قد لا تمتلك الكثير من الخيارات حال أردت دخول دهاليز القرن السادس عشر، أبرزها زيارة شبام التاريخية في وادي حضرموت شرق اليمن، ومشاهدة الإبداع المعماري لصروح بنيت عند حواف المرتفعات الصخرية. تسحرك المدينة التاريخية بجمالها الأخاذ ومبانيها الشاهقة المبنية من طين صمد أكثر من خمسة قرون، ما جعل المندهشين بجمالها يطلقون عليها تسميات عديدة أشهرها «مانهاتن الصحراء»، وأجبر منظّمة اليونسكو على وضعها على قوائم التراث العالمي.
تضم المدينة أكثر من 500 من المباني الشاهقة. وعلى الرغم من تأثرها بالتغيرات المناخية والفيضانات، إلّا أنّها لا تزال شامخة تستحضر الأجواء الضاربة في عمق التاريخ، فيما أكسبها ارتفاع المباني الطينية شهرة كبيرة وصيتاً واسعاً جعل البعض يسميها أقدم ناطحات سحاب بـ «مانهاتن» أو «شيكاغو» الصحراء. (عدن - البيان)
بنيت شبام المصّممة على شكل مستطيل محصّن مقسم إلى شوارع وساحات، عند محطة مهمة للقوافل على طريق تجارة التوابل والبخور واللبان عبر الهضبة الجنوبية لجزيرة العرب، عند جرف أو منحدر صخري يرتفع مئات الأمتار فوق قاع الوادي، لتحل محل سابقتها التي دمّرها جزئياً فيضان جارف في عامي 1532 - 1533، فيما لم يسلم من ذلك الفيضان سوى المسجد الذي يعود إنشاؤه إلى القرن التاسع، والقلعة التي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر. سطع نجم شبام قبل الإسلام، حتى صارت عاصمة مملكة حضرموت في عام 300 للميلاد بعد تدمير عاصمتها السابقة شبوة الواقعة في أقصى غرب وادي حضرموت. وقام التجار العائدون من آسيا، في القرن التاسع عشر، بتجديد المدينة المسورة وإنعاشها، ما أدى إلى توسعها في اتجاه الضفة الجنوبية للوادي مكونة ضاحية جديدة هي الساحل.