرمضاني الحالي من المفاجآت أيضا، إحدى هذه المفاجآت تتمثل في عودة المخرج السعودي محمد دحام الشمري إلى ساحة الكوميديا مرة أخرى بعد انقطاعه عنها قرابة الثلاث سنوات قدّم خلالها عددا من الأعمال الخليجية ذات الطابع الإجتماعي الجاد، بينها أعمال لاقت نجاحا ملحوظا مثل مسلسل “غصون في الوحل”، و”لا موسيقى في الأحمدي”، و“صوف تحت الحرير”، وهو يشارك هذا الموسم بعملين اثنين هما “ستوديو 21” و“سما عالية”.
والمسلسل الأول إنتاج سعودي وتدور أحداثه في إطار كوميدي داخل أروقة إحدى القنوات الفضائية حول مالك قناة فضائية يحاول إنقاذ قناته من الإفلاس عبر العديد من الطرق والأساليب الملتوية التي تأتي عادة بنتائج عكسية. أما العمل الثاني فهو إنتاج كويتي وتنطلق أحداثه في قالب درامي بداية من ستينات القرن الماضي حتى الوقت الحاضر متتبعا الكثير من التحوّلات التي مرّ بها المجتمع الكويتي.
ونبقى مع الكوميديا السعودية من خلال مسلسل “ربع نجمة” الذي يتولى خلاله الفنان السعودي طارق الحربي لأول مرة مسؤولية إدارة الإنتاج. وتدور أحداث العمل داخل أحد الفنادق عبر حلقات منفصلة متصلة، تستعرض العديد من المواقف الطريفة التي تنشأ بين نزلائه وموظفيه. والمسلسل من إخراج محمد الحشكي ويتولى طارق الحربي دور البطولة من خلال تجسيده شخصيةَ طلال.
ومن بين النجوم العائدين إلى أجواء الكوميديا هذا العام أيضا يبرز النجم الكويتي داوود حسين الذي أطل هذا الموسم عبر مسلسل “بو طار” ويؤدّي فيه دور عازف في فرقة لإحياء الأفراح، حيث تنشأ منافسة بين فرقته وفرقة أخرى تحمل الاسم نفسه تتخللها مجموعة من المفارقات الطريفة.
ويشهد هذا العام كذلك استمرار التعاون بين كل من الفنان طارق العلي والمخرج الكويتي نعمان حسين للعام الثاني على التوالي بعد أن قدّما معا العام الماضي مسلسلهما الناجح “آل ديسمبر”.
ويتعاون الثنائي في رمضان الحالي عبر مسلسل “غريب” الذي يؤدّي فيه طارق العلي دور عامل بسيط يسعى لتحسين ظروفه المعيشية بالعمل في بيت أحد التجار الكبار. والعمل يدور في قالب تراثي خلال فترة الخمسينات والستينات، ويعتمد في جانب كبير منه على كوميديا الموقف.
وتأتي الدراما الإمارتية بأربعة أعمال، بينها مسلسل “علاء الدين” الذي تدور أحداثه حول يوميات رجل خمسيني يعيش مع ابنتيه الشابتين في منطقة دبي. وكذلك مسلسل “بنات مسعود” الذي تدور أحداثه حول أربع بنات ووالدهم الذي يرفض تزويجهنّ كي لا يطالبن بحقهنّ في الميراث من والدتهنّ المتوفاة، فتحصل صراعات طريفة بين البنات والأب.