رئيسا المخابرات الفرنسية: بلادنا لن تقع فريسة للكراهية

تقارير وحوارات
قبل سنتين I الأخبار I تقارير وحوارات

في مقابلة حصرية لصحيفة الفيجارو «Figaro» أجراها الصحفيان جان شيشيزولا وكريستوف كورنفان، مع المدير العام للأمن الخارجي (DGSE)، برنار إيمييه (Bernard Émié )، والمدير العام لـ الأمن الداخلي (DGSI)، نيكولا ليرنر (Nicolas Lerner )، كشفا عن الجانب السرى من الصراع الذي لا يرحم.

رئيسا المخابرات الفرنسية في الوقت الذي تحتفل فيه فرنسا بالذكرى الخامسة لهجمات 13 نوفمبر 2015، في أسوأ هجوم على الإطلاق ضرب البلاد منذ الحرب العالمية الثانية؛ حيث قتل 137 شخصًا وجرح 413، يصيغ رئيسا المخابرات الفرنسية بانوراما مدهشة للتهديد الإسلاموي لأراضينا ولبقية العالم. فمنذ عام 2015، تعرضت فرنسا لـ 20 هجومًا. وفشلت 19 هجمة أخرى، واعتبارًا من عام 2013، تم إحباط 61 مشروعًا إرهابيًّا من خلال العمل المنسق لأجهزة مكافحة الإرهاب.

وفي حوارهما الحصري مع الفيجارو كان تشخيصهما بلا هوادة. حيث كشفا أنه مازالت توجد العديد من المراكز الإرهابية، يسعى «داعش» إلى إعادة بناء نفسه ولا يتم استبعاد التهديد بشن هجوم أكثر تعقيدًا.

• لوفيجارو: - في 13 نوفمبر 2015 تعرضت فرنسا لأسوأ هجوم في تاريخها. ما الدروس المستفادة من الأساليب والوسائل المستخدمة في مكافحة الإرهاب؟

نيكولا ليرنر: - بعد هذه الهجمات الدنيئة، رفعت السلطات السياسية بشكل كبير سقف الموارد البشرية والمالية والقانونية للشرطة وأجهزة المخابرات. في نهاية هذه الولاية الرئاسية التي تبلغ خمس سنوات، سيكون 2000 موظف إضافي قد انضموا إلى المديرية العامة للأمن الداخلي( DGSI )، التي تضاعفت ميزانيتها في غضون خمس سنوات. 

برنارد إيميه: - منذ عدة سنوات، تعززت موارد (DGSE) أيضًا، ولا سيما من خلال أحدث قانون «البرمجة العسكرية». لقد اكتسبنا 1300 وكيل إضافي للمخابرات، ومنذ ذلك الحين وخلال عشر سنوات أصبحنا الآن أكثر من 7000 عضو. نحن اليوم نتشارك مع جهاز ( DGSI )، كل شيء، فقد مررنا من مرحلة «أبناء العمومة البعيدين»، إلى أن أصبحنا اليوم «إخوة متواطئين معًا». وتم اعتماد خطة عمل لمكافحة الإرهاب معًا في عام 2018. فقد تم تعيين المديرية العامة للأمن الخارجي داخل وزارة القوات المسلحة، تحت سلطة الوزيرة فلورنس بارلي (Florence Parly)، كقائدة في مكافحة الإرهاب خارج حدودنا، وذلك لتنسيق عمل جميع أجهزة استخبارات وزارة القوات المسلحة فيما يتعلق بقيادة العمليات الخاصة.

• نفذ أفراد مجهولون السبع هجمات الأخيرة، بينها ثلاث في الشهر الماضي، كيف يتم اكتشاف مثل هذه التشكيلات؟

نيكولا ليرنر: - لقد تغير التهديد الإرهابي في سنوات قليلة. فحتى عام 2017، كان مقصورًا على عمل أفراد مسجلين في شبكات أو على اتصال مباشر بالمقاتلين في مناطق المعارك. أما اليوم، فلم يعد الدعم المادي ولا التحريض المباشر من الشبكات شرطًا ضروريًا لارتكاب عمل إرهابي، لقد أصبح توقعه أكثر تعقيدًا.فقد تتطور الراديكالية من خلال الدعاية الإرهابية التي تظل، حتى في حالة الانحدار، مرنة على الشبكات الاجتماعية. كما أنها نابعة من أيديولوجية تنشر كراهية للجمهورية الفرنسية ولقيمنا. لذلك، لم تعد هناك صورة نموذجية للمقاتل الإرهابي، الذي يمكن أن يكون سجله الإجرامي ومستوى تأهيله الديني متغيرًا للغاية، والذي قد يعاني أحيانًا من ضعف أو إضطراب نفسي.

