الإستنفار العسكري في عدن وعلى مشارفها يُنذر بتهديد اتفاق الرياض

تقارير وحوارات
قبل 3 سنوات I الأخبار I تقارير وحوارات

تشهد العاصمة اليمنية الموقتة عدن استنفاراً عسكرياً وتبادل اتهامات بين المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على المدينة وبين القوات التابعة للحكومة الشرعية التي تقف على مشارف أبين القريبة.

 

وطالب المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية بالعودة إلى العاصمة عدن لتوفير الخدمات وإلا فإن "الخيارات أمامه مفتوحة"، في وقت بدأ فيه فعليا بحشد قواته العسكرية إلى محافظتي عدن وأبين جنوب البلاد.

 

ويقول الكاتب الصحافي صلاح السقلدي رداً على أسئلة  لـ" النهار العربي" عن تهديدات المجلس الانتقالي انه "فضلاً عن المطالب السياسية وبالذات في ما يتعلق ببنود اتفاق الرياض فإنه يطالب الحكومة بشكل اساسي بالاضطلاع بمهامها بتوفير الخدمات وتحديدا الكهرباء وصرف الرواتب وضرورة الانتظام بصرفها، فغياب الخدمات وترديها وتعثر تسليم الرواتب وتدهور الوضع الصحي كل هذه التحديات وغيرها ضاعفت من الضغوط الشعبية على الانتقالي واصبح مستقبله على المحك".

 

ويتابع: "رغم ان الانتقالي هو من يصر على عودة الحكومة الى  عدن ويتعهد حمايتها إلا انها تقول ان ثمة مخاطر امنية تتهددها، خصوصا بعد اقتحام متظاهرين غاضبين مقرها  في معاشيق منتصف أذار (مارس) الماضي، لكن في تقديري ان السبب الحقيقي لخروج الحكومة من عدن نابع من فقدان الثقة بين الطرفين وتعثر تنفيذ اتفاق الرياض واشكالية أي البنود الذي يسبق تنفيذه الآخر، اهو الشق العسكري كما تصر الحكومة ام السياسي الذي يشدد عليه الانتقالي، وهذه الاشكاليةـ  التي تمثل عُقدة منشار هذا الاتفاق الذي صار مهددا بالفشل ـ هي ما تسعى السعودية الى حلها خلال الايام القادمة بعد ان استدعت أخيرا طرفي الاتفاق الى الرياض ومن المتوقع ان يتم لقاء  بينهما قبل نهاية  هذا الشهر بإشراف المملكة."

 

ويضيف:"يمتلك الانتقالي اورق ضغط على الحكومة لإجبارها على العودة وتنفيذ ما عليها من تعهدات منها الجانب العسكري وورقة الموارد المالية في المحافظات الواقعة تحت سيطرته كالتلويح بإعادة تفعيل قرار الادارة الذاتية الخاص بتوريد الموارد المالية الى حسابات خارج البنك المركزي الذي ألغاه ـ  اعني القرارـ قبيل التوقيع عل اتفاق الرياض".

 

ويرى السقلدي أن دخول القوات التابعة للحكومة الشرعية عدن مستحيلا، عسكريا وسياسيا، فعلى الصعيد العسكري لدى الانتقالي قوات عسكرية  لا يستهان بها ودعما امارتيا على صعد عدة، كما ان الشرعية تدرك فداحة وخطورة اي اقتحام لعدن، خصوصا في ظروف معارك مأرب المهددة بالسقوط بيد الحوثيين. 

 

وعلى الصعيد السياسي، فالسعودية وان كانت تفضل الضغط العسكري على الانتقالي إلا انها لن تسمح بأي معارك داخل عدن، لاعتبارات اهمها ان اي اقتتال في عدن في هذا الوقت سيعني للرياض فشلا سياسيا ذريعا في وقت تتلمس فيه الخروج من هذه الحرب( الورطة) التي تعاني منها منذ ست سنوات، فصدام بين حليفيها سيمثل لها وللتحالف عموما اعلان وفاة لهذا التحالف وهزيمة سياسية قاسية أمام العالم، كما سيعتبره الحوثيون انتصارا ثمينا لهم أمام الداخل والخارج وسيضاعف لديهم شحنة معنوية عسكرية على جبهات القتال وعلى مأرب تحديدا، وهذا ما لا يرغب به التحالف أبدا، كما ان الحسابات الاقليمية بين الرياض وطهران ستكون حاضرة لمصلحة الاخيرة في حال حدوث اية انتكاسة للسعودية بعدن.

 

وفي 18آيار (مايو) رأس  رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي اجتماعا لمناقشة القضايا المتصلة بالوضع الخدماتي المتردي في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب، وفي مقدمتها تردي خدمة الكهرباء، حذر خلاله من أن أي تحايل من  جانب الحكومة في تنفيذ التزاماتها، يضع المجلس الانتقالي أمام مسؤولياته الوطنية تجاه شعب الجنوب للإيفاء بالحد الأدنى من الالتزامات تجاه هذا الشعب، مؤكداً أن كل "الخيارات مفتوحة أمام المجلس وشعب الجنوب".

 

وتعليقا  على الأزمة التي تشهدها عدن بفعل التهديدات التي يطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي يقول الصحافي محمد علي محسن لـ "النهار العربي" ان "الانتقالي يعيش أزمة سياسية غير مسبوقة، ومثلما يقال خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وخطاب الانتقالي يمكن قراءته كذلك، إذ اعتاد التهديد والوعيد، والحقيقة أنه ليس بقادر على فعل شيء تجاه الأزمات الاقتصادية والخدمية والبنيوية التي تسبب بها نتيجة محاولاته التمسك بخيارات سياسية صعبة، فالانتقالي جزء من الشرعية والتحالف العربي وفي   الوقت نفسه يقدم ذاته كعراب لفك الارتباط وتخليه عن الشرعية والتحالف، هذه الثنائية خلقت وضعية هلامية لا تستقيم مطلقا مع ابجديات اي فعل سياسي موضوعي، ومطلبه أن يظل مستحكما بمقدرات السلطة في هذه المحافظات وأي عودة للحكومة أو الرئاسة لعدن ستكون نهاية له ولمشروعه السياسي، هذا هو هاجس قادة الانتقالي وأتباعهم المستميتون لأجل شعارات وخطابات عفا عليهاالواقع".

 

وعن عودة الحكومة الى عدن يرى محسن انه "يجب أن لا تكون هذه العودة كسابقها، فلا بد من ضمانات سياسية وأمنية وعسكرية، وليس فقط تنفيذ الشق العسكري، الذي سيعني لها وجود حماية أمنية لوجودها في عدن، ويجب أن لا تكرر خطاء الأمس القريب حين راهنت على النية الحسنة، واذا بها رهينة الانتقالي وقواته، وقد رأى العالم تلك المهزلة، فلم تجد الحكومة بدًا من مغادرة قصر المعاشيق".

 

ويؤكد محسن أن "الانتقالي لا يمتلك أي خيار سياسي من دون أن يكون مسنودا من الامارات او السعودية، وقد فعلها سابقا حين إعلانه الإدارة الذاتية، وإذا به لا يستطيع فعل شيء حيال قضايا حيوية بالجملة، على العكس كان القرار حملا ثقيلا عليه ولولا اتفاق الرياض لربما ذهب الانتقالي الى المجهول".

 

وفي ظل تأهب القوات التابعة للحكومة الشرعية على مشارف أبين واستعدادها لخوض معركة جديدة يشرح أن "هنالك مشروعين سياسيين متصادمين، وما لم يتخل الانتقالي أو الشرعية عن رؤيته، ستبقى الحالة متأزمة ومفتوحة على كل الخيارات العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية، وما يحدث في أبين وشبوة وحضرموت يمكن اعتباره محاولة لإثبات وجود أمام التحالف والداخل، وباعتقادي أن اللجوء الى العنف سبقت تجريبه، ومهما بدت لغة السلاح مجدية إلا أنها في النتيجة لا يبنى عليها طال الزمن أم قصر.

 وفي المحصلة القوة لا تؤسس للاستقرار سياسي، وعلى قادة الانتقالي مراجعة حسابهم، وإعادة التفكير في مسارهم الذي بمضي الوقت يزيد ابتعادا عن مصالح الناس وتطلعاتهم. والحرب إذا ما حدثت فهي لن تزيد الحالة الا تعقيدا وتأزيما، ومع ذلك اعتقد أن خيار الحرب مكلف جدا، ومن يرسم الانتصار أو الهزيمة على الأرض هو دول التحالف، وتحديدا السعودية والإمارات، وان كنت اعتبر أن السعودية صارت الآن أكثر تأثيرا في مجريات الأحداث في عدن وجوارها".

 

ويذكر محسن بأن "الحكومة، للأسف، عادت فترة وجيزة وظلت مكتوفة الأيدي، فلم تستطع مغادرة قصر المعاشيق، واذا كان هناك من جهد فهو طفيف وله صلة بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمرتبات وسواها، ومع ذلك وئدت تلك الجهود بفعل جملة من الأسباب الناتجة في الأساس من وجود أزمة سياسية بين الشرعية والانتقالي، فطرف يعمل لأجل دولة يمنية اتحادية فيدرالية وطرف آخر يكرس جهده وفعله لأجل مشروعه الآخر المتمثل باستعادة دولة الجنوب إلى حدود ما قبل عام ١٩٩٠، ولكم أن تتخيلوا حجم المأساة التي يتجرع اليمنيون جميعا كأسها المرة نتيجة لهذه الثنائية".

 

وكان مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور عبدالله العليمي أكد في مؤتمر صحافي سابق ان "هناك جهودا مقدرة للمملكة العربية السعودية في هذا الجانب، بما في ذلك دعوة المجلس الانتقالي إلى الرياض لنزع فتيل التصعيد واستئناف تنفيذ باقي الاستحقاقات وفي المقدمة منها الأمنية والعسكرية".

 

 ويأتي هذ التصعيد في وقت تشهد عدن احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الأمنية والخدمية والاقتصادية، حيث حمل المتظاهرون المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية والتحالف العربي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.