مأزق حزب الله في البحث عن "وسيلة اتصالات" آمنة ومصادر تكشف اسرار جديدة عن تفجير شبكة اتصالاته

تقارير وحوارات
قبل ساعتين I الأخبار I تقارير وحوارات

لا تزال تداعيات الخرق الإسرائيلي المزدوج والمُنسّق في مناطق لبنانية عدة لأجهزة الاتصال اللاسلكي التابعة لحزب الله على مدى اليومين المنصرمين، تُرخي بتداعياتها على الساحة الداخلية، مع ارتفاع أعداد قتلى التفجيرات إلى 37 بحسب وزارة الصحة وسقوط أكثر من 3500 جريح وسط ترجيحات بتسجيل المزيد من الضحايا.

 

وبدأت تُطرح التساؤلات حول من أتى بشحنة "البيجر" من الشركة في بودابست وأجهزة الراديو IC-V82 الّتي كانت تُصنعها الشركة اليايانيّة "ICOM"؟ وكيف دخلت الى لبنان؟ وهل تم تفخيخها من مصدرها بالخارج قبل أن تصل إلى حزب الله؟

 

مصادر مقرّبة من حزب الله أوضحت لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت "أن الحزب تسلّم منذ أشهر شحنة تضمّنت أجهزة الراديو IC-V82 و(البيجر)، لكن من مصدرين مختلفين، وهي كانت مفخّخة من الأساس".

 

وأشارت إلى "أن كمية المتفجرات الموجودة داخل أجهزة الراديو كانت أكبر بكثير من تلك الموجودة في أجهزة (البيجر)، ويبدو أن نوعيتها متطورة بدليل أن أجهزة تحسّس المتفجرات والفحص الموجودة على المطار أو المرفأ لم تكشفها".

 

في الإطار، ذكرت المصادر "أن أجهزة الراديو التي انفجرت، الأربعاء، موجودة لدى العناصر المكلفين بتنظيم مناسبات دينية (عاشوراء) وحفلات تأبين وتشييع، على عكس أجهزة (البيجر) التي يحملها عناصر تنظيمية وكوادر وقادة حزبيين".

 

وفي السياق، أفادت مصادر طبّية لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" "أن عدداً من المستشفيات في بيروت استقبلت جرحى هم قادة وكوادر من الحزب أصيبوا بالاستهداف الأوّل لأجهزة (البيجر)، ولا يزال قسم كبير منهم يخضع للعلاج وإصاباتهم موزّعة بين العيون واليدين".

 

تحقيقات داخل الحزب

 

وأكدت المصادر المقرّبة "أن تحقيقات بدأت داخل الحزب حول ما حصل وهي ترتكز على 3 نقاط: أولاً: كيف حصل هذا الخرق؟ ثانياً: من هو الوسيط الذي أتى بشحنة البيجر وأجهزة الراديو؟ وثالثاً: كيف علمت إسرائيل بالتحضير لشراء شحنة الأجهزة اللاسلكية".

 

ولفتت المصادر إلى "أن هوية الوسيط الذي أتى بالشحنة بات معروفاً"، إلا أنها رفضت تحديد هويته".

 

وفي السياق، أشارت المصادر المقرّبة من حزب الله إلى "أن الحزب لجأ إلى وسيلة تواصل بديلة كانت موجودة بالأصل، لكن غير مُفعّلة، وتم تشغيلها بعد الخرق الإسرائيلي في اليومين الأخيرين".

 

وأوضحت المصادر "أن وسيلة التواصل هذه غير مرتبطة بوسائل تكنولوجية، فيما عمّم الحزب على عناصره بإلغاء كل وسائل تواصل إلكترونية".

 

 

مأزق البحث عن "وسيلة اتصالات" آمنة

 

كشفت مصادر لبنانية عن مأزق حزب الله اللبناني في البحث عن وسائل أو وسيلة اتصال تعوّضه عن اختراق أجهزة "البيجر" وتفجيرها، لكنّ الخيارات تبدو محدودة جداً حتى الآن.

