على أعتاب دخول شهر رمضان، يعيش المواطن اليمني أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، إذ ترزح غالبية الأسر اليمنية تحت خط الفقر والغلاء الفاحش في أسعار السلع والخدمات.
تعودت الأسر اليمنية، والعدنية على وجه الخصوص، مع اقتراب شهر رمضان، على متطلبات تناسب هذا الشهر الفضيل من أنواع المآكل والمشروبات والتحليات، لكنها هذا العام تواجه أزمة مالية خانقة، إذ لا تتوفر رواتب للموظفين بانتظام برغم أنها أصبحت زهيدة بفعل انهيار الريال اليمني المتزايد.
"النهار العربي" تجوّل في أسواق العاصمة اليمنية الموقتة عدن، والتقى عدداً من المواطنين. تعبّر كاميليا الدغاري عن واقع الحال بقولها: "لسان حالنا يقول بأي حال عدت علينا يا رمضان".
"لم يتغير علينا هذا الشهر الفضيل، ولكن تغيرت حال معيشتنا، فمن المعروف أن هذا الشهر يتميز بطابع خاص ذي نكهة تغلفها العادات الموروثة والروحانيات الدينية، وكان الناس يستقبلونه بالتهاليل والتسبيحات والتجهيزات المختلفة. ولكنه يتميز أيضاً بتنوع الوجبات والأطعمة المعروفة والمخصصة له وتبادل الأطعمة بين الجار وجاره. تغيرت بنا الحال وغابت عنا بعض العادات الرمضانية بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية وتدهور الوضع الاقتصادي والصحي وانقطاع الرواتب، ما أثقل كاهل المواطن الذي أصبح غير قادر على توفير احتياجات هذا الشهر الفضيل".
ومع استمرار الحرب في اليمن منذ آذار (مارس) 2015، تزداد معاناة المواطن اليمني يوماً بعد آخر بسبب انعدام وجود أي بوادر لإنهاء الحرب ودعم الاقتصاد اليمني الذي أصبح عبارة عن مصرف تتصرف به الميليشيات الحوثية، وآخر يتبع الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي، لكنه لا يحظى بتوفير الموارد.
"نحن ننتظر هذا الشهر بفارغ الصبر، فهو شهر فضيل فيه يظهر أبناء عدن تكاتفهم وسؤالهم عن بعضهم بعضاً، وتفقد حاجات المحتاجين برغم الظروف الصعبة التي نمر بها هذه الأيام من غلاء فاحش وجشع لدى التجار"، تقول االمعلمة المتقاعدة فاطمة محمد محسن، وتضيف: "طلبات هذا الشهر تختلف عن باقي الأشهر بالنسبة الى الأكلات، فنحن نحتاج للشربة والسن بوسة والعتر والعصائر بأنواعها والشفوت والباجيه والبدنج، وهذه متطلبات عادية ورخيصة الثمن أيضاً".
عمر صالح ذو الـ50 سنة يقول: "ما نشهده هذه الأيام أسعار خيالية نتيجة عدم توافر الرواتب وانتشار الأوبئة في البلاد. وأخشى أن ينفجر الوضع في عدن بسبب هذا الغلاء والأسعار التي وصلت الى حد لا يطاق، فقد وصل سعر علبة الحليب الى 14000 ريال يمني وكان لا يتعدى 5000 ريال".
وكل يوم تضيق الحال بالمواطن اليمني الذي أصبح دخله الشهري لا يتعدى الـ70 دولاراً أميركياً بعدما كان يعادل 300 دولار.
هبه البريدي تؤكد أن الحاجات تضيف الى ضرورات الغذاء الملحة الكهرباء والماء بسبب الحر في العاصمة الموقتة عدن في هذه الأيام، ولا تغفل مظاهر أخرى كانت من ضرورات استقبال رمضان كالزينة والأنوار في البيوت والشوارع.
وهكذا يعيش المواطن اليمني حياته متنقلاً بين معاناة استمرار الحرب وضياع الخدمات الضرورية، وغلاء فاحش وأمراض فتاكة من دون أي تحرك من جانب الحكومة الشرعية لإنقاذ الوضع الكارثي في اليمن الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية.