أنقذت الحكومة اليمنية الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة من الانهيار بعد أن وصلت المحادثات إلى طريق مسدود بشأن الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء إلى كل من الأردن ومصر، حين رفض الحوثيون كل المقترحات لتسهيل حصول الركاب على جوازات سفر حكومية معترف بها، وأبلغت مبعوث الأمم المتحدة موافقتها على استخدام المسافرين وثائق سفر صادرة من سلطة الحوثيين للأشخاص الذين ليس بحوزتهم جوازات سفر رسمية.
وبعد مرور ستة أسابيع على سريان الهدنة نفذ الجانب الحكومي ما عليه من التزامات ابتداءً من السماح بتدفق الوقود عبر ميناء الحديدة وإعادة تشغيل الرحلات التجارية من مطار صنعاء، وقبلها الالتزام بوقف إطلاق النار، إلا أن الجناح المتطرف في جماعة الحوثي وفق مصادر أممية وضع العقدة في منشار آلة السلام لتعطيلها.
ورفض هذا الجناح السماح بافتتاح مكتب لإصدار الجوازات في مطار صنعاء، وعمل بكل قوة في سبيل إفشال الهدنة وعودة القتال، وهو أمر جعل الوسطاء الدوليون والإقليميون يستعينون بالمجلس الرئاسي لإنقاذ الهدنة من الانهيار. ومواجهة هذا الجناح المتطرف الذي يتزعمه كبير المفاوضين الحوثيين.
وثائق سفر
ووفق ما ذكرته مصادر حكومية وأخرى أممية لـ«البيان» فإن المجلس الرئاسي ومعه تحالف دعم الشرعية تفهما مخاوف الوسطاء وبادرا إلى القبول باستعمال المسافرين الذين لا يمتلكون جوازات سفر رسمية وثائق سفر صادرة في مناطق سيطرة الحوثيين بعد أن قبلت الدول التي سوف تستقبل رحلات الخطوط الجوية اليمنية بذلك وإخلاء مسؤولية الجانب الحكومي عن أي ثغرات أمنية قد تحدث بسبب ذلك، على أن يتم تدارك ذلك مع تمديد الهدنة والذهاب نحو محادثات سلام شاملة تكون أولوياتها توحيد المؤسسات المنقسمة سواء البنك المركزي أم مصلحة الهجرة والجوازات وإزالة كل العوائق أمام حركة السكان داخلياً وخارجياً.
بنود الهدنة
هذه المصادر بينت أن الجناح الآخر في جماعة الحوثي بادر من جهته أيضاً وكلف مسؤولاً آخر في الجماعة لتولي مهمة تمثيلهم في النقاشات المتعلقة بتنفيذ بقية بنود الهدنة ومنها فتح الطريق إلى مدينة تعز المحاصرة منذ سبعة أعوام، وبقية المحافظات، والانتقال نحو وضع جدول أعمال المحادثات اللاحقة وتمديد الهدنة وتثبيتها، ووضع آليات مراقبة فعالة لتجاوز كل الخروقات التي حدثت في السابق. ومنع انهيارها.
وذكرت أن هناك تحديات كبيرة أمام السلام، وأن الأطراف المتضررة من الهدنة والتوجه نحو السلام عملت خلال الفترة الماضية ولا تزال تعمل على تعطيل أي جهد في هذا الاتجاه وأن هذه القناعات تشكلت خلال جولات المحادثات الأخيرة وأن الوسطاء الإقليميون والدوليون أبلغوا بذلك الجانب الحكومي والتحالف.
وإذا كانت الخطوة الحكومية قد أنعشت آمال السلام من جديد فإنها عكست التزام الحكومة بإنجاح الهدنة وتعزيز جهود إحلال السلام والتخفيف من معاناة السكان في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو أمر أكد عليه رشاد العليمي رئيس المجلس الرئاسي خلال محادثة هاتفية مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جيمس كليفرلي، وشدد على أهمية مواصلة الضغط على الحوثيين من أجل الالتزام بالهدنة وتنفيذ كل بنودها، بما في ذلك فتح المعابر إلى مدينة تعز، والاستجابة للشروط القانونية لاستئناف الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء تخفيفاً لمعاناة المواطنين.
وأبلغ العليمي المسؤول البريطاني بضرورة أن يثبت الحوثيون حسن النوايا إزاء مبادرات السلام المدعومة من المجتمع الدولي وإيقاف استمرارها في شن الهجمات ضد الأعيان المدنية في الداخل اليمني والسعودية والإمارات، وحث المجتمع الدولي على المزيد من الدعم الاقتصادي والتنموي وعلى وجه الخصوص المملكة المتحدة حاملة قلم اليمن في مجلس الأمن الدولي.