“أخذنا الجرعة الأولى من لقاح استرازينيكا، في مارس الماضي، في السعودية، أنا و5 من أفراد أسرتي، ومنهم والداي. الأعراض الجانبية تتراوح فترة ظهورها بين يومين و3 أيام، وقد لا تظهر عند البعض؛ منها حمى خفيفة، صداع، تعب وخمول”؛ هذا ما قاله الشاب الثلاثيني محمود محمد.
ووصلت الدفعة الأولى من اللقاح، وعددها 360 ألف جرعة، مطار عدن الدولي (جنوب اليمن) يوم 31 مارس الماضي، من أصل 1,8 مليون جرعة مقدمة من حلف اللقاح العالمي “كوفاكس”. وبحسب الدكتورة إشراق السباعي، المتحدثة باسم اللجنة المشتركة للإشراف عن لقاح استرازينيكا، فهي تستهدف الطواقم الطبية والعاملين الصحيين وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
وأضافت السباعي: هناك لجنة فنية مشكلة من قبل وزارة الصحة العامة والسكان، تضم أكاديميين من جامعة عدن ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف، وتم من قبلها اختيار لقاح استرازينيكا والموافقة عليه رسميًا من قبل حلف اللقاح العالمي “كوفاكس”، الذي يضم 193 دولة.
وأكدت أن وزارة الصحة بدأت بالفعل في اليمن بتهيئة الفئات المستهدفة من اللقاح ضمن الدفعة الأولى، وعددها 360 ألف جرعة، لـ180 ألفًا من الطواقم الطبية والعاملين الصحيين، وسيتم تلقيحهم عبر جرعتين؛ الأولى خلال مطلع أبريل، والثانية بعد 8 أسابيع من أخذ الجرعة الأولى، وقد تم التنسيق مع المحافظين والجهات الأمنية في المحافظات والمديريات، لتأمين مرور اللقاح عبر النقاط الأمنية للمناطق المستهدفة.
وأوضحت أن اليمن ستستقبل خلال أبريل الجاري، 1,9 مليون جرعة إضافية من لقاح استرازينيكا على مستوى اليمن ككل، وستوزع عبر منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف، وأن حلف اللقاح العالمي “كوفاكس” سيدعم اليمن أيضًا بلقاحات أخرى غير استرازينيكا.لقاح آمن وفعال
وبخصوص مأمونية اللقاح وتخزينه في ظل انقطاع الكهرباء، أفادت السباعي بأنهم يعرفون مسبقًا مشكلة الكهرباء للبلد، ولدى الوزارة سلسلة تبريد مجهزة تعمل بالطاقة الشمسية، ومربوطة أيضًا بمولدات كهربائية احتياطية، وتشتغل على مدار الساعة في مخازن الوزارة لحفظ اللقاحات، وتمت تهيئة التخزين بشكل جيد في جميع المحافظات والمديريات.
وعن الآثار الجانبية للقاح أكدت أن أي لقاح من الطبيعي جدًا أن تكون له مضاعفات، وأن لقاح استرازينيكا آمن وفعال، وتم استلام مذكرة رسمية بذلك من منظمة الصحة العالمية، وهناك لجنة فنية مشكلة لمتابعة أي آثار جانبية لا سمح الله، وهناك محاجر ومراكز للعزل، وستتم متابعة متعاطي اللقاح بشكل دوري من قبل كوادر وزارة الصحة المعنية بذلك.
وأكدت وكالة الأدوية الأوروبية، في بيانها الصادر يوم 18 مارس الفائت، من أن لقاح استرازينيكا آمن، وفعاليته المثبتة في الوقاية من العدوى والوفاة تفوق أي احتمال ضئيل لحدوث آثار جانبية خطيرة، منوهةً إلى أن هناك حالات نادرة جدًا من الجلطات الدموية المصحوبة بانخفاض في الصفائح الدموية قد تحدث في الأوعية الدموية الدماغية، وقد تلقى حتى منتصف مارس ما يقارب 20 مليون شخص اللقاح في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فيما أكدت مجموعة أوكسفورد للقاحات البريطانية ووكالات طبية متعددة على فعاليته وأمانه.
إلى ذلك قالت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان في مصر بأن لقاح استرازينيكا أمن تمامًا وفعال ولم ترصد مصر أي أعراض غير متوقعة للقاح، مضيفةً بالعكس لقاح استرازينيكا من أكثر اللقاحات شفافية حول دراساته ونتائجه في العالم، وإنه قياساً بعدد من لقوا اللقاح في العالم بمن اصيبوا بجلطات دموية نسبة لا تذكر نهائياً بحسب تصريحات نشرتها صحيفة المصري اليوم أول من أمس الخميس 8 أبريل 2021 .
