"القاصرات... سلعة رائجة في كساد كورونا

تقارير وحوارات
قبل 3 سنوات I الأخبار I تقارير وحوارات

لطالما برزت مشكلة زواج القاصرات في اليمن خلال العقدين الاخيرين وطفت إلى السطح "اعلاميا وحقوقيا" في محاولة لوضع قوانين تجرم الزواج تحت سن الـ 18 إلا أن ذلك لم يتم وظلت الكثير من الفتيات عرضة للزواج القسري في سن مبكرة، وتبقى العادات والتقاليد أحد هذه الأسباب في تطبيق للمقولة المتداولة "زوّج بنت الثمان وعليا الضمان".

 

كما ان هناك اسباب اخرى لهذه الظاهرة بحسب الاخصائية الاجتماعية اميرة بازاهر أهمها غياب الدولة والقوانين التي تجرم زواج الصغيرات، وقلة الوعي المجتمعي بخطورة ذلك على القاصرات نفسيا وجسديا، اضافة إلى الفقر الذي تزداد نسبته يوما بعد اخر نتيجة الحرب الدائرة منذ 6 اعوام، حيث يستغل الاغنياء وملاك الاموال أهالي الفتيات خاصة الفقراء، من خلال دفع مبالغ مغرية تسيل لعابهم، فيقومون بإجبارهن على الزواج رغم صغر سنهن.

وتضيف بازاهر "جائحة كورونا فاقمت من هذه المشكلة بسبب احتياج أولياء الأمور إلى المال بعد تسريحهم قسرا من اعمالهم نتيجة الاغلاق وفرض حالة الطوارئ الامر الذي اضطر الكثير للموافقة على تزويج فتياتهم قسرا"

 

 *"الفقر سبب رئيسي"* 

 

ويشير تقرير لبرنامج الامم المتحدة الانمائي صادر في سبتمبر عام 2019 إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى 75% من السكان، وتوقع التقرير أن اليمن سيصبح البلد الاكثر فقرا عالميا إذا استمرت الحرب حتى عام 2022. 

 

ومع هذا زادت جائحة كورونا المستجد الطين بلة، حيث زادت من نسبة الزواج القسري في اليمن، نتيجة إغلاق الشركات والمؤسسات وفرض حالة الطوارئ، الأمر الذي تسبب بتسريح الآلف الموظفين وايقافهم من أعمالهم، ما جعلهم عاطلين عن العمل بين ليلة وضحاها، وبذلك تضاعفت مسئولياتهم وزادت معاناتهم في توفير احتياجات منازلهم وابنائهم، ومن أجل توفير لقمة العيش أصبحت القاصرات سلعة قابلة للبيع مقابل استمرار الحياة لبقية افراد الاسرة. 

 

 *اسماء.. ضحية كورونا وديون والدها* 

 

يتحدث " صالح قاسم" وهو اسم مستعار لوالد فتاة ناجية من زواج قسري في محافظة حضرموت "كنت عاملا في مؤسسة تجارية براتب بالكاد يكفي لتوفير ايجار الشقة واحتياجات العائلة المكونة من 3 اناث وذكرين، الا ان جائحة كورونا وفرض حظر التجوال تسببت بتسريح نصف العمال وكنت احدهم، لأصبح في رصيف البطالة دون سابق انذار، ومن اجل توفير الحد الادنى من الاحتياجات اليومية، لم يكن هنالك من خيار سوى "الدين" الذي تراكم واثقل كاهلي، واستغلالا لحالتي ووضعي المادي المتردي، ضغط عليا احد الدائنين للزواج من طفلتي "اسماء" 14 عاما، أو سداد دينه البالغ ثلاثمائة الف ريال فلم يكن هنالك من خيار سوى الموافقة وتزويجه رغم تجاوز سنه 50 عاما".

 

 لم تكن القاصرة "اسماء" الضحية الوحيدة للجائحة فقد اكدت الاخصائية الاجتماعية في اتحاد نساء اليمن فرع حضرموت ضياء العويني ان جائحة كورونا اجتاحت كل مجالات الحياة وكان هناك تزايد لافت في ظاهرة العنف ضد المرأة سواء النساء والفتيات في المنازل أو النازحات وهن الاكثر تضررا، وتضيف "برزت حالات عدة لزواج الصغيرات كان آخرها حالة سجلت لدينا في الاتحاد لطفلة في الثانية عشر ربيعا ابان جائحة كورونا"

 

 *عداد الأرقام في ازدياد*

 

وبينما تتباين الأرقام بشأن هذه الظاهرة، ذكر تقرير لمكتب تنسيق الأمم المتحدة في اليمن (أوتشا)، في مايو/ أيار2019، أن زواج الفتيات دون سن الـ 18 عاماً ارتفع نحو ثلاثة أضعاف بين عامي 2017 و2018.

 

ووفقا لإحصاء صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في فبراير 2019، تشكل نسبة زواج القاصرات نحو 21% من عدد الفتيات، وتتزوج سنويا 12 مليون فتاة دون سن 18 سنة. 

 

 *"بالمهر نوفر لقمة العيش"*

 

بحسرة ومرارة  تحكي لنا "أم خلود" اسم مستعار لنازحة من محافظة اب إلى مدينة مارب، عن اجبار طفلتها خلود البالغة من العمر 11 عاما على الزواج من قبل والدها بعد ان فقد عمله في محلات مواد البناء حيث يعمل حمالاً، الا ان جائحة كورونا وحظر التجوال دفع بمالك المحل إلى تسريح عدد من عماله بينهم والد خلود، وتضيف بمرارة "صدمت طفلتي وهي تلعب مع زميلاتها في الصف الخامس الاساسي بقرار والدها بتزويجها، فيما لازالت طفلة لا تعلم اي شيء عن الزواج سوى الفستان الابيض، ورغم ادراك والدها بفداحة قراره، الا ان النزوح والفقر، والبطالة ابان جائحة كورونا، جعلته يخاطر بطفلته ليستطيع من خلال مهرها ان يوفر لقمة العيش لبقية اخوانها".

 

وتوقع صندوق الامم المتحدة للسكان في تقرير له في ابريل من العام الجاري 2020 حدوث 13مليون حالة زواج اطفال حول العالم خلال الفترة من 2020-2030 كان يمكن تفاديها لولا جائحة كورونا، مؤكدا تسبب الجائحة في تعطيل الجهود المخطط لها لإنهاء زواج الاطفال.

 

تم إنتاج هذه المادة كإحدى مخرجات برنامج " الكتابة الصحفية الجيدة لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل جائحة كوفيد19" الذي ينفذه مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA