اتهم المستشار الرفيع للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جيفري دولارنتيس، إيران باتخاذ خطوات تصعيدية تتعارض مع واجباتها في الاتفاق النووي لعام 2015، مؤكدا أن إدارة الرئيس جو بايدن ستواصل استخدام كل الأدوات المتاحة لمواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار ولتعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأخرى، ومنها القراران 1701 و2216 اللذان يحظران إرسال الأسلحة إلى «حزب الله» في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن.
ووردت هذه المواقف خلال جلسة عقدها أعضاء مجلس الأمن هي الأولى له في عهد بايدن في شأن تطبيق القرار 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي. واستمع أعضاء مجلس الأمن إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو التي استهلت كلامها بالإشارة إلى أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش لطالما اعتبر أن خطة العمل هي الطريقة الفضلى لضمان أن البرنامج النووي الإيراني سلمي حصراً» وأن القرار 2231 «أمر حاسم للهيكل العالمي لعدم الانتشار النووي، والأمن الإقليمي والدولي». واعتبرت أن تنفيذ الخطة والقرار تحسن بشكل كبير منذ الاجتماع الأخير للمجلس في ديسمبر (كانون الأول) 2020، مضيفة أن سحب الولايات المتحدة لرسائل سابقة في شأن خروجها من الاتفاق كان «خطوة أولى وضرورية لمعالجة انقسامات مجلس الأمن ولتمهيد الطريق لمحادثات فيينا غير المباشرة الجارية حالياً بين واشنطن وطهران. واعتبرت أن هذه الجهود الدبلوماسية في فيينا تقدم فرصة حرجة لعودة الطرفين إلى التنفيذ الكامل والفعال للخطة»، وكررت ما أورده الأمين العام في تقريره الأحدث لجهة مناشدة واشنطن بالعودة عن جزاءاتها ضد إيران.
- نشاطات غير متسقة
قدر المستشار الرفيع للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جيفري دولارنتيس ما أورده غوتيريش في تقريره، بما في ذلك لجهة «النشاطات غير المتسقة مع القرار» والتي تقوم بها إيران. وقال إن إيران «تواصل تجاهل البند الذي يدعو إيران إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية»، مضيفا أن الولايات المتحدة «تتقاسم المخاوف» التي عبرت عنها بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى إسرائيل في شأن نشاطات الصواريخ الباليستية الإيرانية.
ورفض تأكيدات روسيا وإيران بأن هذه الأنشطة لا يغطيها القرار 2231. واتهم إيران باتخاذ «خطوات تصعيدية»، إذ إنها «تتجاوز الحدود النووية لخطة العمل»، موضحا أنها «تواصل تركيب وتشغيل أعداد وأنواع من أجهزة الطرد المركزي خارج حدود الخطة، بالإضافة إلى إنتاج كميات ومستويات تخصيب من اليورانيوم تتجاوز بكثير حدود الصفقة، بما في ذلك التخصيب حتى 60 في المائة من اليورانيوم 235، وإنتاج معدن اليورانيوم».
وحض المسؤول الأميركي إيران على «الامتناع عن اتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية والعودة إلى التنفيذ الكامل لجميع التزامات خطة العمل، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتحقق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورصدها وتنفيذها للبروتوكول الإضافي.
وعبر دولارنتيس عن تنديده بـ«دعم إيران للإرهاب»، لأنه «يهدد القوات الأميركية والموظفين الدبلوماسيين وشركاءنا في المنطقة وأماكن أخرى»، مؤكدا أن الولايات المتحدة «ستواصل استخدام كل الأدوات المتاحة لنا لمواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ولتعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأخرى للتصدي لانتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية، بما في ذلك حظر القرار 1701 للنقل غير المرخص به للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى (حزب الله) في لبنان، وحظر 2216 نقل الأسلحة والأعتدة ذات الصلة إلى الحوثيين في اليمن».
