تنظر دولة الإمارات العربية المتّحدة إلى اتّفاق السلام الذي وقّعته خريف العام الماضي مع دولة إسرائيل وأفضى إلى تطبيع كامل للعلاقات بين الطرفين كخطوة استراتيجية سعت من خلالها إلى تحقيق أهداف ومصالح مشتركة، إضافة إلى التأثير على الوضع العام في المنطقة وإشاعة مناخ ملائم للسلام العربي الإسرائيلي المنشود منذ عقود، وذلك بمعزل عن أي غايات ظرفية أو حسابات سياسية تتصّل بالوضع الداخلي للشريك الإسرائيلي.
وأكّدت الإمارات الأربعاء أنها لن تكون طرفا في الانتخابات الإسرائيلية المزمع إجراؤها الأسبوع المقبل، في ظلّ أنباء عن قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو الخميس بزيارته إلى الإمارات بعد أن تأجّلت عدة مرات بسبب الوضع الصحي العالمي، ثم بسبب خلاف مع المملكة الأردنية حال مؤخّرا دون حصول موافقة على عبور طائرته أجواء المملكة في الوقت الملائم لأجندة الزيارة.
وقال أنور قرقاش مستشار الرئيس الإماراتي “من وجهة نظر دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنّ الهدف من الاتفاقات الإبراهيمية هو توفير أساس استراتيجي قوي لتعزيز السلام والازدهار مع دولة إسرائيل وفي المنطقة الأوسع”.
وأضاف في تغريدة بتويتر “لن تشارك الإمارات في أي عملية انتخابية داخلية في إسرائيل الآن أو في أي وقت”.
وجاء كلام قرقاش ليرفع التباسا حفّ بتوقيت زيارة نتنياهو للإمارات أياما قبل إجراء انتخابات مصيرية لمستقبله السياسي يشارك فيها بهدف الحفاظ على منصب رئاسة الوزراء.
ورأت مصادر دبلوماسية أنّ التواصل مع الإمارات وإبرام الاتفاقات معها في مختلف المجالات يحسبان ضمن الإنجازات الكبيرة، بحيث يصبح طموح السياسيين الإسرائيليين للاستفادة منهما سياسيا أمرا منطقيا.
لكنّ المصادر ذاتها استدركت بالقول إنّ ما يهم الإمارات من توطيد علاقاتها مع البلدان الأخرى هو المصالح المشتركة على مستوى الدول، وإنّها أكثر حصافة من أن تقيم مثل تلك العلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل على أساس الحسابات السياسية، لأشخاص تدرك أنّهم لا بدّ أن يغادروا مواقعهم في السلطة، بفعل طبيعة النظام السياسي المتّبع في الدولة العبرية.
وصدر الموقف المعبّر عنه من قبل المسؤول الإماراتي، بينما قالت صحيفة “إسرائيل اليوم” الأربعاء إن رئيس الوزراء يخطط لزيارة الإمارات الخميس.
وأضافت الصحيفة أنّ مكتب نتنياهو استأنف الاتصالات مع ممثلين عن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتنسيق الزيارة.
وكان نتنياهو قد خطط لزيارة الإمارات الخميس الماضي، لكنه أرجأ الزيارة بعد تعذّر عبور طائرته أجواء الأردن في الوقت المناسب.
وتبيّن لاحقا أنّ الخلاف بين الأردن وإسرائيل الطرفين الموقّعين سنة 1994 على معاهدة وادي عربة للسلام، جاء بسبب زيارة كان ولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبدالله ينوي القيام بها إلى القدس.
وأكد وزير الخارجية أيمن الصفدي أنّ الزيارة كانت مقرّرة بالفعل إلى المسجد الأقصى، ثم تمّ إلغاؤها بعد أن حاولت إسرائيل فرض إجراءات غير مقبولة على برنامج الزيارة.
ووقّعت كلّ من الإمارات والبحرين منتصف سبتمبر الماضي اتفاقين لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية برعاية أميركية، بعد عقود على توقيع اتفاقي سلام بين إسرائيل وكلّ من مصر والأردن. ولاحقا بادرت كل من المغرب والسودان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية في وقت سابق هذا الشهر أن نتنياهو كان ينوي زيارة الإمارات قبل الانتخابات التي تنطلق في 23 مارس، ما فسره مراقبون على أنه محاولة لتعزيز حظوظه في الانتخابات.
ولم تؤكد الإمارات زيارة نتنياهو، لكنها أعلنت في الحادي عشر من مارس الجاري عن اتصال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وولي عهد أبوظبي، تخلله الاتفاق على إنشاء صندوق إماراتي بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في إسرائيل، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.
وأضافت الوكالة أنّ الصندوق سيركّز على مبادرات التنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وسيتم تمويله من مخصصات من الحكومة ومن مؤسسات القطاع الخاص، موضّحة أنّ “تأسيس الصندوق جاء بعد التوقيع على الاتفاق الإبراهيمي التاريخي بين البلدين”، وأنّ الخطوة تهدف “إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين اثنين من الاقتصادات المزدهرة في المنطقة وفتح المجال للاستثمارات وخلق فرص الشراكة لدفع النمو الاجتماعي والاقتصادي في البلدين والمنطقة”.