شهد آخر يوم من ديسمبر الماضي عودة الحكومة الجديدة إلى العاصمة المؤقتة عدن، برئاسة معين عبدالملك، الذي كان قد أدى اليمين الدستورية قبل أيام من ذلك مع أعضاء حكومته أمام رئيس الجمهورية، ليودع اليمنيون العام المنصرم بكثير من الأمل بأن العام الجديد سيكون حافلاً بتفعيل مؤسسات الدولة وحل كثير من المشكلات منها مشكلة الرواتب التي لم تدفع منذ تسعة أشهر وخصوصاً لمنتسبي الجيش والأمن في عدد من المحافظات المحررة.
ويرى متابعون بأن منتسبي الجيش في مناطق عسكرية أربع يواجهون ضبابية في التعامل مع إدارة معين القديمة والجديدة، أثبت ذلك تقرير فريق الخبراء المعني باليمن، والذي أشار على لسان رئيس الحكومة أثناء لقائه به، بأن الأزمة النقدية العامة دفعت الحكومة إلى إعطاء الأولوية لتسديد مدفوعات ومرتبات الجنود الذين يقاتلون في الجبهات العسكرية النشطة.
ويؤكدون أن الجبهات العسكرية النشطة، تقع في إطار المناطق العسكرية الثالثة والسابعة والسادسة، مع عدم إغفال دور تشكيلات عسكرية أخرى غير مدرجة ضمن المناطق العسكرية، إلا أن منتسبي المناطق الثلاث من المعروف أنهم يقاتلون في جبهات مستعرة، لم تتوقف معاركها منذ سنة تقريباً في محافظات مأرب والجوف وصنعاء والبيضاء، وهو ما يؤكد أن رئيس الوزراء لم يضع في باله بعد إنهاء معاناة أفراد وضباط هذه الجبهات التي تقاوم، وهي دون رواتب، يتضور صغارهم وأسرهم جوعاً منذ أشهر.
مرّ يناير.. الشهر الأول من العام الجديد، والحكومة ما زالت في آليتها القديمة في التعامل مع الجيش، بحسب مراقبين لأداء الحكومة حتى اللحظة، ويؤكدوا بأنه في الوقت الذي تعلن فيها مالية "عدن" صرفها لرواتب المنطقة العسكرية الرابعة، لا حديث عن الإفراج عن مرتبات ومستحقات بقية المناطق العسكرية، في الوقت الذي يضع فيه البعض بأن الحكومة ستعمل على أن تتضافر الجهود لمواجهة العدو الرئيس لليمنيين، والمتمثل بمليشيا الحوثي الإرهابية، إلا أن المواجهة صحيح أنها مستمرة إلا أن المعركة تدار بأقل الإمكانات وبجنود ينتظرون أيضا من يبشرهم باقتراب موعد صرف ما لرواتبهم المتأخرة.
وبالعودة إلى تقرير لجنة الخبراء، المتفرعة عن لجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي، نجد أنه يشير في ملاحظاته الخاصة بالجيش الوطني، بأنه يقاتل وهو بلا رواتب، إضافة إلى أن الدعم إليه شحيح، وهو ما أكده محافظ محافظة مأرب، المحافظة التي ما زالت تتعرض للهجمات الحوثية، ومحاولة اختراق مواقع الجيش للوصول إليها، على الرغم من أنها استماتت حتى اللحظة وأفشلت كل الهجمات السابقة، يقول اللواء سلطان العرادة بأن هناك تذمراً من الدعم المحدود الذي قدمته الحكومة، خلال المعارك مع الحوثي، وأن مرتبات الجيش الوطني في مارب لم تدفع منذ عدة أشهر وان الحوافز (الدعم) المدفوعة للمقاتلين القبليين غير كافية.
وأكد مراقبون بالشأن العسكري بأن هذه الملاحظات الأممية يجب أن تلقى اهتماماً من الحكومة لتعجّل في حل هذه الإشكالية والمبادرة إلى دفع الرواتب المتأخرة، وعمل استراتيجية جديدة لدفعها آخر كل شهر، مع دعم الجيش بكل احتياجات المعركة المادية واللوجستية، ليس ذلك فقط، بل أن تكون الحكومة في قلب المعركة، كما أعلنت حين وصولها إلى عدن، وهو التفرغ لهزيمة المليشيا الحوثية، وإنهاء انقلابها.
ويشيرون إلى نقاط عدة، استباقاً لإعلان الحكومة برنامجها أو خطتها العملية للعام الحالي، بالتذكير بإدراج ميزانية وزارة الدفاع، ضمن ميزانية الحكومة، وأن تكون ميزانية حرب، مع الحرص الكبير على أن تكون الرواتب منتظمة، مع صرف المتأخرة بأثر رجعي.
وأضافوا بأن على الحكومة أن تبدأ في توحيد القرار المالي، وضم كل المناطق العسكرية إدارياً وعملياتياً في إطار الوزارة المعنية، وهي وزارة الدفاع، مع الحرص على تنفيذ الشق العسكري والأمني المنصوص عليه في اتفاق الرياض.
أمر آخر أصبح رأي الشارع كما يرى المراقبون وذلك من أجل توحيد المعركة، وتوجيهها نحو القضاء على الانقلاب، يجب أن تسارع الحكومة إلى الدمج الكامل للتشكيلات المسلحة، في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، وهو سيضمن واحدية القرار، وتحقيق النتائج المرجوة من المعركة.