- غوتيرش يطالب برفع العقوبات
وكان غوتيريش لاحظ في تقريره الأحدث عن تنفيذ الخطة والقرار 2231 أنه «شهد تطوراً كبيراً» خلال الأشهر الستة الماضية. ورحب بانضمام الولايات المتحدة مجدداً إلى الخطة، معبراً عن «تفاؤل» حيال النشاطات الدبلوماسية التي جرت أخيراً في اللجنة المشتركة وحولها منذ أبريل (نيسان) 2021 في شأن ما سماه «الاتفاق التاريخي» لأن ذلك يتيح للولايات المتحدة وإيران «فرصة للعودة إلى التنفيذ الكامل والفعال للخطة والقرار 2231». وقال: «أناشد الولايات المتحدة أن تقوم برفع أو إلغاء جزاءاتها المبينة في الخطة، وتمديد الإعفاءات في ما يتعلق بالاتجار بالنفط مع إيران»، بالإضافة إلى «تجديد الإعفاءات بالكامل لمشاريع عدم الانتشار النووي في إطار الخطة». ورأى أن «هذه الخطوات ضرورية لتيسير تنفيذ الخطة والقرار 2231 بشكل كامل وسليم، وإتاحة الفرصة لحصول الشعب الإيراني على فوائد ملموسة من الخطة».
غير أن غوتيريش عبر في الوقت ذاته عن «سلسلة من الخطوات المثيرة للقلق»، والتي اتخذتها إيران بغية تقليص التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي بموجب الخطة، في إشارة إلى القانون الذي أصدرته السلطات الإيرانية في ديسمبر 2020 تحت عنوان «خطة العمل الاستراتيجية لرفع الجزاءات وحماية مصالح الأمة الإيرانية». وطالب النظام الإيراني بالعودة إلى «تنفيذ الخطة بشكل كامل»، داعياً إياها إلى أن «تراعي بعناية الشواغل الأخرى التي أثارها المشاركون في الخطة والدول الأعضاء الأخرى في ما يتعلق بالقرار 2231 وأن تعالجها». ورأى أن خطة العمل والقرار «يشكلان نجاحاً للدبلوماسية المتعددة الأطراف وعدم الانتشار النووي، ولا يزالان يحظيان بكامل دعم المجتمع الدولي بشكل أعم»، معتبراً أنه «ينبغي للدول الأعضاء، ولا سيما في المنطقة، أن تشجع على إيجاد بيئة ملائمة للجهود الدبلوماسية الجارية، وأن تتجنب الخطابات والإجراءات الاستفزازية التي قد يكون لها أثر سلبي على تلك الجهود أو على الاستقرار الإقليمي»، في إشارة يبدو أنها موجهة إلى الانتقادات الإسرائيلية للجهود التي تقوم بها إدارة الرئيس جو بايدن للعودة إلى «الامتثال التام» لموجبات الاتفاق النووي.
ولفت غوتيريش إلى أن دولاً أعضاء «لفتت انتباهي وانتباه رئيس مجلس الأمن إلى معلومات وآراء أعربت عنها تتعلق بقيام إيران بعمليات متعددة لإطلاق القذائف التسيارية واختبار مركبة إطلاق فضائية»، مضيفاً «لم أتلق أي معلومات رسمية في شأن عمليات نقل تمت على نحو يتعارض مع الفقرة 4 من المرفق باء للقرار 2231».
- غموض في مستقبل «فيينا»
إلى ذلك، يواجه الدبلوماسيون الذين أجروا مفاوضات على مدار أشهر لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني احتمال حدوث تأخيرات جديدة ومخاطر متزايدة بأنهم سيفشلون في إعادة إحياء الاتفاق.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن أربعة مصادر القول إن المفاوضين لن يجتمعوا في فيينا هذا الأسبوع كما كان مخططا، وإنهم غير متأكدين من موعد عقد جولة سابعة من المفاوضات.
ونقلت الوكالة عن مصدرين آخرين أن التوقعات بين المفتشين النوويين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية تضاءلت هي الأخرى. وأن الاتفاق المؤقت «أقرب إلى الفشل من التمديد».
ويأتي هذا مع انتهاء أجل اتفاق مراقبة مؤقت كان تم التوصل إليه بين إيران ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، دون أية مؤشرات على تمديده، ما قد يزيد من تعقيد المحادثات.