وجّه سياسيون يمنيون تحدثوا لـالشرق الأوسط أصابع الاتهام إلى الميليشيات الحوثية في الهجوم الصاروخي الذي استهدف الحكومة الجديدة لحظة وصولها، أمس (الأربعاء)، إلى مطار عدن الدولي، وتسبب في قتل وجرح العشرات.
وأشاروا إلى أن الجماعة الانقلابية المدعومة من إيران لا يمكن أن تجنح للسلام أو تتورع عن استهداف الأعيان المدنية؛ لأن ذلك - بحسب وصفهم - جزء أصيل من سلوكها الإرهابي الذي انتهجته منذ تمردها على الدولة اليمنية وارتهانها للأجندة الإيرانية.
ووصف وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، عبد الباسط القاعدي، في حديثه لـالشرق الأوسط الهجوم بأنه عمل إرهابي وجبان، وقال إنه يستهدف عودة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن وتفعيل مؤسسات الدولة.
وفي حين أشار القاعدي إلى أهمية عدم استباق التحقيقات، دعا الجهات الأمنية في عدن إلى تحمل «مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في تأمين المدينة والمنشآت المدنية، وتابع: وبالنظر إلى الجهة المستفيدة من الحادث الإرهابي؛ فإن ميليشيات الحوثي هي الطرف الأكثر استفادة من هذه الجريمة؛ إذ لا تخفي قيادة ميليشيات الحوثي ألمها وانزعاجها من توحيد الصف الوطني وعودة الحكومة إلى عدن، وكذا تفعيل مؤسسات الدولة وتطبيع الأوضاع؛ لأن ذلك يصب في استعادة الشرعية زمام المبادرة، وبالتالي توحيد الجبهة العسكرية وحشد الطاقات نحو إنهاء انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية.
ويؤكد القاعدي أن الهجوم الإرهابي على مطار عدن يضع الحكومة أمام تحد جديد يتطلب منها الصمود والبقاء في عدن ومضاعفة الجهود وتوحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية، بما يسهم في توحيد القرار الأمني والعسكري تحت سلطة الدولة، وبالتالي تأمين المحافظات المحررة ومواجهة الانقلاب الحوثي.
من جهته؛ يرى وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، هشام المخلافي، أن ما حدث في مطار عدن تنطبق عليه كل معايير العمل الإرهابي، ويكشف بصورة واضحة تضرر البعض مما أنتجه (اتفاق الرياض) من ترتيب لصفوف القوى المواجهة للانقلاب الحوثي، وعودة الحكومة لممارسة مهامها من عدن، في إطار سعيها لاستعادة الدولة وإنهاء الدور الفارسي في اليمن؛ وفق تعبيره.
وفي تقديره حول منفذ هذه الهجمات، قال المخلافي لـالشرق الأوسط: لعل العادة جرت ألا يتم تحديد الطرف المنفذ للعملية قبل الانتهاء من التحقيقات، لكن معظم الدلائل تشير إلى تورط الحوثيين بحكم أنهم المستفيد الأكبر من غياب الحكومة وأصحاب المصلحة العليا لاستهدافها، كما أن نفيهم فاقد لقيمته؛ فهم درجوا على تنفيذ العمليات الإرهابية الجبانة والكذب، وليس من المنطق تصديق تصريحاتهم بعد أن جربهم اليمنيون مراراً.
وحول ما يخص التبعات المترتبة على هذا الهجوم الإرهابي، شدد المخلافي على أن تقوم الحكومة بشقيها السياسي والعسكري والأمني بدورها من الداخل وترتيب الأوضاع والاتجاه لتحرير ما تبقى واستعادة الدولة.
أما الكاتب والإعلامي اليمني أحمد عباس؛ فيرى في حديثه لـالشرق الأوسط أن محاولة اغتيال الحكومة بكامل أعضائها في عدن، هي التعبير الحقيقي عن مشاعر جماعة الحوثي تجاه هذه الحكومة وفق تعبيره.
ويجزم عباس بأن مسارعة الحوثيين لنفي صلتهم بالهجوم دليل إضافي على أنهم هم المستفيد الأوحد من إفشال الحكومة؛ إذ إنهم يعرفون تمام المعرفة أن توحد الجهود ولملمة الخلافات وتوافق الأطراف اليمنية كلها تصب في اتجاه التخلص منهم وتحرير المناطق التي تقع تحت سيطرتهم.
ويضيف: وصول الحكومة بكامل أعضائها شكل كابوساً لهذه الجماعة، وقد حاولت جماعة الحوثي سابقاً الاستفادة من الخلاف الذي كان قائماً بين الأطراف اليمنية، إلا إن التوافق الذي تم وتُوج بتنفيذ (اتفاق الرياض) قد خيب آمالها، فخططت لهذا العمل الجبان الذي يعكس حالة الرعب الذي تعيشه هذه الجماعة.
ويشير الكاتب اليمني أحمد عباس إلى أن أفضل رد مفترض على الهجوم هو إعادة توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية وتوجيه البوصلة باتجاه واحد؛ وهو ما سيؤدي إلى دحر هذه الميليشيا التي تقتل وتهين وتنكل بأبناء الشعب اليمني كل يوم، وعدم توجيه الاتهامات المتبادلة بين الأطراف المناوئة لهذه الحركة القادمة من مجاهل التاريخ.
بدوره؛ يصف الكاتب والسياسي اليمني عبد الملك اليوسفي محاولة اغتيال الحكومة الجديدة بأنها رسالة إرهاب تهدف لتعطيل عودة الحكومة إلى الداخل، ومحاولة لإيقاف عجلة بناء النموذج المشرف للدولة.
ويقول اليوسفي لـالشرق الأوسط إن تفاصيل الحادث الإرهابي تكشف خيوطاً عن المستفيد منه، وتضع الميليشيا الحوثية متهماً رئيسياً بالوقوف خلفه، لكنه أيضاً لم يستبعد وجود قوى أخرى مستفيدة من الهجوم تحاول تعطيل (اتفاق الرياض) ولديها ارتباطات مع جهات معادية للتحالف الداعم للشرعية؛ وفق تعبيره.