دفع الميليشيات الحوثية بحشد من عناصرها وأبناء قادتها للدراسة في المعهد العالي للقضاء الخاضع لها (غير شرعي)، بعدما قامت بالاستغناء عن خدمات الآلاف من الضباط في الداخلية والمخابرات وضمت عشرات الآلاف من عناصرها إلى قوام الدفاع.
وتعتقد مصادر مطلعة في صنعاء أن كثيراً من المنتسبين الجدد لمعهد القضاء رسبوا في اختبارات القبول، فيما يذهب آخرون إلى اتهام الجماعة بإلحاق طلبة لا يحملون مؤهلات جامعية، وهو إخلال لما ينص عليه القانون، وذلك ضمن خطتها للسيطرة على السلطة القضائية والتحكم مستقبلاً بالجهاز القضائي.
يشار إلى الحكومة اليمنية الشرعية كانت قررت نقل المعهد العالي للقضاء من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث بدأت فيه الدراسة منذ عام 2018، مع تأكيدها على عدم الاعتراف بالخريجين في المعهد الخاضع للحوثيين في صنعاء.
ووفق مصادر عاملة في معهد الانقلابيين للقضاء «فإنه وبعد أن صدر قرار قبول المتقدمين للدراسة بالمعهد العالي للقضاء للعام الماضي من الذين اجتازوا جميع الاختبارات تفاجأ الجميع وبعد أيام قليلة أنه تم إلحاق 74 من الطلبة الراسبين وأولهم نجل القيادي المنتحل صفة رئيس مجلس القضاء الأعلى.
أما بقية هؤلاء فهم من أولاد أو أقرباء قضاة وقيادات متنفذة في القضاء، مع أن قانون المعهد العالي للقضاء في شروط القبول للدراسة في المادة رقم 22 قد نص على أن يكون الملتحق حاصلاً على تقدير لا يقل عن جيد جداً وفي حالة الضرورة ألا يقل عن تقدير جيد.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن الميليشيات واصلت هذا العام الدفع بعناصرها إلى المعهد العالي للقضاء حيث دفعت وزارتا الدفاع والداخلية في حكومة الميليشيات بأكثر من 120 منتدباً للدراسة في المعهد العالي غالبيتهم من العناصر الأمنية في الميليشيات في حين أن وزارة الدفاع والداخلية قبل الانقلاب كانت تنتدب خمسة طلبة للدراسة ممن تنطبق عليهم شروط القبول في المعهد، وبهدف تغطية احتياجات جهاز القضاء العسكري فقط.
ووصف أحد المصادر ما حدث من قبول لطلبة لا يحملون مؤهلات أو ممن رسبوا في اختبارات القبول، والدفع بالمئات من العسكريين والأمنيين بأنه «تأميم طائفي وسلالي شامل للمعهد وللسلطة القضائية مستقبلاً، وهدم لكل المعايير القانونية والاعتبارات الأكاديمية والوطنية».
وفي بيان أصدره مجموعة من المحامين تضامناً مع المستبعدين هاجموا فيه القرار الحوثي القاضي باستبعاد وإقصاء بعض طلبة المعهد العالي للقضاء الدفعة 24 دراسات عليا، والدفعة الأولى دبلوم العلوم جنائية الذين حصلوا على المراتب الأولى واجتازوا جميع مراحل القبول بنجاح، مؤكدين أنه جرى استبعادهم دون سبب شرعي وقانوني.
وقال المتضامنون: «بحسب البيانات التي طالعناها في سياسة القبول وجدناها على عكس غرار سياسات القبول المعمول بها في السنوات السابقة بل والمعمول بها على كافة الأنظمة الخارجية والتي تتمحور في تجاهل معيار المفاضلة أهم وأسمى المعايير التي تقوم على أسس اختيار الكفاءات والحاصلين على أعلى الدرجات - دون أدنى سبب دستوري أو قانوني يسوغ لهم ذلك والتي تعد شرعنة منهم في اختيار وإقصاء من يريدون بعيداً عن نظر القانون والرأي العام».
ووصفوا القرار الذي أصدره وزير العدل في حكومة الميليشيات الانقلابية بـ«التعسفي»، وأنه يمس «أسس العدالة والمساواة ويعد خرقاً صارخاً للدستور والقانون وإجحافاً بحق أولئك المظلومين المتفوقين الجديرين بشغل مثل تلك المقاعد القضائية التي تعتمد على الكفاءة والجدارة في المقام الأول».
وأعلن المحامون في بيانهم تضامنهم الكامل واستعدادهم المطلق للوقوف مع قضية الطلبة والطالبات المقصيين المستبعدين على كافة الأصعدة القانونية، ورفع دعوى إدارية أو أي تظلم أمام الجهات والمنظمات المدنية دون أي مقابل، للمطالبة بإلغاء القرار الحوثي لمخالفته للدستور والقانون باعتبار ذلك «أقل واجب»، بحسب تعبيرهم.