آثار جانبية
قال الدكتور وليد البكيلي، استشاري طب الأطفال والأسرة بمجموعة “أبولو” الطبية في الهند، بأن أعراض لقاح استرازينيكا الذي تلقاه شخصيًا تمثلت في صداع، ألم بسيط بالجسد، واضطراب في النوم، وكانت هذه الأعراض قد زالت بعد 3 أيام من أخذ اللقاح، مشيرًا إلى أن ايجابياته كانت أكثر من سلبياته التي هي نادرة جدًا، إذ قد يحدث تحسس من العلاج وحساسية خطرة.
وعن الآثار الجانبية للقاح، أشار البكيلي إلى أنه لا توجد دراسة طويلة الأمد كي نعرف ضرره مع الوقت، لكن ينصح ألاّ يعطى للحوامل، ومن تفكر أن تحمل خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وهو ممنوع على الأطفال تحت سن 18 عامًا، والمرضعات، ومن لديه حساسية مفرطة للأدوية، وكذا أصحاب أمراض المناعة.
وفي معرض رده على سؤال لماذا لقاح استرازينيكا تحديدًا لليمن، أجاب البكيلي بأن منظمة الصحة العالمية، قد دعمت أغلب الدول الفقيرة باللقاح الإنجليزي ذاته، وهو أعلى جودة وأقل قيمة وأسرع توفيرًا في السوق الطبية، بالإضافة إلى سهولة تخزينه كونه يمكن ذلك في الثلاجة العادية. يوافقه في ذلك الدكتور أسامة ناشر، استشاري طب المجتمع في ألمانيا.
تجارب ومراجعات
وأكدت نتائج دراسة أمريكية حديثة على اللقاح الذي أنتجته شركة استرازينيكا، بالتعاون مع جامعة أكسفورد، أن اللقاح آمن وفعال بدرجة عالية في توفير الحماية من فيروس كورونا، ومن شأن هذه النتائج أن تزيد في تطمين دول الاتحاد الأوروبي التي أوقفت مؤخرًا توزيع اللقاح، وسط مخاوف من وجود صلة محتملة بين اللقاح والإصابة بالجلطات.
وشارك في تلك التجربة أكثر من 32 ألف متطوع، معظمهم في الولايات المتحدة، ولكن أيضًا في تشيلي والبيرو، إذ أثبت اللقاح فعاليته بنسبة 79% في منع ظهور أعراض مرض كوفيد، وفعالية بنسبة 100% في الحيلولة دون تدهور حالة المصابين بالمرض، ولم تظهر النتائج وجود أية مشاكل تتعلق بالسلامة في ما يخص الجلطات الدموية.
وكانت بعض الدول الأوروبية استأنفت بالفعل استخدام اللقاح من جديد بعد أن أكملت الهيئة المنظمة لإجازة استخدام الأدوية في أوروبا، مراجعتها للقاح، وخلصت هي أيضًا إلى أن اللقاح آمن وفعال، إذ تفيد بيانات التجربة الجديدة أيضًا في تطمين الناس حول نجاعة اللقاح في حماية المسنين من مرض كوفيد-19.
فرصة لحماية الأشخاص
البروفيسورة سارة غيلبرت، المشاركة في تصميم اللقاح، قالت: “في الكثير من الدول المختلفة وعبر الفئات العمرية، يوفر اللقاح مستوى عاليًا من الحماية ضد مرض كوفيد-19، ونأمل أن يؤدي هذا إلى استخدام على نطاق أوسع للقاح في المحاولات العالمية لوضع حد لانتشار الوباء”.
وأضافت غيلبرت: كانت هناك حالات على الدوام لأشخاص أصيبوا بوعكة صحية بعد تلقيهم اللقاح، بخاصة عندما تتلقى أعداد كبيرة منهم جرعة اللقاح، لكن ذلك لا يعني أن اللقاح مسؤول عن مشاكلهم الصحية. في غضون ذلك يموت الآلاف من الأشخاص كل يوم في عموم أوروبا، بسبب كوفيد-19، وإنه من المهم حقًا أن نحظى بالفرصة لحماية الأشخاص في أسرع وقت ممكن. فهذا اللقاح سينقذ أرواح الناس”. وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية في تصريحاتها منتصف مارس الماضي.
وفي وقت سابق، رفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، فكرة تعليق بريطانيا للقاح، قائلًا إن هيئة تنظيم الدواء في بريطانيا تعد “واحدة من الهيئات الأكثر صرامة وخبرة” في العالم، وأنها لا ترى “ثمة سببًا على الإطلاق” يدعو إلى وقف أي لقاح يعطى الآن للبريطانيين، ليبادر بنفسه في ظل مخاوف متزايدة من آثار جانبية محتملة للمصل، لعملية تطعيم بلقاح “استرازينيكا” في مستشفى القديس ثوماس بلندن، حيث كان يتلقى العلاج بعد إصابة خطيرة بعدوى فيروس كورونا المستجد، العام الماضي.
وأكدت الدكتورة نهى محمود، مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في عدن، أن نتائج الدراسات السريرية للقاح من قبل اللجنة الفنية، تثبت أن التطعيم ناجح في الجرعة الأولى بنسبة 76%، وفي الجرعة الثانية 90%، كما أنه مناسب للبيئة اليمنية وآمن وفعال، وتم اختياره من بين غيره من اللقاحات بموافقة اللجنة المشتركة المكونة من وزارة الصحة العامة والسكان ومنظمتي اليونيسف والصحة العالمية.
