أدى التدهور الاقتصادي الناتج عن الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في اليمن، وارتفاع أسعار البضائع، نتيجة تراجع قيمة العملة المحلية، إلى زيادة إقبال السكان على شراء الأواني الفخارية، وازدهار هذه الصناعات، بعد أن كانت على وشك الاندثار، حيث بات الكثير من اليمنيين يفضلون تناول أو إعداد بعض الوجبات المحلية الشهيرة بهذه الأواني، وجعل ذلك الحرفيين يبدعون في إنتاج تشكيلات وأنواع متعددة من الأواني التي يصنعونها من الفخار أو تكون منحوته من الصخور.
تشتهر اليمن بتجارة الفخار منذ آلاف السنين، وكانت الأواني الفخارية إلى جانب البخور واللبان، كما أن الفخار ارتبط بجودة إعداد أكلات يمنية شهيرة، مثل «السوسي»، وهي عبارة عن طبقات من الخبر البلدي، تحشى بالبيض والحبة السوداء، وتؤكل مع العسل، كذلك «برم» اللحم البلدي مع المرق، وكذلك أطباق السلتة والفسحة، لا تقتصر على الطهو، فبعض المناطق اليمنية التي تشتهر بالماء المُبخر تستخدم الجرار في تخزين الماء، لأنها تحفظه بارداً، وبعد تبخير تلك الجرار بالمستكة تُملأ بالماء العذب، وتترك في زوايا المنزل لتحفظ الماء بارداً طوال اليوم، في بلد يعاني من عجز شديد في الحصول على الكهرباء.
انتشار وتوسع
وفي الحي القديم من صنعاء، تنتشر محال بيع الفخار، وتتوسع هذه المحال، حيث يعمل عبد الرحمن ضمن أسرته التي تمتهن تجارة الفخار منذ 40 عاماً، الذي يؤكد أن أغلبية الناس يفضلون الفخار، لأنه صحيح أكثر من الأواني المعدنية، وتوارثت الأسر استخدام هذه الأواني، في الطبخ والأكل، كما استخدمت لتبريد المياه، وإعداد اللحوم على الطريقة اليمنية.
ووفق عاملين في محال بيع الفخار، فإنهم يصدرون أنواعاً من هذه المصنوعات إلى الدول المجاورة، حيث بدأ إقبال الناس هناك على شرائها، وكذلك المطاعم اليمنية المنتشرة في أكثر من بلد عربي، حيث تقدم هذه الوجبات، وبالطريق التقليدية اليمنية، وفيما يقوم حرفيون في الحديدة وأرياف كثيرة من اليمن بصناعة هذه الأواني الفخارية، فإن هناك مجموعة من الأسر تحتكر تجارة هذه الأواني منذ عقود، حيث تتولى هذه المجموعة إحضار الأواني، وتوزيعها على محال البيع في المدن.
محارق خاصة
وتصنع الأواني الفخارية في محارق خاصة، فيما يعد الحرض الصعدي أغلاها، لأنه يتم نحت هذا الطبق من قطع صخرية معينة، ومع هذا، فإن الحرب وتراجع سعر الريال مقابل الدولار، حيث ارتفعت الأسعار بـ 20 %، لكنها زيادة بسيطة، مقارنة بالزيادة في أسعار الأدوات المعدنية، وتختلف جودة المصنوع، بحسب الفترة التي يبقى فيها الطين داخل الفرن «فكلما زادت المدة، كان أكثر جودة وأقوى. وأحياناً وقت التصنيع بسبب كثرة الجرار فوقه، تصل إليه حرارة بسيطة، ما يوثر في قوته ومتانته».