منتحلًا هوية سائح إيراني وبجواز سفر مزور، دخل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني السابق، الذي اغتيل في غارة أمريكية يناير 2020؛ سرًا إلى الأراضي المصرية في عهد الإخوان 2013، ضمن فوج سياحي إيراني به عدد من قيادات الحرس الثوري لزيارة العتبات المقدسة بناء على ما هو معلن، إلا أن الهدف الخفي كان رغبة الإخوان وقتها في تأسيس حرس ثوري مصري على غرار الحرس الثوري الإيراني، يكون مواليًا لهم ويحميهم من أي خطر.
حرس ثوري مصري
ولتنفيذ ذلك المخطط، التقى «سليماني» وقتها بقيادات الإخوان في عدة أماكن، وعقد لقاءات مع المرشد العام للإخوان محمد بديع، والنائب الأول لمرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر في مدينة نصر، ثم في منطقة التجمع شرق القاهرة، والأقصر جنوب مصر، وتناول اللقاء بين «الشاطر» و«سليماني» كيفية تشكيل حرس ثوري تابع للرئاسة المصرية، بقيادة الرئيس المعزول الراحل «محمد مرسي»، يكون بديلًا للأجهزة الأمنية المصرية ومواليًا في المقام الأول للإخوان.
وحول تكوين هذا الحرس الثوري، أكدت مصادر أمنية مصرية علمها بتفاصيل اللقاء بين «سليماني» والإخوان، مبينة أن تشكيل الحرس الثوري الذي كان يسعى الإخوان لتدشينه في مصر سيكون من طلبة كليات التربية الرياضية وكليات الحقوق، وسيتم تدريبهم لمدة 6 أشهر في أكاديمية الشرطة، وبعد تلقي التدريبات اللازمة يتم إلحاقهم للعمل في حماية المقار الإخوانية، والإطاحة بأي عنصر في الأجهزة الأمنية غير موالٍ للإخوان، وهذا هو المخطط الذي اتفق عليه «سليماني» مع الإخوان، تحت عنوان «إعادة هيكلة وزارة الداخلية المصرية».
ضربة قاصمة
وتمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من توجيه ضربة قاصمة لـ«سليماني» والإخوان، إذ قامت أولًا بإلغاء قرار أصدرته الحكومة الإخوانية وقتها، والذي بموجبه يسمح للسياح الإيرانيين بزيارة مصر ضمن أفواج سياحية، رغم أن العلاقات بين مصر وإيران منقطعة منذ الثورة الإسلامية الإيرانية 1979، بل وحذرت الأجهزة المصرية قيادات الإخوان من المضي في تنفذ ذلك المخطط.
ولكن الضربة الأشد، قيام الأجهزة الأمنية المصرية بإرسال صور وفيديوهات ومقاطع صوت لقائد فيلق القادس السابق على هاتفه الشخصي، بها جميع اجتماعاته مع قيادات الإخوان وجوازات سفره المزورة التي دخل بها مصر، الأمر الذي دفع بـ«سليماني» لمغادرة مصر على الفور ومعه الفوج السياحي المزعوم الذي رافقه، وكان يضم عددًا من قيادات الحرس الثوري، ومن بعدها لم يقم قائد فيلق القدس بزيارة مصر مرة أخرى.
زيارة الإخوان لطهران
وفي فبراير 2020، عقد منتدى تحت عنوان «دور سليماني في أمن واستقرار المنطقة والعالم»، كشف فيه «أمير حسين عبداللهيان» مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية الذي زار مصر 2012، عن تبادل الزيارات بين مسؤولين إيرانيين وقيادات إخوانية خلال حكم الإخوان لمصر، لمحاولة استنساخ حرس ثوري.
وفي هذا المنتدي، أعلن «عبد اللهيان» أن هناك وفدًا مصريًّا إخوانيًّا قام بزيارة العاصمة الإيرانية طهران وطلب وقتها بلقاء «سليماني» ولو لخمس دقائق، قائلًا، «قالوا لنا إن مرسي طلب منهم لقاء سليماني.. وقالوا إن سليماني يدعم الثوار، وهذا الأمر جيد جدًا بالنسبة لنا أن نقول في مصر إننا التقينا الجنرال سليماني»، مبينًا أن قائد فيلق القدس التقي بهم وتبادل معهم التحية.
قدوة للإخوان
وحول أسباب تلك الزيارة، قال المفكر الإسلامي « ثروت الخرباوي» في تصريحات صحفية له، إن «سليماني» كان يمثل نموذجًا وقدوة غاية في الأهمية للإخوان، بل وكانوا يحثون شبابهم على الاقتداء به، ولذلك استعان الإخوان به أثناء محاولتهم الاعتصام في 2013، الأمر الذي دفع قائد فيلق القدس لزيارة القاهرة على الفور من أجل نجدة الجماعة، لافتًا إلى أن ما يدل على اقتداء الإخوان بـ«سليماني» إقامة سرداق عزاء له في تركيا حينما اغتالته واشنطن يناير 2020.