لم يغير ارتفاع وتيرة الإدانات الدولية، شرقاً وغرباً، إضافة إلى إلغاء الإدارة الأميركية الجديدة تصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية، من مواصلة الجماعة استخفافها بالقوانين والأعراف الدولية وتحديها للمجتمع الدولي، وارتكاب جرائم استهداف المدنيين في اليمن والسعودية.
الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعاً في وتيرة استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في المملكة من الميليشيا الإرهابية. ورغم يقظة قوات التحالف بقيادة السعودية وتصديها للصواريخ والطائرات المسيّرة الحوثية، فإن شظايا بعضها أصابت مدنيين ومنازلهم، في الرياض وقرى حدودية في منطقة جازان، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين وتضرر الأعيان المدنية.
خلال الأسبوعين الماضيين، كانت ميليشيا الحوثي تهاجم السعودية بشكل يومي، عبر طائرات مسيّرة أو صواريخ، مستهترة بالقوانين والمواثيق الدولية. وبين كل استهداف وآخر، تؤكد الميليشيا تورطها بـجرائم حرب، إذ دعت دول ومنظمات عدة من شتى أنحاء العالم لاتخاذ موقف فوري وحاسم لوقف هذه الأعمال الإرهابية المتكررة التي تستهدف المنشآت الحيوية والمدنية وأمن واستقرار السعودية، ليس ذلك وحسب، بل حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على وقف هجومهم في مدينة مأرب النفطية وعبر الحدود، قائلاً إنه يتعين عليهم وقف هجومهم على مأرب... والانضمام إلى السعوديين والحكومة في اليمن في اتخاذ خطوات بناءة نحو السلام.
وحول ارتفاع وتيرة الهجمات الحوثية، يقول وكيل وزارة الإعلام اليمنية الدكتور نجيب غلاب، إنه رغم الجهود التي بذلت في الملف اليمني من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والتنازلات التي قُدمت للميليشيا من الحكومة الشرعية، ومحاولة تأهيلها لتكون جزءاً من العملية السياسية، فإن الحوثي وعبر الفترات السابقة عندما يصل لحالة من الضعف والخوف يحول طاولة المفاوضات لأداة حربية، ويوظفها لإعادة ترتيب أوراقه.
وأكد غلاب لـالشرق الأوسط أن لديهم تجربة سابقة مع الميليشيا الحوثية بهذا الخصوص»، مضيفاً أنه في الفترة الأخيرة ومع وصول الإدارة الأميركية الجديدة، ومع الجهود لوقف الحرب في اليمن والوصول لحل سياسي، وجدنا أن ميليشيا الحوثي صعدت هجومها في مأرب وتزايد استهداف السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة. وأكد أن الميليشيا لا تسير باتجاه الحل السياسي، وليس من مصلحتها الوصول إلى السلام.
وحول ارتفاع الهجمات رغم إلغاء تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، يتصور وكيل وزارة الإعلام أن هناك قناعة لدى إيران وميليشيا الحوثي بأن إدارة بايدن لن تستخدم أي نوع من أنواع القوة ضدهم، مضيفاً أن إيران لا تزال بحاجة لليمن كمجال للفوضى والاضطرابات وتصدير الإرهاب، موضحاً أن «هذا ما يقود الميليشيا إلى التصعيد والتعامل مع المطالب لإنهاء الحرب بنوع من التحدي.
منذ منتصف الشهر الماضي، ألغت الولايات المتحدة تصنيفات الإدارة السابقة لميليشيا الحوثي بصفتها منظمة إرهابية أجنبية، متذرعة بأن هذه الخطوة تأتي لوصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، لكن في الجهة المقابلة لم يغير إزالة هذا التصنيف من سلوك الميليشيا الإرهابية باستهداف المدنيين في السعودية، إذ كثفت من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدنيين ومنشآت مدنية.
لم تخفف الإدانات المتكررة والتحذيرات حول العالم، من سلوك الميليشيا الحوثية في استهداف الأعيان المدنية في السعودية وارتكابها لـجرائم حرب، إذ تواصل الجماعة المدعومة من إيران تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية بشكل متكرر، بهجمات باليستية أو عبر الطائرات المسيّرة المفخخة. وتؤكد دول عدة أن الميليشيا الحوثية غير جادة في التوصل للسلام، إذ قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، بعد إدانته الهجمات التي نفذتها الميليشيات ضد مدن ومدنيين سعوديين، إن ذلك يعرض حياة الأبرياء للخطر، مشدداً على أن الهجمات تظهر أن المسؤولين (الحوثيين) ليسوا جادين في السلام أو حتى عن حماية الشعب اليمني.
المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن العميد الركن تركي المالكي لطالما ردد بأن تلك العمليات «ممنهجة ومتعمدة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة، وهو ما يمثل مخالفة للقانون الدولي والإنساني وعرقلة للجهود الدولية الساعية للوصول إلى حل سياسي يُنهي الصراع في اليمن.
ورغم اعتراض وتدمير تحالف دعم الشرعية في اليمن لمئات الصواريخ والطائرات قبل استهداف المدنيين، فإن الهجوم الأخير على الرياض تسبب بسقوط شظايا على سطح أحد المنازل، من دون تسجيل خسائر في الأرواح، في حين تسبب هجوم آخر في إحدى القرى الحدودية في منطقة جازان بإصابة 5 مدنيين.
وكان المالكي أكد أن محاولات الميليشيا الحوثية الإرهابية الاعتداء على المدنيين والأعيان المدنية بطريقة متعمدة وممنهجة تمثل جرائم حرب، مؤكداً أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تتخذ وتُنفذ الإجراءات العملياتية اللازمة لحماية المدنيين والأعيان المدنية وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية.
وتمثل حماية المدنيين ركيزة أساسية في القانون الدولي الإنساني، إذ يحكم النزاعات المسلحة القانون الإنساني الدولي الذي يدعو إلى حماية المدنيين وعدم تعريضهم للأذى، وتعتبر انتهاكات القانون «جرائم حرب». وكانت دول عدة وصفت الأعمال الإرهابية المتكررة التي يقوم بها الحوثيون بأنها «جريمة حرب تعرِّض حياة المدنيين للخطر»، تتطلب محاسبتهم بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني.