صورتها خطفت القلوب.. ممرضة حضنت 3 رضع فوق الجثث ببيروت

اختيار المحرر
قبل 4 سنوات I الأخبار I اختيار المحرر

في غمرة المأساة التي حلّت باللبنانيين جرّاء الانفجار الذي دمّر مرفأ بيروت عن بكرة أبيه، ماحياً معالم برمتها في العاصمة اللبنانية، خطفت ممرضة لبنانية الأضواء بصورتها التي انتشرت كالنار في الهشيم، حاملة 3 رضع في أحد المستشفيات التي طالها الدمار، مهرولة في مسعى لانقاذ أرواحهم.

فقد ظهرت الممرضة، وهي تحمل الرضع بعيد اللحظات الأولى للانفجار لتهريبهم خارج مستشفى في منطقة الأشرفية قرب وسط بيروت رافضة تركهم بين الجرحى وبعض الجثث، محاولة طلب النجدة بأي طريقة.

وعلّق المصور الصحفي بلال جاويش، الذي رصد بكاميرته هذا المشهد الإنساني: "16 سنة من التصوير الصحفي والكثير من الحروب.. أستطيع أن أقول لم أر كالذي رأيته اليوم في مستشفى الروم.. لفتتني هذه البطلة التي كانت تسارع للاتصال وهي ممسكة بثلاثة أطفال حديثي الولادة تحيطها عشرات الجثث والجرحى".

فوضى وصراخ

وروت الممرضة باميلا زينون صاحبة الصورة لـ"العربية.نت" ما حصل معها في تلك الليلة المشؤومة "تعرّضت المستشفى لأضرار كبيرة بسبب عصف الإنفجار، خصوصاً قسم وحدة العناية المركّزة لحديثي الولادة حيث أعمل. وعندما دوى الإنفجار سارعت الى إنقاذ الأطفال الموضوعين في الحاضنة (جهاز يستخدم للحفاظ على الظروف البيئية المناسبة لحديثي الولادة) وعددهم خمسة".

وأضافت "استطعت حمل 3 أطفال بين يدي وبقي طفلان تولّت إحدى زميلاتي الممرضات مهمة نقلهم. ونزلت بهم الى مدخل المستشفى. كان همّي تأمين سلامتهم، لأن بُنيتهم ضعيفة. توجّهت بهم الى المدخل الرئيسي للمستشفى حيث كانت تعمّ الفوضى وصراخ الناس يملأ الأرجاء. طلبت الإتّصال بعائلتي لأطمئنهم علي قبل أن أتوّجه بالأطفال الى مكان آمن".

وتابعت "رفعت سمّاعة الهاتف في المستشفى وحاولت مراراً الاتصال بعائلتي لأن هاتفي تعطّل لإبلاغهم بأنني لن أعود الى المنزل، لكنني فشلت بذلك بسبب الضغط الكثيف على الاتصالات".

بحثاً عن غرفة عناية

تركت باميلا السمّاعة وخرجت بالأطفال الثلاثة (إثنان منهم توأم) الى خارج المستشفى وهي تسير على قدميها يرافقها أحد الأطباء المتخصصين بالطب النسائي بحثاً عن غرفة عناية في المستشفيات القريبة لوضع الأطفال، إلا أنها لم تنجح بذلك بسبب عدد الجرحى والقتلى الكبير الذين توزعوا على المستشفيات.

وبعد اتصالات تولّاها الطبيب المختص، تم تأمين غرفة عناية للأطفال في مستشفى ابو جودة في منطقة جل الديب التي تبعد عشرات الكيلومترات عن منطقة الاشرفية.

مرفأ بيروتمرفأ بيروت

وصلت باميلا والأطفال ومعهم الطبيب الى المستشفى بسيارة خاصة التقوا بصاحبها على الطريق.

وبعدما أمّنت على الأطفال عادت واتّصلت بعائلتها التي عاشت ساعات عصيبة وأبلغتهم أنها بخير وبأنها أنقذت حياة ثلاثة أطفال.

بعدها أقفلت باميلا السمّاعة لتتصل بأهل الأطفال وطمأنتهم بأنهم باتوا في مكان آمن وكأن شيئاً لم يحصل.

انفجار بيروتانفجار بيروت

عمل لن أنساه في حياتي

وبفرحة قالت "عشت مغامرة صعبة، لكنني في المقابل أنقذت حياة أطفال رُضّع وهذا عمل لن أنساه في حياتي".

وما أن إطمأنّت باميلا على "أطفالها" الثلاثة حتى عادت الى المستشفى لمساعدة زملائها على الإستمرار بالعمل الإنساني.

وختمت قائلة: "الأضرار جسيمة والمأساة كبيرة، أقسام عديدة دُمّرت في المستشفى. بدأنا بإزالة الركام ورفع الأنقاض. عودة المستشفى الى العمل بشكل طبيعي تحتاج الى وقت، لكننا حتماً سنعود".