اللقاح مهم جدًا للدول الفقيرة
وذهب الدكتور أسامة ناشر، استشاري الباطنة وطب الأسرة، الذي يعمل في ألمانيا، للحديث عما يشاع إعلاميًا لمؤشرات على علاقة لقاح استرازينيكا بجلطات الدم، قائلًا بأن تصريحات معهد باول إيرليش الألماني تؤكد أن 6 حالات حصل لها جلطات بعد أخذها اللقاح، والحالة السابعة حصل لها نزيف، جميع الحالات من النساء تتراوح أعمارهن بين 20 و50 سنة، وكان عندهن نقص في الصفائح، وسجلت 3 حالات وفاة من تلك الحالات السبع، مضيفًا أنه بحسب تصريح المعهد الألماني الشهير، فإن عدد الحالات ليس أكثر من حالات الجلطات الدماغية في الناس العاديين الذين لم يتلقوا اللقاح.
وأكد ناشر أن اللقاح مهم جدًا للدول الفقيرة مثل اليمن، والتي تعاني من نقص حاد في الإمكانيات الطبية والوقائية لإمكانية تلقيح الطواقم الطبية وحالات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الخطيرة وغيرهم من الفئات التي قد تكون نسبة الوفيات كبيرة جدًا دون تلقي اللقاح، وأيضًا لتقليل الضغط على القطاع الصحي المتهالك أصلًا بسبب الوضع الاقتصادي والحرب، إذ إن تلقيح تلك الفئات قد يمنع حدوث الأعراض القاتلة والخطيرة، ويمنع دخولهم لأقسام الإنعاش والمستشفيات، وهي أبرز إيجابيات اللقاح بشكل عام ولليمن على وجه الخصوص.
“التسبب في جلطات دماغية أو دموية”، وذلك بعد تسجيل عشرات الحالات عقب أخذ اللقاح، هي التهمة الرئيسية التي تواجه لقاح استرازينيكا، لكن الدراسة التي حظيت باهتمام واسع من قبل الإعلام العالمي، عُرضت نتائجها الاثنين (22 مارس 2021)، وأعدتها الشركة المصنعة في الولايات المتحدة، البلد الذي لم يصرح بعد باستعماله، بحسب قناة “دويتشه فيله” الألمانية.
وعلّقت دول أوروبية كبرى -بينها فرنسا وإيطاليا وألمانيا- مؤقتًا، خلال الفترة الماضية، استخدام لقاح استرازينيكا، لكنها عادت لاستعماله في حملات التطعيم الجارية، وذلك بعدما أكدت الوكالة الأوروبية للأدوية أنه آمن وفعّال.
مناسب للبيئة اليمنية
وأوضح الممثل المقيم لليونيسف في اليمن، فيليب دواميل، أن الموافقة على استخدام لقاح استرازينيكا من بين لقاحات أخرى، كون اللقاح يمكن نقله وتخزينه في درجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية، وهو ما يتوافق مع قدرة سلسلة التبريد الموجودة في اليمن، وأن الدفعة الأولى من اللقاح تشمل 360.000 جرعة، و808 حافظات أمان، و20.200 حقنة، والتي تعتبر بالغة الأهمية لإطلاق حملة التطعيم بشكل آمن وفعال.
وأضاف: حتى اليوم، شحنت منظومة كوفاكس أكثر من 31 مليون لقاح لكوفيد 19 إلى 57 دولة مشاركة في المبادرة في جميع أنحاء العالم، وحتى الآن، تلقتْ 5 دول في المنطقة (فلسطين، الأردن، تونس، جيبوتي والعراق) لقاحات من مبادرة كوفاكس التي قامتْ بها منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع تحالف اللقاح (جافي) لضمان توزيع عادل للقاحات للبلدان الأفقر.
وتقل نسبة فعالية لقاح استرازينيكا عن لقاحي فايزر/ بيونتك وموديرينا اللذين تقترب فعاليتهما من نسبة 95%، كما أنها أقل من نسبة اللقاح الروسي “سبوتنيك 5″، الذي تصل فاعليته إلى 92%.
ويتفق الخبيران الطبيان وليد البكيلي، وأسامة ناشر، مع متحدثة وزارة الصحة العامة والسكان والممثل المقيم لليونيسف في اليمن، بأن استخدام لقاح استرازينيكا من بين لقاحات أخرى، كون اللقاح مناسبًا للبيئة اليمنية، ويمكن نقله وتخزينه بيسر وسهولة.
وأُعطيت الجرعة الأولى من لقاح استرازينيكا الذي نال الموافقة على إدراجه في برنامج التلقيح الخاص بالمملكة المتحدة، في 4 يناير 2021، كما نال اللقاح موافقة السلطات التنظيمية على الاستخدام الطارئ في 89 دولة أخرى.