 

وبعد الهاتف الجوّال، لجأ الحزب إلى شبكة الإنترنت، عبر اعتماده تقنية الـ"واي فاي"، ليتبيّن أن الإسرائيلي نجح في اختراقها وتعقّب أي مسؤول عسكري استخدمها لتجري ملاحقته عبر المسيّرات واغتياله.

 

مما استدعى العودة إلى الشبكة السلكية الخاصّة به، التي يعتقد أنها تعرضت للاختراق أيضاً لتنتهي مراحل تعقب الحزب قياداته الإلكترونية بضربة البيجر المدمرة.

 

 

3 وسائل اتصال

 

ويرى الخبير في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، رولان أبي نجم، أن "خيارات (الحزب) باتت صعبة لإيجاد وسيلة اتصالات تعوضه خسارته". 

 

وأشار في تصريح لـ"الشرق الأوسط" إلى أن "الحزب" فقد 3 مرات 3 وسائل اتصال منذ بداية الحرب مع إسرائيل (في 8 أكتوبر الماضي): الأولى مع اكتشافه الخرق الإسرائيلي للهاتف الجوال. 

 

والثانية عند اختراق الشبكة الداخلية للحزب (وايرد) الذي اكتشفه مع اغتيال القيادي فؤاد شكر وما ذكرته وسائل إعلام غربية وعبرية بأن شكر تلقى اتصالاً طلب منه الانتقال من الطابق الثالث إلى الطابق السابع حيث اغتيل بقصف صاروخي، وهذا يعني أن إسرائيل سيطرت على الشبكة الداخلية".

 

ولم يكن نظام "البيجر" الأكثر نجاحاً لدى "الحزب"، لكنه الأقل خطراً لجهة الاختراق وتعقب الكوادر. 

 

ويعدّ رولان أبي نجم أن "لجوء (الحزب) إلى هذا الجهاز كان البديل الأقلّ ضرراً، بصفته لا يحتوي قاعدة معلومات يمكن اختراقها، ولا يشكل خطراً على حامليه، كما أنه لا يمكن تحديد مكان الشخص الذي يحمل هذا الجهاز، بخلاف الهاتف الجوال وشبكة الإنترنت"عادّاً أن ما وقع "يشكل أزمة كبيرة لـ(حزب الله)؛ أولاً على صعيد خسارة العناصر الذين أصيبوا في هذه التفجيرات. 

 

ثانياً أنه يشكل أزمة تقنية وأزمة ثقة، خصوصاً أن (الحزب) لا يشتري هذه الأجهزة من الأسواق العادية، بلديه مصادره الخاصة التي يستورد عبرها الأجهزة، وهي الوسيلة نفسها التي يستورد عبرها الأسلحة والتقنيات والأجهزة الخاصة به، وهذا يخلق أزمة ثقة مع المورّد".

 

شبكة سلكية تحت الأرض

 

وعن البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها، يوضح أبي نجم أن "مشكلة وسائل الاتصال لا تقف عند (الحزب) وحده، بل عند كلّ الدول التي لا تصنّع هذه الأجهزة"، عادّاً أن "(الحزب) ربما يلجأ إلى تمديد شبكة اتصالات سلكية تحت الأرض؛ لأنه يصعب عليه من الآن فصاعداً استخدام تقنية الـ(وايرلِس).

 

لكن تمديد مثل هذه الشبكة يحتاج وقتاً طويلاً، والعمل على توصيلها يتطلب ظروفاً آمنة، وهذه الظروف غير متاحة حالياً، كما أن إنجازها يستغرق أشهراً، في وقت بات فيه بحاجة لإيجاد بدائل سريعة"، لافتاً إلى أنه "لا شيء يضمن عدم اختراق إسرائيل شبكة اتصالات جديدة؛ ولو كانت سلكيّة".