تشهد العاصمة اليمنية الموقتة عدن هذه الأيام، حراكاً رسمياً وشعبياً لإعادة تنظيم الأوضاع الأمنية والخدماتية في المدينة التي دمرتها الحروب منذ اجتياح الميليشيات الحوثية لها في آذار (مارس) 2015.
وكانت تعرضت عدن الأربعاء في 30 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لهجمات إرهابية استهدفت مطار عدن الدولي في الوقت الذي كان يشهد تجمعاً لاستقبال أعضاء الحكومة اليمنية، وأدت التفجيرات إلى سقوط 25 قتيلاً و110 جرحى بحسب إحصاءات رسمية.
ولم تُثنِ حوادث المطار والهجمات الإرهابية، الحكومة اليمنية عن القيام بواجباتها نحو العاصمة عدن، والعمل على الأرض بعدما استأنف وزراء الحكومة اليمنية أعمالهم في شكل طبيعي في مقار الوزارات رغم التهديدات الأمنية.
وفي إطار تنفيذ اتفاق الرياض وتهيئة الأجواء المناسبة للحكومة اليمنية كي تعمل من عدن، سلّم مدير أمن عدن السابق اللواء شلال علي شايع إدارة الأمن للمدير الجديد اللواء مطهر علي ناجي الشعيبي، والذي عُين في التاسع من كانون الأول (ديسمبر)، مديراً لأمن عدن خلفاً للواء أحمد الحامدي الذي لم يتسلم الإدارة منذ تعيينه ولم يتمكن من العودة إلى البلد.
وخلال التسليم والتسلم الذي جرى الأحد الماضي في الثالث من كانون الثاني (يناير) الجاري، تعهد اللواء الشعيبي في كلمة مقتضبة بالمضي قدماً في إدارة أمن عدن لتحقيق الأمن والاستقرار في العاصمة الموقتة والعمل على خدمة المواطنين. وقال إن "إدارة أمن عدن مفتوحة للجميع ويتم العمل فيها من مختلف المحافظات"، مشدداً على فتح المجال لأبناء عدن في إدارة المدينة والاستفادة من الكوادر الموجودة.
من جهته، أكد اللواء شلال علي شايع، الذي عيّن ملحقاً عسكرياً في السفارة اليمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بقرار من رئاسة الجمهورية، أنه سيبقى مستعداً لتقديم خدمته لأبناء الوطن من أي منصب، وسيظل الى جانب الشرفاء في كل المراحل والمحطات التي يمر بها البلد.
ولم تشكل هجمات المطار الإرهابية عائقاً أمام العمل لتسريع عجلة البناء والتنمية التي تسعى الحكومة اليمنية الجديدة لإطلاقها من جديد، حيث عقدت الحكومة أول اجتماع لها في مقرها الحالي في قصر معاشيق برئاسة الدكتور معين عبد الملك وأكد خلالها الجميع العمل وتعزيز أداء الحكومة من العاصمة الموقتة عدن.
وباشر أعضاء الحكومة اليمنية أعمالهم الأحد الماضي في مكاتب الوزارات في عدن حيث جرت فيها عمليات التسليم والتسلم بين الوزراء السابقين والجدد.
وسلّم وزير العدل السابق المحامي علي هيثم الغريب وزارة العدل للوزير بدر العاضة في أجواء جيدة، وأكد في كلمة انه سيعمل مع طاقم الوزارة لتقديم خدمات للمواطنين من داخل عدن.
وباشر وزير الكهرباء والطاقة أنور كلشات أيضاً عمله الأحد في مقر ديوان الوزارة مشدداً على العمل من أجل الارتقاء بعمل الوزارة خلال الأيام المقبلة. فيما دشن وزراء النقل عبدالسلام حميد والداخلية اللواء إبراهيم حيدان ومحافظ عدن أحمد لملس الأعمال في مطار عدن الدولي الأحد الماضي بعد أقل من 90 ساعة على استهدافه بصواريخ حوثية. وأطلق الجميع حمامات السلام مشددين على ضرورة التكاتف في حكومة المناصفة اليمنية للنهوض بالعاصمة الموقتة عدن وتوحيد الصفوف ضد الميليشيات الحوثية التي تسعى الى عودة الإمامة وجعل اليمن ولاية إيرانية.
وأصدر وزير الإعلام معمر الأرياني مذكرة حصل "النهار العربي" على نسخة منها، موجهة إلى رؤساء المؤسسات والهيئات والصناديق والوكلاء، والوكلاء المساعدين والمستشارين والمديرين، طالبهم فيها بالعودة الفورية إلى العاصمة الموقتة ومزاولة أعمالهم بحسب توجيهات رئيسي الجمهورية والحكومة.
ورغم الهاجس الأمني والحادث الإرهابي الذي استهدف مطار عدن الدولي أثناء نزول الحكومة اليمنية للعاصمة الموقتة عدن الا أن هناك إصراراً كبيراً يظهره أعضاء حكومة المناصفة على توحيد الجهود ورص الصفوف لمجابهة الميليشيات الحوثية.
وفي اطار تنظيم الأوضاع باشر كل من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سعيد الزعوري ووزير الاتصالات نجيب العوج ووزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان ووزير التربية طارق العكبري ووزير المالية سالم بن بريك ووزير النقل عبدالسلام حميد، أعمالهم في مقارهم الحكومية في عدن.
وفي تصريح مقتضب لوزير الشباب والرياضة، قال لـ"النهار العربي" إن "حكومة الكفاءات الوطنية بدأت بالعمل من عدن والجميع يعمل بروح الفريق لتنظيم الأوضاع وتوفير الخدمات للمواطنين". وأضاف أن "حوادث المطار الإرهابية زادتنا عزيمة وإصراراً، وولدت فينا طاقات إضافية للعمل ومجابهة تحدي الميليشيات الحوثية الإرهابية التي انتهكت المحرمات وتجرأت على قصف مطار مدني يحوي مئات المسافرين".
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أكد لأعضاء الحكومة اليمنية في أول لقاء معهم، ضرورة التسامح ونبذ الاختلاف والعمل بروح الفريق الواحد ورص الصفوف لمجابهة الميليشيات الحوثية التي تسعى إلى تمزيق اليمن. وشدد على تضافر الجهود في المرحلة المقبلة.