برنارد إيميه: - صحيح أن الهجمات من النوع «المنخفض التكلفة» تكاد تكون غير قابلة للكشف لأنها تتطلب القليل من التخطيط. لكن العمل الذي قمنا به، سواء في الاستخبارات أو في عرقلة الأمور، جعل من الصعب على منظمات مثل «داعش» تنفيذ هجمات مخطط لها ومعقدة، حتى لو كان من الممكن تخيلها دائمًا. إذ يعتمد التهديد «ذاتي النمو» على شبكات التلقين والتلاعب والتحريض التي تستهدف الأفراد الذين غالبًا ما يكونون صغارًا جدًا وغير معروفين لأجهزتنا، والذين بشكل عام أصبحوا راديكاليين مؤخرًا. ولكشفهم، من الضروري مراقبة الروابط على شبكات التواصل الاجتماعية ووكالات دعاية القاعدة والدولة الإسلامية وحتى الشبكات المعادية للفرنكوفونية المترسخة في مسارح الجهاد.

• كرد فعل على هذه الهجمات، ألا تخشون وجود كرايستشيرش (الإرهابي الشيشاني قاطع رقبة المعلم الفرنسي) على الطريقة الفرنسية من جانب المتعصبين؟ 

نيكولا ليرنر: - من المهم أن نتذكر أولًا أنه منذ عام 2015، شهدت فرنسا 20 هجومًا، و19 هجومًا أخرى فشلت، ومنذ عام 2013، تم إحباط 61 مشروعًا من خلال العمل المنسق لأجهزة مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، فإن الفرنسيين لم يسقطوا قط، على ما يبدو، في الفخ المزدوج الذي نصبه الإرهابيون: الانقسام والتفرقة من جهة والخلط بين الإرهاب والإسلام من جهة أخرى، والذي يمكن أن يقود مجموعة من الناس لاتهام أشخاص بسبب جنسيتهم أو دينهم، بينما هنا تمارس الغالبية العظمى من المسلمين عقيدتهم بطريقة سلمية تمامًا، في إطار احترام قوانين الجمهورية وحمايتها. 

* تم إطلاق سراح المئات ممن أدينوا بالإرهاب أو سيتم إطلاق سراحهم قريبًا بعد أن قضوا مدة عقوبتهم. كيف نواجه هذا التهديد الكبير؟

نيكولا ليرنر: - اعتبارًا من 10 نوفمبر، نظرًا لالتزام أجهزة وزارة الداخلية والعدل بتحديد واعتقال الأشخاص الخطرين، يوجد في السجون الفرنسية 503 معتقلين من فئة "TIS" أي الارهابيين المدانين أو المتهمين بأعمال إرهابية. يضاف إليهم 758 محتجزًا بسبب جرائم القانون العام لكنهم تطرفوا أو يشتبه في تطرفهم.

منذ عام 2015، تم إطلاق سراح أكثر من 150 محتجزًا من (TIS) بعد نهاية مدة عقوبتهم. تم أخذ كل ذلك في الاعتبار من قبل أجهزة المخابرات. في المستقبل، تشير التوقعات إلى 64 عملية إطلاق سراح من محتجزي TIS في عام 2021 و46 في عام 2022. وكلما مرت السنوات، ستواجه المخابرات سجناء أكثر قسوة، محكوم عليهم بأحكام أشد.

*في مواجهة الإرهاب الهائل على نحو متزايد، كيف عزز مجتمع المخابرات هذه الروابط في السنوات الأخيرة؟ وما التحسينات المطلوب إجراؤها؟

برنارد إيميه: - في يونيو 2017، قدم رئيس الدولة خارطة طريق واضحة لثلاثة أشخاص كان قد عينهم للتو: المنسق الوطني للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بيير دي بوسكيه، المدير الحالي لمكتب وزير الداخلية، ورئيس DGSI، لوران نونيز( Laurent Nuñez)، التنسيق الوطني للاستخبارات ومكافحة الإرهاب CNLRT الحالي، وأنا على رأس DGSE.

نيكولا ليرنر: - إن الرمز الملموس لهذا «الاندماج» بين أجهزة مكافحة الإرهاب هو الطاقم الدائم الذي يضم جميع أجهزة المخابرات والقضاء. إذا كان التبادل موجودًا بالطبع من قبل، فهو الآن فوري لأنه في الحرب ضد الإرهاب، كل ثانية مهمة. بشكل ملموس للغاية، على مدى 24 ساعة في اليوم، و7 أيام في الأسبوع، في القاعة الكبيرة التي تضم الموظفين الدائمين، يمكن لكل خدمة موجودة الوصول إلى قواعدها وتبادل المعلومات. على الرغم من أن التقدم لا يزال ممكنًا في مجال الموارد البشرية لتسهيل تبادل الأفراد بين أجهزة المخابرات، فإن «مجتمع الاستخبارات» لم يرق أبدًا، في مواجهة التهديد الإرهابي الحالي، إلى مستوى اسمه كما هو الحال اليوم. يجب أن يقتنع الفرنسيون بذلك، مهما كانت خدماتهم، ومهما كانت مهنتهم، يعمل رجال ونساء المخابرات بهدف واحد فقط: حمايتهم.