قالت الأمم المتحدة إنها «متفائلة بحذر» بخصوص التوصل إلى حل مع الميليشيات الحوثية بشأن موافقة الأخيرة على الوصول إلى خزان النفط العائم (صافر) الموجود قبالة ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة والذي يهدد بتسرب أكثر من مليون برميل من النفط الخام في مياه البحر الأحمر.
التصريحات الأممية جاءت خلال المؤتمر الصحافي اليومي، لنائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، حيث أكد فيها على أن الأمم المتحدة «تبذل قصارى جهدها لحل جميع القضايا اللوجيستية والترتيبات الأمنية العالقة».
وقال فرحان حق «أجرت الأمم المتحدة بعض المناقشات البنّاءة... هذا الأسبوع، وهي متفائلة بحذر بأننا نقترب أكثر من حل».
ونقل فرحان أن ثمّة حاجة إلى حل جميع القضايا العالقة «قبل أن نتمكن من تخصيص أموال مانحة إضافية لاستئجار السفن والمضي قدما في المهمة الفنية».
وأضاف: «يبدو أننا نسير في هذا الاتجاه». معربا عن أمله في الحصول على المزيد من الأخبار حول هذا قريبا. كما أشار إلى أن الأمم المتحدة «تود أيضا تسليط الضوء على الضرورة الملحة للتحرك في أسرع وقت ممكن».
وتابع حق «عندما يتم وضع الترتيبات اللوجيستية، ستظل الأمم المتحدة بحاجة إلى وقت لحجز السفن وتأكيد الطواقم، ونشر المعدات واتخاذ جميع الترتيبات الضرورية الأخرى»، وقال: «كلما أسرعنا في الاتفاق على كل شيء، أسرع هذا العمل في البدء».
وكانت الأمم المتحدة قد بدأت بالاستعدادات لنشر البعثة والتزمت حتى الآن بما يصل إلى 3.35 مليون دولار أميركي لشراء المواد والتحضير لنشر الأفراد اللازمين للبعثة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، في بيان إنه في أعقاب الموافقة الرسمية التي وردت من جانب الحوثيين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 حول نطاق العمل الفني الذي ستقوم به بعثة الأمم المتحدة الفنية لناقلة النفط صافر، «قمنا بالتنسيق معهم من كثب بشأن العديد من القضايا اللوجيستية وكانت هذه المناقشات بنّاءة».
لكن دوغاريك أضاف أن المسؤولين الحوثيين أوصوا الأمم المتحدة بالتوقف عن بعض الاستعدادات في انتظار نتائج تلك المراجعة، «وهو ما من شأنه أن يخلق المزيد من التأخير للبعثة».
وأوضح المتحدث دوغاريك أن الأمم المتحدة طلبت من سلطات الأمر الواقع الحوثية أن تقدّم خطابا لتوفير ضمانات أمنية لتيسير استئجار سفن الخدمات المجهزة تقنيا التي تحتاج إليها البعثة. وقال «يؤسفنا أننا لم نتلق حتى الآن ردّا على طلباتنا المتكررة لتوفير هذا الخطاب، والذي ترتفع دونه تكلفة البعثة بمئات آلاف الدولارات».
وفي ضوء هذه التحديات - تقول الأمم المتحدة - يظل الجدول الزمني لنشر البعثة غير مؤكد، ويعتمد على استمرار جميع أصحاب المصلحة المعنيين في تقديم التسهيلات المطلوبة. كما تأمل أن تتلقى تجديدا لالتزام الحوثيين بحل هذه المسألة الملحة في أقرب وقت ممكن.
هذا التفاؤل الأممي كانت الحكومة الشرعية عبرت عن نقيضه، إذ ترى أن الميليشيات الحوثية تناور بهذا الملف لاستثماره لابتزاز المجتمع الدولي وتحقيق أهداف سياسية.
وفي حين تتعالى الأصوات اليمنية داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لإجبار الميليشيات على السماح بوصول الفريق الأممي لتقييم الناقلة وإجراء الصيانة الضرورية، كانت الحكومة اليمنية جددت «تحذير المجتمع الدولي من مخاطر كارثية لتسرب أو غرق أو انفجار ناقلة النفط صافر» الراسية قبالة ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة (غرب).
وقال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني في تصريحات رسمية سابقة إن قنبلة صافر الموقوتة سيكون لها انعكاسات خطيرة على حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، تفوق بأضعاف النتائج المترتبة على حادثة جنوح سفينة إيفرغيفن وانسداد المجرى الملاحي بقناة السويس.
كما حذر الوزير اليمني من مخاطر استمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية في التلاعب بهذا الملف واستخدامه مادة للضغط والابتزاز السياسي، مؤكداً استعداد الحكومة للموافقة على تفريغ الناقلة وتحويل عائدات شحنة النفط المخزنة والمقدرة بمليون برميل لصالح صرف رواتب الموظفين وفق كشوف 2014 لتلافي وقوع الكارثة.
ودعا الإرياني «المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للعب دور محوري لتلافي وقوع الكارثة، وممارسة مزيد من الضغط على ميليشيا الحوثي لوقف تلاعبها بالملف والسماح للفريق الأممي بالصعود للناقلة وتقييم وضعها الفني وتفريغ أو قطر الناقلة التي باتت تمثل تهديدا جديا لحركة الملاحة الدولية».
وفي فبراير (شباط) الماضي كانت الحكومة الشرعية جددت دعوة المجتمع الدولي للضغط على الجماعة الحوثية من أجل تفادي الكارثة المحتملة وإجبار الجماعة على الرضوخ لوصول الفريق الأممي لمعاينة الناقلة وصيانتها المبدئية.
وجاءت الدعوة في بيان لوزارة الخارجية على إثر تصريحات أممية أبدت القلق من وجود مؤشرات على تراجع الحوثيين عن القبول بوصول الفريق الأممي إلى متن الناقلة كما هو مخطط له في أوائل مارس (آذار).
وقال البيان اليمني «لقد حذرت الحكومة اليمنية مرارا من مماطلة ميليشيا الحوثي الإرهابية وتلاعبها بملف خزان صافر الخطير واستخدامه للمساومة وابتزاز المجتمع الدولي دون اكتراث للتحذيرات والعواقب الناجمة من أي تسرب وشيك لأكثر من مليون برميل من النفط وتأثيراته البيئية والاقتصادية والإنسانية الوخيمة على اليمن ودول المنطقة والملاحة الدولية».